منصور: الهدف تطويق وعزل المحور المعادي لـ «إسرائيل» طبارة: من مصلحة الدول المتنازعة بقاء استقرار لبنان
يارا بليبل
تحت عنوان «انعكاسات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران، على لبنان والمنطقة العربية»، نظّمت اللجنة الثقافية في «ندوة العمل الوطني»، أول من أمس، حلقة نقاش في مركز توفيق طبارة، استضافت خلالها كلاً من وزير الخارجية الأسبق الدكتور عدنان منصور والسفير الأسبق للبنان في واشنطن الدكتور رياض طبارة.
بحضور ممثلي السفراء المعتمَدين في لبنان لكل من الجمهورية الإسلامية في إيران، الجمهورية العراقية والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى نخبة من الأكاديميين والمهتمّين.
استهلّ الدكتور منصور مداخلته، بمقاربة الاتفاق النووي من زاوية العلاقات الأميركية الإيرانية وتدهورها منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979 وحتى اليوم، باعتبارها شكلت مفصلاً أساسياً لتحوّل العلاقات بين البلدين من إطار التحالف في زمن الشاه إلى العداء إبّان الثورة الإيرانية.
وعزا أسباب العداء الأميركي لإيران إلى ما شهدته من تحوّل، تمثل باعتناقها سياسة مستقلّة بعيدة عن الاحتواء والتبعية واتخاذها نهجاً داعماً للقضية الفلسطينية وحركات المقاومة في فلسطين ولبنان، بالإضافة إلى ثوابتها في السياسة الداخلية الرامية إلى تحرير الاقتصاد من التبعية وانتهاج سياسات وطنية لتطوير البلاد على مختلف الصعد، وليس لاتباع إيران النهج الإسلامي.
وتطرّق منصور، إلى هواجس واشنطن من إيران مفنّداً إياها كالتالي:
– حرص طهران على إبعاد «العدو الغربي» وأساطيله وقواه العسكرية عن منطقة الخليج، والعمل على تعزيز القدرات العسكرية الإيرانية.
– الخوف من تجذّر الثورة الإيرانية وما يتبعه من تمدّد وانتشار لأفكارها في المحيط، خاصةً الخليجي منه، وما يشكّله مستقبلاً من خطر على المصالح الأميركية وحلفاء وشنطن في المنطقة الذين ارتبطوا بها أمنياً واستراتيجياً وسياسياً.
– تخوّف الغرب وواشنطن، من امتلاك إيران التكنولوجيا النووية ومن ثم حصولها على السلاح النووي.
– رفض إيران للوجود «الإسرائيلي» والعمل على إنهاء هذا الوجود، من خلال دعمها للمقاومة الفلسطينية مادياً وعسكرياً ولوجستياً.
– رفض أيّ تقارب أو تنسيق عربي إيراني، الأمر الذي قد يقلِّص النفوذ الغربي في المنطقة، فتلجأ بذلك إلى سياسة التهويل ضد إيران والترويج لتطلّعاتها بنشر المذهب الشيعي مستغلةً الحساسيات المذهبية في المنطقة.
وفي تعليقه على انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي الموقع في 14 تموز 2015، اعتبر منصور أنّ هذا الانسحاب سيعيد ترتيب التحالفات وتعزيز مراكز النفوذ لمواجهة الدور الإيراني في المنطقة، ما يتوافق مع رغبة «إسرائيل» الدّاعية إلى عمل عسكري ضد إيران.
وفي هذا السّياق، طرح منصور رؤيته القائلة بأنّ «إسرائيل» تريد إعادة الملف النووي الإيراني إلى المربع الأول، مراهنةً بذلك على إعادة ترتيب الأمور لصالحها، عبر طيّ صفحة القضية الفلسطينية نهائياً، وفرض الواقع «الإسرائيلي» على أمن ومستقبل المنطقة من خلال ما يُعرَف اليوم بصفقة القرن.
وختم بتسليط الضوء على أهداف خروج الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، بالتالي:
– تطويق وعزل أطراف المحور المعادي «لإسرائيل» وشلّ قدراته العسكرية، وتجفيف منابعه الاقتصادية والمالية.
– حصار إيران على الصعد كافة، ومنعها من الحصول على التكنولوجيا الدقيقة لصناعاتها المدنية والعسكرية.
– إحراج الرئيس الإيراني حسن روحاني المحسوب على التيار الإصلاحي، والضغط عليه لتقليص دعم إيران لحلفائها في المنطقة.
– دعم «إسرائيل» لتفرض الأمر الواقع من خلال إنهاء القضية الفلسطينية.
أمّا طبارة، فقد استعرض أسباب اعتراض إدارة الرئيس ترامب على الاتفاق النووي، مفنداً إياها كالتالي:
– رغبة ترامب بإلغاء إنجازات سلفه باراك أوباما.
– يريد ترامب بأن لا تكون للاتفاق نهاية، بمعنى أن لا تتمكن إيران حتى في المستقبل البعيد من الحصول على السلاح النووي، الأمر الذي لا يلحظه الاتفاق الموقع، حيث تنتهي مفاعيله عام 2030 وتكون إيران بعدها في حلٍ من تعهداتها بألا تسعى لامتلاك السلاح النووي.
– إنّ الاتفاق لا يشمل البرنامج الصاروخي البالستي الإيراني، والذي يرى فيه ترامب تهديداً لدول الجوار الإيراني، والنفط العربي، وبالأخص «إسرائيل».
– إنّ الاتفاق لا يلحظ أي بند يتعلق بإيقاف تدخل إيران بشؤون جيرانها.
وتطرّق طبارة، إلى رؤية إدارة ترامب لإيران في المنطقة، بوصفها غير مؤهّلة لأن تكون جزءاً من الحل لمشاكل الشرق، موضحاً بأنّ «شرق أوسط» ذا أغلبية سنية، تهيمن عليه إيران لن يكون مستقراً بل ساحة للصراع السني الشيعي، مبرّراً بذلك، سعي إدارة ترامب إلى تأسيس تحالف سني بقيادة السّعودية بالتعاون مع دول الخليج وبمساندة مصر ولربما تركيا مستقبلاً، يكون البديل عن النفوذ الإيراني السياسي والعسكري في المنطقة.
وأشار إلى أنّ المرحلة المقبلة ستشهد ضغطاً أميركياً متزايداً على إيران وحلفائها، سيترجم على هيئة عقوبات أميركية متزايدة، مع احتمال القيام بأعمال عسكرية محدودة كهجمات «إسرائيلية» في سورية لا ترقى إلى حرب إقليمية، على حدّ تعبيره.
وفي مقاربته للموضوع وتبعاته على لبنان، أكد السفير طبارة على رعاية المجتمع الدولي للأمن والسّلم الأهلي في البلاد، معتبراً أنّ لكل طرف من الدول المتنازعة على مساحة العالم العربي، مصلحة في استقرار لبنان، خاصة أميركا والسعودية من جهة وإيران من جهة أخرى.
وفي الختام، أعرب طبارة عن عدم اعتقاده باحتمال نشوب حرب «إسرائيلية» على لبنان في الأمد القصير، بسبب عدم توافر الغطاء الأميركي لها، مشدداً على أنّ انسحاب أميركا من الاتفاق النووي ليس حدثاً منفرداً، بل هو مرتبط بحالة «شرق أوسطية» معقدة ومتغيرة.