الوجه الآخر!

في الفيلم العالمي « knight The DarK » لعب الممثل هيث ليدجر شخصية الجوكر، لقد تقمّص هذه الشخصية إلى درجة أنّه لم يستطع أن يعود إلى شخصيته الحقيقية بعد انتهاء التصوير، فأصيب بانفصام حاد واكتئاب شديد سيطر عليه، ليموت بعد ذلك بجرعة زائدة من عقاقير الاكتئاب.

كثيرون مَن يتقمّصون شخصيات مختلفة عنهم تماماً أو يقلدون الآخرين لحصد الإعجاب أو لغايات شخصية نحن بغنى أن نعرفها أو نتعرّف عليها.

وطرائف كثيرة نسمع بها أو نقرأها ونستمتع بها. ومن الطرائف التي قرأتها مؤخراً. تقول إحداهنّ: ناقشت زوجي في موضوع كان قد كتب عنه على صفحته في الفيسبوك وهو لا يعرفني لأنني أملك حساباً آخر باسم مستعار. فكان ردّه: أحترم رأيك يا راقية، كلك ذوق. مع أنني ناقشته الموضوع إيّاه في البيت فقال لي: قومي اطبخي ولا تعملي حالك مثقفة !

وقس على هذه الطرفة الكثير منها، وبالأخص على مواقع التواصل الاجتماعي. قلّة من الناس مَن يظهرون في مواقع التواصل بالوجه الحقيقي الذي يحملونه في حياتهم اليومية. وإن كانت طرفة الزوجة مع زوجها مختلفة، إلا أنّ أمثالها يحدث كثيراً. يحدث أن يوزع أحدهم ورود العالم الإلكتروني كلّه على من تكتب له تعليقاً أو إطناباً وهو طوال حياته لم يُهدِ زوجته وردة!

يحدث أن يكتب أحدهم مقالاً عن حرية التعبير وهو في بيته كفرعون في أهل مصر، لا يريهم إلا ما يرى!

وكثيرون من دعاة الحرية وبناء الشخصية تسيّرهم زوجاتهم بالريموت كونترول!

والعكس صحيح، هناك أشخاص جبناء لو مرّ أحدهم بجانب شرطي المرور ترتجف ركبتاه وتصطك أسنانه وتراه على صفحاته يطالب بالحرية. وهي بالطبع حق لكل إنسان وليست خطيئة، ولكنّ الخطيئة أن يتبطح أحدهم تحت المكيف، بيده كوب شاي، ويبدأ يكتب على صفحته ويصنف الناس، فلان وطني، فلان عميل، وهو كالهر الأليف أمام مديره في العمل ولو شاهد صورة لمديره على صفحة ما يبدأ بنشر معلقات المديح ويأتي بأشعار لم نسمع عنها لا في الجاهلية ولا في الإسلام! تُرى لو كانت الصورة لمجرد زميل لا رئيس كيف سيكون الرد؟ لو جاءت الإجابة أنّ الثاني له الأولوية في المدح، ثق أنّ الأمر يحمل شبهة نفاق ومداهنة، بل رشوة نفسية مغلفة بحجج مقدسة، ما يؤكد وجود عطب في النيات. لذا سنتفق أنه محض عته أن يكون الإنسان كثير المجاملة لدرجة اللامبالاة… ما يهمنا في كل ما يكتب أن يتعامل المرء مع الموضوع على مبدأ: خذ القول ودع القائل! ثمّ إنّه لأمر جيد أن يخبر الإنسان الآخرين بالصواب، وإن لم يكن يفعله!

صباح برجس العلي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى