تفجيرات سيناء… والدور المصري في حرب أوباما

عامر نعيم الياس

تميّز الدور المصري في الحرب الأميركية على إرهاب «داعش» في العراق وسورية عن باقي الدول العربية المحسوبة على المحور الأميركي. فالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حاول الإبقاء على مسافةٍ واضحة بين متطلبات الأمن القومي المصري، ومتطلبات التحالف مع البيت الأبيض سياسياً وعسكرياً، ومع السعودية وبعض ممالك الخليج وإماراته اقتصادياً. وعليه أيّدت القاهرة القرار 2170 الخاص بمحاربة «داعش» و«النصرة»، الصادر عن مجلس الأمن الدولي بالإجماع، وشارك وزير خارجيتها سامح شكري في اجتماعي جدّة وباريس اللذين خصّصا لحشد الدعم على هذه الحرب وفقاً لرؤى الدولة المستضيفة ومصالحها. التزام سياسي غير مصحوب بعسكري سواء بالمشاركة في الغارات الجويّة للتحالف أو حتى تأمين اي دعم بالخبراء والمستشارين العسكريين المصريين. رفض للمشاركة ليس نهائياً بل مشروط بتوسيع دائرة التنظيمات المستهدفة، وشن حرب شاملة على الإرهاب لا ترتبط بتنظيم ما يسمى «داعش»، بل يتعدّاه إلى كافة التنظيمات التي تتبنى الدين برنامجاً سواء الإخوان المسلمين، أو التنظيمات المسلّحة في مصر ومحيطها الحيوي من «أنصار بيت المقدس» في سيناء، إلى «أنصار الشريعة» في ليبيا، و«جند الله» في الجزائر، فضلاً عن جناح القاعدة في أفريقيا والساحل.

بقي التمايز بين واشنطن والقاهرة على حاله، وبالتالي رسمت حدود المشاركة المصرية في ائتلاف واشنطن، فهل ما زال الأمر على حاله في ضوء التفجيرات الأخيرة في سيناء؟ ما الذي تحمله التصريحات الغاضبة للرئيس عبد الفتاح السيسي؟

طرح السيسي فور حدوث العمليات الدموية التي استهدفت الجيش المصري في سيناء، خطاباً زاوج بين إصرار الدولة المصرية على مكافحة الإرهاب في البلاد، واتهام أطراف خارجية بالوقوف وراء مقتل أكثر من ثلاثين جندياً مصرياً وجرح عشرات آخرين، وبالتوازي مع ذلك أبرزت التسريبات الإعلامية المصرية ما أسمته استخدام الأنفاق في رفح على الحدود مع قطاع غزة من جانب الإرهابيين الذين نفذوا سلسلة العمليات الموجعة ضد الجيش المصري، في مؤشر واضح على توجّه القيادة المصرية لتشديد الإجراءات الأمنية والعسكرية على الحدود مع قطاع غزة، بما يحقق رؤى القيادة المصرية الحالية في ملف العلاقة مع إخوان فلسطين، ويفتح الباب أمام بازار جديد للتفاوض حول حدود الدور المصري في حرب أوباما، وذلك عبر ما يمكن تسميته ربط الملفات، أي التعاون في الحرب الأميركية على «داعش» يرتبط بما تقدمه الدول الغرية وتحديداً واشنطن في ملفي الحرب الحالية التي يمهد لها الجيش المصري في سيناء، والعلاقة مع تنظيم الإخوان المسلمين، الذي يصر الغرب حتى اللحظة على استخدامها كأداة ضغط على الحكم الجيد في مصر، والمثال في ذلك في موقف الكونغرس من المساعدة العسكرية لمصر، ورفض تسليم الجيش المصري صفقة طائرات «آباتشي» تساعده في حربه في سيناء، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، الواضح أن السيسي باتهامه جهاتٍ خارجية يحاول تحييد دور القوى الإقليمية وفي مقدمها تركيا وقطر، عن لعب دور مساعد في مشروع تفتيت المنطقة العربية والذي بدأ يظهر على مجمل أراضي الجمهورية المصرية، وإن كانت سيناء في بؤرة التركز الإعلامي الآن.

إن الشروط السابقة ليست بجديدة، لكن تفجيرات سيناء أعادتها إلى الواجهة مع توجّه نهائي لدى القيادة المصرية السياسية والعسكرية لحسم الأمور على الأرض في إطار رؤية شاملة للحرب على التطرف في المنطقة، تضمن في بعض بنودها أمن بعض القوى اللإقليمية المؤثرة في صنع القرار داخل الولايات المتحدة الأميركية.

وهنا تقول افتتاحية صحيفة «تايمز» البريطانية: «لمصر مصالح مشتركة مع الغرب، خصوصاً في ما يتعلق بالحرب التي يشنها ضدّ تنظيم «داعش». يترتب على أميركا العمل مع حلفاء غير مثاليين في المنطقة من أجل إحباط مخططات الخصم ووحشيته، وعليه يجب على الغرب تقبل نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحائز ثقة الكثيرين من أبناء شعبه، والماضي في حرب لهزيمة التطرف الإسلامي في بلاده».

كاتب سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى