هل سيستثمر أردوغان اتفاق منبج في الانتخابات؟

د. هدى رزق

الاختلاف على تفسير الاتفاق الذي جرى بين وزير الخارجية الأميركي بومبيو وووزير خارجية تركيا مولود جاويش اوغلو في ما يتعلق بمنبج وبمضمونه الفعلي لا زال يلقي بظلاله. فواشنطن تصارع من أجل الموازنة بين العلاقات مع تركيا، الحليف الأساسي للناتو، وشركائها الأكراد السوريين في الحرب ضدّ داعش.

يرى وزير الدفاع جيمس ماتيس أنّ سورية هي «ساحة المعركة الأكثر تعقيداً التي شاهدها على الإطلاق. وقال انّ واشنطن تعمل مع تركيا، وليس ضدّها. فالإدارة الأميركية تسعى الى التعاون العسكري مع وحدات الحماية الكردية السورية بوعود مبهمة، اما أنقرة فهي تؤكد أنّ هذه العلاقة ستنتهي حالما تهزم داعش، لكنها ترى ازدواجية في تعامل الإدارة الأميركية.

اكدت مسألة منبج انعدام الثقة في العلاقات التركية الأميركية لأنّ الولايات المتحدة كانت قد فشلت في الوفاء بوعود قطعتها بانسحاب قوات حماية الشعب من المدينة بعد هزيمة داعش 2016.. أتت هذه الصفقة بعد تهديدات تركيا بـ «أنّ منبج هي التالية». وأنّ عفرين كانت بمثابة إيقاظ لواشنطن ودعوة لدفعها إلى وضع خطة منبج.

نصّت الاتفاقية على انسحاب وحدات حماية الشعب من منبج وإزالة الذراع السياسية للوحدات من مجلس منبج العسكري وتمّ الاتفاق على تمهيد الطريق أمام الدوريات الأميركية والتركية لمراقبة المنطقة. لكن يبدو أنّ أحد المسؤولين الأميركيين قال انّ نطاق خريطة طريق منبج هو إطار للتعاون أكثر من كونه اتفاقا قويا وسريعا هدفه الرئيسي مواجهة المواجهة المسلحة المحتملة من قبل تركيا.

تعتبر أنقرة أنها استطاعت دفع الولايات المتحدة عبر الطرق الدبلوماسية والعسكرية إلى التراجع بعد محادثات ترامب العديدة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان.

وهذا ما سيعطي دفعة قوية للرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الحاسمة في 24 حزيران/ يونيو. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من الأسئلة حول الاتفاق الذي أبرمته أنقرة وواشنطن. الا انّ تركيا تعهّدت في الإعلام بإخلاء المنطقة بأكملها على طول حدودها مع سورية، وصولاً إلى الحدود العراقية، من عناصر وحدات حماية الشعب، مع أو بدون دعم الولايات المتحدة، مما أثار شبح المواجهة العسكرية بين الحلفاء في الناتو.

وقال جاويش أوغلو للصحافيين الأتراك في واشنطن، عقب محادثاته مع بومبيو، إنّ خريطة الطريق المتفق عليها ستنفذ وفقا لجدول زمني. وصرّح للتلفزة التركية إنّ هذا يستلزم طرد وحدات حماية الشعب الكردية من منبج وإخلاء عناصرها والشرطة من الإدارات المحلية وإقامة هياكل أمنية وإدارية مشتركة للمدينة من قبل تركيا والولايات المتحدة. وانّ «هناك موعداً واضحاً، ولكن هذا يعتمد على الخطوات التي نتخذها مع أصدقائنا في هذا المجال». وقال انه يتحدث عن عدد قليل من الاشهر، وليس ستة أشهر أو نحو ذلك.

أكد المسؤولون الأميركيون النية في نهاية المطاف على نقل مقاتلي وحدات حماية الشعب من منبج إلى الشرق من نهر الفرات، لكن هذا يتناقض مع تصريحات جاويش أوغلو التي تفيد بأنّ نموذج منبج سيُستخدم في تطهير وحدات حماية الشعب من كل شمال سورية وصولاً إلى الحدود العراقية.

بيان بومبيو اظهر انّ الاتفاق مع تركيا حول منبج لا يعني أنّ الولايات المتحدة تتخلى عن قوات سورية الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب عمودها الفقري.

لكن الاتفاق يدعو إلى إزالة كوادر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في غضون 90 يوماً. أما الأمر الأساسي والذي يزيد من تعقيد الأمور فهو أنّ هذه المدينة المتنازع عليها هي موطن لبعض الوحدات الأكثر صلابة في القتال في قوات سورية الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تضمّ وحدات حماية الشعب والوحدات العربية. أين يقف حزب الاتحاد الديمقراطي ازاء هذا الموضوع؟

صحيح انّ القيادة الأميركية المحلية تريد المساعدة من الأكراد، إلا انّ تركيا بدأت الآن تشعر بالرضا إزاء ما تعتقد أنه تمّ الاتفاق عليه مع الولايات المتحدة في منبج حتى الآن لكن سيعتمد الأمر على التطورات في هذا المجال.

يحذر الخبراء من أنّ الجماعات الكردية المدعومة من البنتاغون يمكن ان تتمرّد ولقد بدأت «قسد» تدعو الى محاورة الدولة السورية من دون ايّ شروط.

لا زال البنتاغون يواجه قضايا ثقة مع تركيا، مدفوعة جزئياً بالمرارة المستمرة بأنّ أنقرة أبطأت وصول الولايات المتحدة إلى قاعدة أنجرليك الجوية للحملة ضدّ داعش في عام 2015.

على الرغم من أنّ تركيا تعهّدت مراراً وتكراراً بقتال داعش في الرقة، الا انّ مسؤولون أميركيون قالوا إنّ أنقرة لم تتمكن من جمع ما يكفي من الجنود للمعركة، وفقاً لتقرير صادر عن المجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث في واشنطن.

من المرجح أنّ إدارة دونالد ترامب تنظر إلى تركيا كجزء من مجموعة عسكرية أوسع نطاقاً لتأمين المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش، حسب الخبراء. لا سيما بوجود قوات فرنسية. يريد فريق ترامب التوصل إلى اتفاقية مع تركيا لا يتخلى عبرها عن قوات سورية الديمقراطية، كما يريد تثبيت منطقة لحلف شمال الأطلسي في شمال سورية.

حسب هؤلاء الخبراء ستحتاج العناصر الكردية إلى ضمانات أمنية أميركية مماثلة لمنطقة حظر الطيران التي قادتها الولايات المتحدة في المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي في العراق في عام 1990.

بحصول تراجع للوحدات عن منبج يكون الرئيس التركي قد حصل على المنطقة الآمنة التي لطالما طالب بها، فهل سيبقى لأستانة فائدة بالنسبة إليه؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى