إبراهيم: نعتزم الشروع في اعتماد أفضل المعايير الدولية لتقييم المخاطر وتوسيع قاعدة تبادل المعلومات ومؤشرات التهديد المتعلقة بالأمن الوطني مع المؤسسات الأمنية اللبنانية

رنا صادق

حرصاً منها على أهمية أمن وأمان المواطن نظّمت المديرية العامة للأمن العام برعاية وحضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مؤتمراً بعنوان «التوعية من المخاطر الإسرائيلية عبر الفضاء السيبراني»، في مقرّ المديرية العامة للأمن العام ـ المتحف، وضمّ نخباً من الخبراء المختصّين، والأساتذة الجامعييّن، والقضاة، ومندوبين عن الأجهزة الأمنيّة والإعلامييّن.

إيراهيم الذي شدّد خلال المؤتمر على «الحاجة الملّحة إلى إيلاء هذا الشقّ الأمني عناية استثنائية لحماية الدولة ومؤسّسات القطاعين العام والخاص المرافق الحيوية، وقبل كلّ شيء، حماية حياة اللبنانيين وحرياتهم الخاصة. العكس من ذلك، يعني أنّ السيادة الوطنية من دون حصانة الأمن الرقمي منقوصة».

لم يعد كافياً عند الحديث عن تعرّض نظم لبنان وفضائه للاختراقات الأمنية والوطنية من قبل الاستخبارات «الإسرائيلية» التنبيه لمخاطر الحرب الشرسة تسمّى حرب الفضاء الالكتروني التي تندرج الأخطر حالياً، بل يجب اعتماد سياسات أمنية وحملات توعية للمواطنين تنبّههم لا بل تعلّمهم كيفية التجنّب التعرّض لانتهاك من هذا النوع في الفضاء الافتراضي عبر هواتفهم الذكية وكمبيوتراتهم، كما يجب تهيئة وتعليم الموظفين وعمّال البنوك والمستشفيات والقطاعات العامة والخاصة عن كيفية حماية المعلومات وتطبيقها والتعامل مع شبكة الانترنت.

للفضاء السبيراني العديد من الحسنات لكن في الوقت عينه سمح لفئات «الهاكر» من تطبيق اختراقات عمودية على شبكات ومواقع الانترنت التابعة لأيّ شركة، مؤسسة أو حسابات خاصة في العالم.

من هنا لا بدّ من الإشارة إلى الحرب السيبرانية التي تختلف عن الحرب العادية، بأنها أولاً، تختلف من جهة منفذي الهجوم، حيث يُختار في الحرب السيبرانية أشخاص ذو ذكاء عالي بينما الحرب العادية يمكن أن يقوم بها جاهلٌ. ثانياً أن لا خسائر بشرية في الحرب السيبرانية بل خسائر الكترونية تعتمد بالدرجة الأولى على السلاح الالكتروني، والجيش الالكتروني. كما ثمة اليوم ما يُعرف بالإرهاب السيبراني، وهو النوع الذي يروّج للأفكار والتنظيمات الإرهابية واستغلال معلومات المواطنين الخاصة لتحقيق مرادهم.

افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني اللبناني، ونشيد الأمن العام، وكانت الكلمة الأولى لمنسّق المؤتمر العميد نبيل حنون، استهلّها بالقول إنّ الفضاء السيبراني قد يكون له العديد من الحسنات، لكنه أفرز العديد من المخاطر والتحدّيات التي طالت القطاع الأمنّي بشكل خاص، وسائر مرافق الدولة بشكل عام.

وركّز على أهميّة الوعي للخطر المحدق بالفضاء اللبناني من الاختراقات «الإسرائيليّة» التي حصلت، أو المحتمل حصولها، والتعرّف إليها، والردّ عليها، واكتساب القدرة على مواجهتها، وتحصين الفضاء السيبراني اللبناني، لا سيّما المعلومات والخدمات والبنية التحتيّة التابعة لجميع القطاعات الحيويّة، ومكافحة الهجمات والتهديدات السيبرانيّة.

ودعا إلى حماية البنية التحتيّة للمعلومات، والفضاء السيبراني، من خلال عمل مشترك يتناول تبادل الخبرات، والفوائد بين المعنييّن في القطاع الأكاديمي، والتقني، والقانوني، والإعلامي.

وشدّد على أهميّة توعية المواطنين ليتصرّفوا بمسؤولية أكبر في الفضاء السيبراني، ومساعدتهم على مواجهة مخاطر الإنترنت، والهواتف الذكيّة. ودعا إلى تنظيم ورش عمل دوريّة لإطلاع القطاع العام والخاص، والمواطن اللبناني على التطوّرات والتغيّرات التي تستجدّ يوماً بعد يوم، وتحديد نقاط قوّة الأمن السيبراني اللبناني، ونقاط ضعفه لتلافيها، وإيجاد الحلول لها، وكذلك للاستفادة من الفرص الموجودة، ومواجهة التحدّيات المتوقّعة في عالم المعلوماتيّة.

وشدّد على أهميّة الترويج لثقافة وطنيّة للأمن السيبراني، مشيراً إلى ضرورة بناء القدرات البشريّة، وتخصّصها، وإدخال تحسينات على الجوانب الأمنيّة، ومسائل أخرى تتناول الخصوصيّة، والرسائل والبرمجيّات الضّارة، وتنفيذ برامج ومبادرات التوعية من المخاطر السيبرانيّة، والحلول الناجعة.

إبراهيم: الأمن السيبراني ركن في العقيدة الأمنية

أما المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم فأكد في كلمته «أنه لم يعد ممكناً الحديث عن السيادة والاستقلال والأمن الوطني من دون الأخذ جدياً في الاعتبار موضوع الأمن السيبراني، ينعقد مؤتمرنا هذا وهدفه التوقّف ملياً وبعناية شديدة أمام الأخطار البالغة الدقة التي يشكّلها الأمن الرقمي، التي تُضاف إلى مجموعة أخطار مُنطلقة من منصتي العدوّين «الإسرائيلي» والتنظيمات الإرهابية، اللذين لا يزالان يضربان لبنان ونتصدّى لهما بطاقاتنا القصوى. لا أخفيكم سراً أنّ الوقائع أثبتت الحاجة المُلحة إلى إيلاء هذا الشقّ الأمني عناية استثنائية لحماية الدولة ومؤسسات القطاعين العام والخاص والمرافق الحيوية، وقبل كلّ شيء، حماية حياة اللبنانيين وحرياتهم الخاصة. العكس من ذلك، يعني أنّ السيادة الوطنية من دون حصانة الأمن الرقمي منقوصة».

وتابع اللواء ابراهيم «إنّ العقد الأخير كشف دول العالم برمّتها أمام خطر الأمن السيبراني، وسرعة تطوّر آلياته القادرة على شلّ قطاعات كاملة في الدولة والأسواق وأعطابها، ناهيك بأنّ الجرائم الالكترونية إلى ارتفاع مستمرّ، في ظلّ عجز الأمن بمعناه المادي البحت والتقليدي عن كبح هذا الخطر، حتى أضحى كلّ ما هو «قاعدة بيانات» هدفاً يتراوح بين حدّي الابتزاز المادي أو الاستيلاء والتدمير. أمام هذا الواقع، يصبح كلّ فرد عرضة للاستهداف ما دام يستعمل الهاتف الذكي أو الكومبيوتر. لذلك فإننا معنيون، لا بل مُلزمون، بحماية مؤسساتنا وقطاعاتنا وخصوصياتنا التي تنتشر في فضاء الانترنت. هذا الالتزام يرتقي إلى حدّ الواجب، في ضوء الهجمات والخروقات «الإسرائيلية» السيبرانية المُنظمة التي تُشنّ على لبنان كله ومن دون تمييز. كذلك الأمر في ظلّ ما نجحت في تحقيقه المنظمات الإرهابية لجهة تطويع انتحاريين وشبكات وخلايا، مهمّتها تعميم الخراب والقتل وإسقاط الدولة اللبنانية على خط النار الممُتدّ من سورية حتى ليبيا. ونحن في هذا الصدد أسقطنا وأحبطنا ـ ولا نزال ـ العشرات من الشبكات التي تسعى يومياً إلى تجنيد عملاء للعمل لصالح العدو «الإسرائيلي»، وهي الحرب الأخطر التي نخوضها في أيامنا هذه».

وأضاف «جزء كبير من الحروب اليوم تشنّ على الفضاء السيبراني، عبر نسخ معلومات وسرقتها، أو تعطيل أنظمة شديدة الحساسية. صار كافياً أن تشنّ حكومة ما هجمة سيبرانية منظمة لاختراق قاعدة عسكرية عند دولة تفترضها هي عدوها، لتردّ الأخيرة بحرب عسكرية أو أمنية. الأكثر سوءاً في هذا الإطار أنّ مجموعات صغيرة ولأهداف أيديولوجية، أو أفراداً مميّزين بمهارات رقمية، صاروا قادرين في الحدّ الأدنى على ضرب أساسات مؤسسات تشكل نظماً اقتصادية وتجارية، وكحدّ أقصى إحداث قلاقل واسعة النطاق قد تتطوّر وتأخذ صفة اضطرابات إقليمية أو دولية. بين الأمرين أمست سيادة أيّ دولة في حاجة إلى اعتبار الأمن السيبراني ركناً في عقيدتها الأمنية» .

وتابع «الواقع هذا يستدعي ورشة تقنية تعتزم المديرية العامة للأمن العام الشروع في إطلاقها وفقا لما تجيزه الصلاحيات، وفي إطار الالتزام الكامل والحرفي النصّ القانوني لجهة حماية الحريات، وذلك عبر تخصيص شعبة تحدّد علمياً مخاطر الأمن السيبراني، من خلال اعتماد أفضل المعايير الدولية لتقييم المخاطر، وتوسيع قاعدة تبادل المعلومات ومؤشرات التهديد المتعلقة بالأمن الوطني مع سائر المؤسسات الأمنية اللبنانية».

وأشار إلى «أنّ التلكؤ عن هذا الواجب يعني قبولاً باستباحة السيادة الوطنية، وانتهاكاً لحرية اللبنانيين وخصوصياتهم. ما يجب التأكيد عليه في هذا الإطار أنّ النجاح يبقى رهناً بحسن التوظيف والتدريب والتعليم التقني والفني، على أن تولي الوزارت المعنية عنايتها القصوى لمناهج التعليم الرقمي، كون الذكاء الصناعي والتجاري والعلمي لا يمكن مواكبته بالمناهج القديمة والبرامج المعمول بها».

ختاماً قال «يجب علينا كمسؤولين في شتى الميادين الاستثمار بـ«السلامة السيبرانية» أو «السلامة الالكترونية»، بما يمكننا إدعاء تحقيق «الأمن المعقول»، لأن لا أمن مثالياً في عالم تحكمه شهيات مفتوحة للسيطرة والتحكّم ومنه عدوّان ما توقفا للحظة عن استهداف لبنان هما: «إسرائيل والتنظيمات الإرهابية».

الجلسة الأولى

وعندما انتهى راعي المؤتمر اللواء عبّاس إبراهيم من إلقاء كلمته، وزّع دروعاً تذكاريّة على المحاضرين ومديري الجلسات. وإثر ذلك عقدت الجلسة الأولى، تحت عنوان: «طبيعة الفضاء السيبراني، والتقنيات والتطبيقات المستخدمة ومخاطرها، وأساليب الوقاية».

تحدث في الجلسة كلّ من الدكتورة جنان الخوري، رئيسة القسم الحقوقي في مركز المعلوماتية ـ كليّة الحقوق ـ الجامعة اللبنانية. والدكتور إيلي نصر رئيس قسم الأمن السيبراني في جامعة «AUST » وأدار الجلسة الإعلامي ماجد بو هدير.

الخوري

قدّمت الدكتورة الخوري ورقة عمل عرضت فيها الإشكاليات المتعدّدة الأوجه، التشريعيّة، والتنفيذيّة، التي أفرزها الفضاء السيبراني، وتطبيق الخدمات التكنولوجيّة الحديثة، أبرزها معايير أمن المعلومات، وتحدّيات الأمن العابر للحدود، والحرب السيبرانية ووسائلها، أو حرب السايبر الخفيّة والناعمة ، والجيش السيبراني، والمراقبة الإلكترونيّة، والتجسّس السيبراني، والقرصنة الإلكترونيّة، ومدى تهديد مواقع التواصل الإجتماعي للأمن الوطني، ومدى ضبط الأمن السيبراني، ومدى جهوزية الدفاع السيبراني… وبشكل عام مدى إرساء بنية تحتيّة رقميّة للاندماج في البيئة الرقميّة العالمية، ومدى بناء قدرات متخصّصة، وتوعية الرأي العام.

وتطرّقت الخوري إلى دوافع اختراق الفضاء السيبراني، وصفات المخترقين، ونوعيّة ضحايا هذا الاختراق، مروراً بأهمّ الجرائم السيبرانية التي ترتكب ضدّ أمن الدولة الداخلي والخارجي، كالإرهاب الإلكتروني وغيره، وواقع هذه الاعتداءات والجرائم في لبنان لناحية التشريع، والتحقيق، والملاحقة، والعراقيل المثارة لا سيما الإثبات الإلكتروني، ومدى صحته.

وأكّدت أن الموضوع الأهمّ هو الذي يتعلّق بالسيادة الوطنية على قواعد البيانات، بحيث تبرز تحدّيات أمنيّة وتعاقديّة، لاسيما عمليات التنصّت، والتجسّس، واستراق السمع، وفئة عقود الإذعان، ومركز حفظ البيانات، والقانون الذي تخضع له، لا بل تشتّت المسؤولية الدوليّة إضافة الى مستجدّات التكنولوجيا الأكثر حداثة لا سيما العملات الرقميّة Bitcoin وانترنت الأشياء Internet OF Things ، والممارسات الفضلى في القوانين المقارنة.

وختمت عارضة لبعض الإستنتاجات والمقترحات، مع نافذة على المستقبل.

نصر

وتحدث رئيس قسم الأمن السيبراني في جامعة «AUST» الدكتور إيلي نصر عن الطرق العمليّة للهجمات الإلكترونيّة التي من شأنها أن تضرّ في سمعة الأفراد والمؤسسات، إن على الصعيد المالي او المعنوي، واستفاض في شرح أحدث الطرق التي يستخدمها القراصنة للولوج إلى الأنظمة المعلوماتيّة، وكيفيّة سرقة المعلومات والملفّات الحسّاسة التي تهمّ جميع الموظفين والشركات ومستخدمي جميع أنواع الأنظمة المعلوماتية، والهواتف المحمولة.

وقدّم نصر موجزاً عن إحصائيات الهجمات الإلكترونيّة بحسب الفئة، وعددّ أنواع الهجمات الأكثر شيوعاً وفتكاً على الصّعيد الشخصي والمؤسّساتي، ولخّصها بالآتي:

ـ هجمات فيروس دفع الفدية «Ransomware»

ـ هجمات البريد الإلكتروني عبر إعادة توجيه الـ«يو آر إل» ـ URL redirection .

ـ هجمات من خلال الدعايات الإلكترونيّة الخبيثة «Malvertising».

ـ الهجمات من خلال الذاكرة المنقولة «USB Flash Drivers».

وبعد أن أسهب في شرح وتفصيل كلّ بند، خلص إلى مجموعة من التوصيات التي وجدها ضروريّة للحدّ، أو منع الوقوع في شرك هذه البرمجيّات، منها: ضرورة تدريب الموظّفين على كيفيّة التعامل مع الملفّات مجهولة النوع والمصدر، ووجوب إتمام النسخ الاحتياطي يوميّاً للملفّات، وإنشاء دورات وبرامج توعية مكثّفة ومتواصلة على الأنظمة الجديدة للموظفين والإدارييّن.

الجلسة الثانيّة

وانعقدت الجلسة الثانية من المؤتمر تحت عنوان: «أساليب العدو الإسرائيلي في تجنيد الأشخاص»، وتحدث فيها مندوبون عن الأجهزة الأمنيّة، وأدارها الإعلامي إبراهيم عوض.

العميد القهوجي

وتناول ممثل قيادة الجيش العميد الركن أنطوان القهوجي موضوع المواجهة السيبرانية مع العدو الإسرائيلي، انطلاقاً من عناوين رئيسيّة ثلاثة: حجم العدو الإسرائيلي في الفضاء السيبراني، ووضع لبنان السيبراني، والخطر الذي يشكله العدو في قطاع الأمن السيبراني.

في العنوان الأول، رأى العميد القهوجي أنّ العدوّ الإسرائيلي قد تنبّه باكراً لخطورة وأهميّة المواجهة في الفضاء السيبراني، حيث باشر منذ زمن تطوير قدراته السيبرانيّة الهجوميّة والدفاعيّة، وفرض لنفسه موقعاً متقدّماً في عالم تكنولوجيا المعلوماتيّة والإتّصالات بشكل عام، وفي مجال الأمن السيبراني بشكل خاص بحيث أصبح ضمن أهمّ خمس دول عالميّاً في هذا المجال.

أما في العنوان الثاني الخاص بوضع لبنان السيبراني، فرأى أنّ لبنان يعاني تأخراً كبيراً في هذا المجال، ووفق تقرير مؤشر الأمن السيبراني العالمي الذي أعدّه الاتحاد الدولي للاتصالات، يأتي لبنان في المرتبة 118 على المستوى العالمي، وفي المرتبة 15 عربيّاً، في حين أنّ سلطنة عُمان حلّت في المرتبة الرابعة عالميّاً، والأولى عربيّاً. ورأى أنّ هذا التقرير المبني على تقييم جهوزية الدول من النواحي التشريعيّة، والتقنيّة، والتنظيميّة، وبناء القدرات، والتعاون، يظهر تأخر لبنان في كافة هذه النواحي، وأثار ذلك استغراب العديد من الخبراء الغربييّن، خصوصاً أنّ لبنان يتمتع بطاقات بشريّة متميّزة تشكل قيمة مضافة كبيرة للشركات العالميّة من خلال تبوئها لمراكز مرموقة داخل هذه الشركات.

وعدّد أهمّ أسباب التأخر، ومنها: عدم وجود جهد مؤسساتي، واستراتيجيّة موحّدة للنهوض بهذا القطاع، وضعف التعاون الداخلي بين القطاعات المعنيّة، والتأخر في إصدار القوانين، وإنشاء الهيئات والمؤسسات الضروريّة التي تعنى بالفضاء السيبراني، مثل الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، والافتقار إلى البيئة الضروريّة لتحفيز الإبداع في المجال السيبراني، وغياب حملات التوعية عن المخاطر السيبرانية.

واعترف بأنّ وضع الأمن السيبراني في لبنان قد شهد مؤخراً جهوداً جادة على المستوى الرسمي، ومن قبل بعض الجامعات والمؤسّسات، ورأى من ضمن أهمّ الخطوات التي تنفّذ حالياً: انتهاء لجنة تكنولوجيا المعلومات في المجلس النيابي من دراسة قانون المعاملات الإلكترونيّة والبيانات ذات الطابع الشخصي، وإحالته الى اللجان العامة لإقراره، والعمل على إنشاء هيئة وطنيّة لوضع استراتيجية وطنية للأمن السيبراني، وتطوير قدرات الأجهزة الأمنيّة، ووضع استراتيجيّات داخليّة للدفاع السيبراني.

أما في العنوان الثالث المتّصل بخطر العدو «الإسرائيلي» على لبنان عبر الفضاء السيبراني فرأى العميد الركن القهوجي أنّ لبنان موجود على خط مواجهة مباشرة مع العدو «الإسرائيلي» الذي يتقن إستخدام الفضاء السيبراني، وقد أصبح لاعباً رئيسيّاً على الخارطة العالمية للتقنيّات الحديثة في المعلوماتية والإتصالات والأمن السيبراني.

وأشار إلى أنّ السنوات الماضية أثبتت استخدام هذا العدو للفضاء السيبراني ضدّ لبنان عن طريق استخدام شبكة الإنترنت لتجنيد العملاء، واستخدام شبكة الإنترنت للتواصل مع عملائه، واستهداف البنى التحتية للاتصالات في لبنان، وزرع عدد كبير من منظومات التجسس على امتداد الأراضي اللبنانية.

وبعد أن عدّد نماذج عن الاعتداءات «الإسرائيليّة» السيبرانية خلال السنوات الماضية ضدّ لبنان خلص الى القول: لا مجال للوقوف في صفّ المتفرّجين، وعلى الكلّ تحمّل مسؤوليّاته في هذه المواجهة على مختلف الأصعدة الأمنيّة، والقضائيّة، والتشريعيّة، والتعليميّة، والإعلاميّة.

العقيد البستاني

وتناول العقيد في أمن الدولة المهندس سمير البستاني موضوع التوعية من المخاطر «الإسرائيليّة» عبر الفضاء السيبراني، فركّز بدايةً على الأشخاص المستهدفين للتجنيد من قبل العدو كالصحافيين والإعلاميين، والعاملين في السفارات والبعثات الدبلوماسيّة، والعسكرييّن، ومكاتب الطيران والمكاتب السياحيّة، بالإضافة إلى الفنّانين والرياضيّين، وخاصة الذين يقومون بزيارات إلى الخارج، واختلاطهم بأشخاص من جنسيات مختلفة.

وركّز على ضرورة توعية المواطنين، وخاصة الذين يشاركون في مؤتمرات او إجتماعات قد تضمّ مشاركين «إسرائيليّين» من الحذر من التواصل معهم، وعدم التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع «الإسرائيليّين»، أو قبولهم كأصدقاء عبر هذه الوسائل.

الرائد السلاك

وتحدث ممثل قوى الأمن الداخلي الرائد حسان السلاك عن «اعتماد استخبارات العدو «الإسرائيلي» على الشبكة العنكبوتية، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي في عمليّة التجنيد»، وأعطى أمثلة ونماذج، ودعا إلى نشر التوعية لدى المواطنين بوجوب التأكد، قبل ملء أيّ استمارة عبر الإنترنت، من حقيقة الجهة الطالبة، وإبلاغ الأجهزة الأمنيّة المختصّة عند الاشتباه بأيّ جهة خارجيّة يتمّ التواصل معها، بغضّ النظر عن مدى تطوّر العلاقة مع هذه الجهة، والتنبّه من التطبيقات المشبوهة عبر الهواتف الذكيّة، والتنسيق، وتبادل المعلومات حول التطوّرات المتعلّقة بهذا الموضوع بين الأجهزة الأمنية، وأصحاب الخبرات من تقنيين وأكاديميين.

النقيب فحص

كما تناول ممثل المديريّة العامة للأمن العام النقيب جهاد فحص موضوع «أساليب العدو «الإسرائيلي» في التجنيد الافتراضي»، معتبراً انّ الإنترنت ساحة تجنيد إضافيّة مهمّة، متوقّفاً عند وحدات التجنيد «الإسرائيليّة» عبر العالم الإفتراضي، مركّزاً على:

ـ «حستوف»، أو وحدة الاستخبارات المختصّة باستخلاص المعلومات من المصادر المفتوحة.

ـ وحدة 8200 المسؤولة عن التجسّس الالكتروني وقيادة الحرب الالكترونيّة.

ورأى أنّ الوحدتين تشكّلان عصب العمل الاستخباراتي «الإسرائيلي» في العالم الإفتراضي. وأشار إلى أنواع التجنيد في الفضاء الإفتراضي، وقال إنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام، التجنيد المباشر، والتجنيد غير المباشر المنحى السلبي والإيجابي ، والتجنيد الشبكي البسيط والمعقّد.

وبعد أن عدّد النقيب فحص نماذج عن المحاولات التي قام بها العدو «الإسرائيلي»، خلص الى التأكيد على ضرورة كشف الحسابات المشبوهة والوهميّة المرتبطة مع الجهات «الإسرائيليّة» لمتابعتها أمنيّاً، وحظر المواقع والمدّونات والتطبيقات الإسرائيليّة على شبكة الإنترنت اللبنانية، وتحصين الساحة الإفتراضيّة اللبنانية بحملات دعائيّة لمكافحة التطبيع «الإسرائيلي» وبكافة أشكاله، وعقد مؤتمرات توعوية لإعلام الجمهور حول المخاطر والعواقب القضائيّة جراء هذا العمل.

الجلسة الثالثة

تحدث في هذه الجلسة كلّ من القاضي وسيم شفيق الحجّار، المشرف على مركز المعلوماتية في وزارة العدل، ومديرة الوكالة الوطنية للإعلام لور سليمان.

حيث أشارت مديرة الوكالة الوطنية للإعلام لور سليمان إلى أنه في الوقت الذي أصبحت فيه وسائل الإعلام جزءاً أساسياً من حياة الشعوب والمجتمعات بفعل استجابتها ومواكبتها للتطورات والمستجدات الحاصلة في شتى المجالات الحياتية وقدرتها على الوصول إلى الجماهير ومخاطبتها والتأثير فيها، فإنّ هذا يتطلب ضرورة مراعاة ظروف كلّ مجتمع وبيئته الثقافية والقيمية والفكرية بشكل يضمن احترام هوية هذا المجتمع وخصوصيته، من دون أن يعني ذلك تجاهل الآخر وعدم جواز التعرف على ثقافته وحضارته.

وتابعت «على كلّ إعلامي أن يكون مسؤولاً، ويقيم رقابة ذاتية على كلّ ما يقوله أو ينشره حفاظاً على السلم الأهلي وعلى رسالتنا الإعلامية، وخصوصاً في ظلّ الظروف التي يمرّ بها لبنان».

الحجار

وتحدث في هذه الجلسة أيضاً القاضي وسيم شفيق الحجار، فركّز في مداخلته على ضرورة استصدار مراسيم وقوانين جديدة تراعي مكافحة المخاطر عبر الفضاء السيبراني. وتناول موضوع التوعية من المخاطر «الإسرائيلية»، وعالجه بمهنية عالية، وقدم اقتراحات مفيدة مشدّداً على توعية المواطن حول المخاطر في الفضاء السيبراني، ولا سيما تلك الناجمة عن العدو «الإسرائيلي»، وأنشطته، وتلك المتعلقة بالتجنيد، وتجميع المعلومات، ونشر الأخبار.

ودعا الحجار إلى تدريب الأجهزة الأمنية على الوسائل المبتكرة للعدو عبر الفضاء السيبراني، لا سيما من النواحي الفنية والقانونية، وتوفير التجهيزات والموارد اللازمة لعملها. وحثّ على الإسراع في إقرار مشروع قانون المعاملات الإلكترونية، والبيانات ذات الطابع الشخصي، والذي يتضمّن باباً خاصاً حول الجرائم المعلوماتية. وإجراء مراجعة شاملة مفصلة للمواد القانونية الواردة في قانون العقوبات، وقانون القضاء العسكري، لبيان مدى كفايتها لحماية المواطن.

ودعا إلى الإعلان المستمرّ عبر المواقع الإلكترونية الرسمية للدولة اللبنانية عن الأعمال التي ينفّذها العدو عبر الفضاء السيبراني لتحذير المواطنين منها، ودراسة أنشطة العدو في الفضاء السيبراني، والأعمال الجرمية المنفّذة بوجه لبنان، وتوجيه الأشخاص نحو عدم الإفراط في مشاركة الغير في معلوماتهم، لا سيما الحسّاسة منها، عبر الفضاء السيبراني، ولفت انتباههم من الإتصالات ورسائل البريد الالكتروني الواردة من الغرباء، وتوجيههم نحو حماية حساباتهم على وسائل التواصل الإجتماعي عبر إعتماد كلمات سرّ للدخول تكون قوية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى