بري ممثلاً بقباني: يوفّر 97 في المئة من حاجات مصر وتتعدى عليه دول المنبع خدمةً لمصالحها

تتشارك حوض النيل دول عربية في أسفل النهر، وغير عربية في أعاليه، حيث تشهد تلك التي في الحوض الأعلى مستوى متساقطات كبيرة تجعلها غير محتاجة إلى مياه النيل كثيراً. ولكن في المرحلة الحالية، تعمل هذه الدول على إنشاء سدود على البحيرات العليا للحوض، مما يؤثر في مجرى النهر، خدمةً لمصالحها.

وعلى رغم ازدياد اهتمام الأمم المتحدة في سياق ما يسمى ديبلوماسية المياه، عبر محاولاتها نزع فتيل أي توتر في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، المنطقتين الأكثر عرضةً لخطر الصراع المسلح بسبب شح المياه، إلا أنّ الحلول لم تتوافر حتى الآن، لكن في المقابل، تزداد درجة الأخطار على منابع المياه في أكثر من دولة عربية، كما ترتفع حدّة المواجهة للسيطرة على مسار هذه الأنهر.

وأكّد النائب محمد قباني أنّ «الخطر على المياه العربية واضح في أكثر من مكان، فحصّة مصر من مياه النيل تتعرّض لتعدٍّ من بعض دول المنبع، لا سيّما أثيوبيا، وأريتريا، وكينيا، بحيث باشرت أثوبيا إنشاء سد النهضة الذي سيصبح أكبر سدود أفريقيا»، لافتاً إلى أنّ «مطامح هذه الدول بمياه النيل غير مبرّرة لأنها تستطيع توفير أضعاف طاقة النهر من الأمطار الموسمية الغزيرة جداً»، مشدّداً على أنّ «النيل يوفّر 97 في المئة من حاجات مصر المائية».

كلام قباني جاء خلال افتتاح المؤتمر الدولي الأول بعنوان «المياه معضلة القرن الحادي والعشرين، حوض النيل تعاون أم تصادم؟»، في الجامعة اللبنانية – الحدث، ممثلاً راعي المؤتمر رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفي حضور وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش ممثلاً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والدكتور ربيع الدبس ممثلاً رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، والنائب حكمت ديب ممثلاً رئيس تكتل الاصلاح والتغيير النائب العماد ميشال عون، ورئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين.

كما حضر الدكتور حيان حيدر ممثلاً الرئيس سليم الحص، وسفراء إيران، والسودان، وفلسطين وممثل لسفير مصر، وعدد من عمداء فروع الجامعة ومديريها وحشد من الشخصيات السياسية، والعسكرية، والاجتماعية، والاقتصادية، والإعلامية، وبمشاركة خبراء من دول حوض النيل، ونخبة من الخبراء الدوليين والمحليين.

وأضاف قباني: «نرى بوضوح أصابع العدو الصهيوني، فـ«إسرائيل» تملك نفوذاً كبيراً لدى بعض دول منابع النيل، وتقوم بتسليح بعض جيوش هذه الدول وتدريبها، إضافة إلى أنّ دولاً عربية أخرى لا سيّما العراق، تتعرّض لنقص كبير في مياه دجلة والفرات، نتيجة عدد من السدود التي أنشأتها دول الجوار».

وأشار إلى أنّ «جامعتنا الوطنية مدعوة إلى توجيه اهتمامها إلى مسألة المياه في لبنان»، لافتاً إلى «الدراسات العلمية المستندة إلى الأبحاث والأرقام التي أعدها المهندس اللبناني العبقري ابراهيم عبد العال قبل أكثر من نصف قرن. وأنّ الحاجة ملحة بعد ستين عاماً إلى تحديث الأرقام والمعلومات»، مشيراً إلى أنّ «الرئيس بري اولى الاهتمام لدراسات عبد العال، وكذلك للمؤسسة التي تحمل إسمه «مؤسسة عبد العال».

كما شدّد على أنّ «مطامع «إسرائيل» في مياه لبنان واضحة وقديمة، تعود إلى إنشاء الكيان الصهيوني الذي كان يريد توسيع حدود كيان الاغتصاب شمالاً حتى نهر الليطاني، من أجل الإفادة من مياه النهر»، مشيراً إلى أنّ «أزمة الجفاف هذا العام في لبنان، قد علّمتنا أنّ العنوانين الأساسيين في معالجة حاجات المياه هما: التفتيش عن مصادر مياه جديدة وترشيد استهلاك المياه».

وأكّد الدكتور السيد حسين من جهته، أنّ «حوض النيل ليس فقط مهماً لمصر، والسودان، وللدول الافريقية الأخرى، بقدر ما هو مهم للأمن القاري وللأمن العربي»، مضيفاً أنّ «القانون الدولي العامل لم يتوصل بعد إلى اتفاق، أو وضع قوانين تحدّد طريقة إفادة الدول من استثمار المياه على الحوض، أو المجرى النهري نفسه، وطريقة توزيع هذه المياه إنّما تبقى مسألة السيادة بما تنطوي عليه من أوضاع اقتصادية، ومن عدد السكان، وما هناك من مؤشرات حول منسوب توزيع المياه». وتابع: «نحن نتكلم في إطار عام ضمن هذا المؤتمر الذي نرجو له النجاح ونتمنى أن تعقد مؤتمرات اخرى، ربما حول الليطاني، أو الحاصباني في لبنان، وأنهار سورية والعراق، لأنّ هناك عشرات الحالات التي تؤشر حالياً إلى وجود أزمة دولية حول الانهار الدولية، لا سيّما إذا ما علمنا أنّ البلدان الشحيحة في المياه يصل عددها إلى 80 دولة، وأنّ الشرق الاوسط وشمال أفريقيا هما من أفقر المناطق بالمياه وأكثر من 40 في المئة من سكان العام اليوم، يعانون قلة المياه العذبة اضافة إلى أنّ الزراعة مهددة في مناطق عديدة من العالم بسبب التصحر».

ولفت إلى أنّ «أهمية هذا المؤتمر تكمن في أن يقدم تصورات موضوعية حول نهر النيل، ودراسة جيوسياسية لكامل الدول المشاطئة لهذا النهر وحوضه، وتقويم دراسة في القانون الدولي العام علّها تساهم في اضاءة قانونية جديدة في اطار القانون الدولي، خصوصاً ان الامم المتحدة لم تصل إلى وضع قانون دولي حول طريقة اقتسام المياه للدول الواقعة على الحوض نفسه».

وشرح رئيس المؤتمر رئيس مركز الدراسات القانونية والإدارية والسياسية في الجامعة اللبنانية، الدكتور أحمد مللي «برنامج أعمال المؤتمر وأهميته على الصعيدين العربي والدولي في طرح الأفكار الآيلة إلى تطوير مفهوم استثمار المياه، العنصر الاول في حياة الإنسان والنبات».

وكانت كلمة للدكتور علاء ياسين ممثلاً وزير الري المصري الدكتور حسام مغازي، أشار فيها إلى أنّ «مصر تتعاون مع كلّ الدول الواقعة على حوض النيل لجهة التفاهم على استثمار الثروة المائية لمصلحة شعوب هذه الدول واقتصاداتها، وتقدم مصر كل العون لدول الحوض من اجل التنمية في كل المجالات وهي تعمل مع مراكز الأبحاث من أجل وضع الدراسات الكفيلة من أجل حسن الاستثمار».

وأشار وزير الري السوداني السابق إلى أنّ «حوض النيل تتشارك في أعاليه دول غير عربية، ودول عربية في أسفل النهر، وتلك التي في الحوض الأعلى تعرف مستوى متساقطات كبيراً يجعلها غير محتاجة إلى مياه النيل كثيراً، ولكن في المرحلة الحالية تعمل هذه الدول على إنشاء سدود على البحيرات العليا للحوض، مما يؤثر في مجرى النهر، خدمة لمصالحها، لا سيّما أنّ حوض النيل يقع ضمن مصالح الدول الكبرى التي لها مصالح اقتصادية في منطقة حوض النيل».

أما عميد كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية الدكتور كميل حبيب، فأشار إلى «أننا في كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية ضنينون بحقوق الأشقاء العرب في توفير أمنهم الغذائي»، لافتاً إلى أنّ «المكانة الجيو-استراتيجية لحوض النيل أضافت بعداً جاذباً للقوى الدولية من أجل ممارسة التدخل لحماية مصالحها المزعومة، فإلى جانب تمتعه بموارد مائية هائلة، فإنّ حوض النيل غني كذلك بالموارد الطبيعية مثل النفط، والألماس، واليورانيوم، والأخشاب».

كما أشار حبيب إلى «تزايد اهتمام الأمم المتحدة في سياق ما يسمى ديبلوماسية المياه عبر محاولاتها نزع فتيل أي توتر في شأنها في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، المنطقتين الأكثر عرضة لخطر الصراع المسلح بسبب شح المياه». وأضاف: «سيعالج هذا المؤتمر، وعلى المستوى الأكاديمي البحت، الاتفاقات الدولية التي أبرمت بين دول الحوض على مدى مئة عام، أي منذ اتفاق 1929 مروراً باتفاق 1959 ووصولاً إلى مبادرة حوض النيل عام 1999».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى