رئيس الجمهورية: ساعة الحساب مع الفساد حانت

تلقّى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اتصالاً من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تمّ خلاله الاتفاق على زيارة يقوم بها الرئيس المكلف اليوم للقصر الجمهوري، لمتابعة التشاور بمستجدات تأليف الحكومة.

وفي نشاطه، استقبل رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، وزير الإعلام ملحم الرياشي، وأجرى معه جولة افق تناولت التطورات السياسية الراهنة ومسار تشكيل الحكومة العتيدة. بعد اللقاء، وصف الوزير الرياشي اللقاء مع الرئيس عون بانه كان «إيجابياً جداً». وكان الرئيس عون استقبل سفير الإرجنتين ريكاردو لارييرا لمناسبة مغادرته لبنان بعد انتهاء مهامه الدبلوماسية

وتقديراً للدور الذي لعبه لارييرا في تطوير العلاقات اللبنانية – الارجنتينية، منحه رئيس الجمهورية وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط أكبر، متمنياً له «التوفيق في مهامه الدبلوماسية الجديدة». وتسلّم الرئيس عون من الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي نعمة الله الهاشم، ورئيس دير مار مارون عنايا الاباتي طنوس نعمة، دعوة لحضور الاحتفال بعيد القديس شربل الذي سيُقام الأحد في 15 تموز المقبل في دير مار مارون في عنايا.

وكان الرئيس عون افتتح أعمال الدورة الوزارية الثلاثون للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، تحت عنوان التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة في المنطقة العربية واستحداث فرص العمل اللائق وتمكين الشباب في البلدان العربية في مبنى الاسكوا في رياض الصلح، بحضور أمين عام جامعة الدول العربية احمد ابو الغيط وكيل الأمين العام للامم المتحدة والامين التنفيذي للاسكوا الدكتور محمد علي الحكيم ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وممثلي ووفود الدول النضوية في الاسكوا وسفراء دول عربية وأجنبية.

وألقى عون كلمة قال فيها: «إن اجتماعكم هو ظاهرة لافتة ومميزة في اللحظة الراهنة من تاريخ منطقتنا، تماماً مثلما هو لافت ومميّز نشاط الإسكوا، منذ تأسيسها وانطلاق عملها من بيروت قبل أربع وأربعين سنة. فأنتم تجنّدون قواكم، وتسخرون إمكانياتكم، وتستخدمون عقولكم وأفكاركم لرفع مستوى الإنسان في المجتمعات العربية، عن طريق مكافحة الجوع والفقر وتعميم التعليم والرعاية الصحية والمساواة بين النساء والرجال، مع حفظ حقوق الأجيال المقبلة وحصتها في التنمية الاقتصادية والبيئة السليمة والثروات الطبيعية، في الوقت الذي تتضافر فيه قوى الشر كي تمزق بلداننا العربية وتجعلها رهينة عدم الاستقرار والتطرف والتعصب، وأسيرة الحروب الهمجية، وتخيّر نسبة كبيرة من مواطنيها بين الموت أو حياة البؤس في مخيمات النزوح»

وتابع: «لا شك في أن موضوع التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة هو موضوع حيوي وملحّ، فلا يمكن إهمال التكنولوجيا ودورها في مسيرة التنمية في منطقتنا العربية. ليست التكنولوجيا في عصرنا ترفاً، أو نشاطاً منفصلاً عن التنمية والحياة الاقتصادية، بل هي لاعب رئيسي في التطور الاقتصادي والاجتماعي على مستوى العالم بأسره، في البلدان الغنية كما في البلدان الفقيرة أو الدول ذات الدخل المتوسط. ولبنان يدرك أهمية التكنولوجيا ودورها في البناء الاقتصادي، لذلك فهو يعوّل عليها كثيراً في البرامج التي ننوي صياغتها وتنفيذها في المرحلة الزمنية المقبلة، في إطار التخطيط الاقتصادي والاجتماعي، الذي نعتبره ممراً إلزامياً للخروج من ظروفنا الاقتصادية الراهنة. وهذا التخطيط هو أيضاً تمهيد لا غنى عنه لبناء مستقبل زاهر للأجيال المقبلة من اللبنانيين»

وأعلن «ان التنمية المستدامة تهدف إلى إنقاذ المجتمعات من مشاكلها الراهنة، الفقر والجوع والأمية والمرض، وفي الوقت نفسه توفير حياة كريمة للأجيال المقبلة». وقال: «نحن في لبنان نعيش تحديات مشابهة تماماً لتحديات التنمية المستدامة، من حيث هي ضرورة معالجة مشاكل الحاضر والاستعداد لمتطلبات المستقبل. فنحن مصممون على مجابهة الأزمات المتراكمة التي بدأت بالظهور قبل نصف قرن من الزمن واستمرّت على مدى سنوات وعقود، فانعكست في تراجع مستوى المعيشة والتفاوت غير المقبول بين الفئات الاجتماعية والمناطق، وانعكست على وجه الخصوص في الهوّة المزمنة بين إيرادات الدولة ونفقاتها وتنامي الدين العام بشكل ينوء تحته الاقتصاد الوطني».

وأضاف: «وفيما لبنان يواجه هذه الظروف الصعبة، والاستثنائية، فرض عليه أن يدفع قسطاً كبيراً، يفوق إمكانياته الاقتصادية والمالية والاجتماعية، في المأساة الإنسانية التي نجمت عن الحرب السورية واضطراب محيطنا الإقليمي بشكل عام. إننا نتفهّم البعد الإنساني لمعاناة النازحين، ولكنها مشكلة تفوق قدرة لبنان على تحمّل أعبائها، المالية والاقتصادية والأمنية، ونحن مصمّمون على إيجاد الحلول الضرورية لها، آملين من المجتمعين العربي والدولي مساعدتنا على تحقيق هذا الهدف، ومساعدة النازحين على العودة إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن»

وتابع: «ومن جهة أخرى، وبمعزل عن المشاكل الآنية، نريد الاطمئنان إلى أننا قمنا بما يتوجب علينا لتأمين الحياة الكريمة للأجيال المقبلة من بعدنا لذلك فقد عزمنا على مواجهة الواقع وصعابه، وقررنا اللجوء إلى التخطيط الفعّال، فوضعنا خارطة طريق تلحظ تجنيد طاقاتنا الوطنية والاستعانة بالخبرات الدولية المشهود لها، ونتوقع أن تبدأ نتائج هذا العمل بالظهور فور تشكيل الحكومة الجديدة وإنجاز بيانها الوزاري»

وأكد «أن الغاية الرئيسية من وراء هذا الجهد هي تحويل الاقتصاد اللبناني من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج. وتبرز الحاجة ماسة إلى رفع مستوى المعيشة، وزيادة نسبة العمالة، واستنفار الطاقات الكامنة وغير المستعملة في الاقتصاد الوطني، لخلق الوظائف وتحفيز النمو. ولأن طاقات الاقتصاد اللبناني ليست مستثمرة على الوجه الكامل، فإن الخطة تلحظ تحديد القطاعات المنتجة ودعمها واستغلالها». وتابع: «وتلحظ برامجنا أولوية تحقيق الإصلاح المالي عن طريق تحصيل كل الإيرادات المشروعة للدولة ووقف الهدر في الإنفاق وزيادة المشاريع والاستثمارات العامة. وليكن معلوماً أن ساعة الحساب مع الفساد قد حانت، فلا تهاون مع تحقيق المكاسب غير المشروعة عن طريق مخالفة القواعد الأخلاقية والقوانين والتعدي على حقوق الدولة».

وقال: «من البديهي أن الدولة اللبنانية لن تسمح للأزمة أن تتفاعل وتتفاقم، ولا للاقتصاد أن ينكمش عاماً بعد عام. فلا شيء ينقص لبنان لكي يحقق أفضل النتائج الاقتصادية مقارنة باقتصاديات المنطقة، وكذلك اقتصاديات الدول الناشئة. فلبنان يمتلك موقعاً مميزاً، وانفتاحاً ثقافياً وتجارياً على العالم منذ القدم، ولدى أبنائه، خصوصاً الشباب، أكثر من دليل على تفوقهم ونجاحهم، في بلدهم كما في العالم الرحب. وعندنا مؤسسات تعليمية مشهود لها وقطاع مالي عريق وقوي وفاعل».

وختم: «أرجو لمنطقتنا أن تستعيد الاستقرار والسلام والوئام والنمو والازدهار، وللإسكوا دور كبير يُعوَّل عليه في تحقيق الجانب الاقتصادي والاجتماعي من هذه التمنيات».

من جهة أخرى، ابرق الرئيس عون إلى نظيره التركي رجب طيب أردوغان مهنئاً بـ «إعادة انتخابه رئيساً للجمهورية التركية»، مؤكداً «الرغبة في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ومواجهة التحديات المشتركة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى