الحريري من بعبدا: التسوية لا زالت قائمة والأمور بحاجة إلى بعض الوقت والجهد

شدّد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري على أن صلاحيات رئيس الحكومة في موضوع تشكيل الحكومة معروفة. وآمل ألا يثار أي لغط حول هذه المسألة، لأن التفاهم بيني وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قائم حول كل التفاصيل.

وأضاف كنت قد أشرت سابقاً الى وجود بعض الامور التي تحتاج إلى العمل بهدوء من أجل التوصل إلى حل بشأنها، وهذا تماماً ما يحصل، رغم محاولة البعض تضخيمه أكثر مما يستحق او افتعال مشاكل في البلد لجهة التخويف من عدم الوصول الى حل.

وكان الحريري زار رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، ونقل إليه حصيلة المشاورات والاتصالات التي يقوم بها من أجل تشكيل الحكومة العتيدة، وجرى البحث في بعض الأمور التي لا تزال تؤخر التوصل إلى الإعلان عن الحكومة في وقت قريب.

وكان الرأي متفقاً على وجوب الإسراع في تذليل كل هذه العقبات، كي تبدأ الحكومة الجديدة عملها ومواجهة التحديات التي تنتظر لبنان على الصعد كافة.

بعد اللقاء، قال الحريري: «إن الدستور واضح جداً لجهة دور الرئيس عون ودوري أنا شخصياً في عملية التشكيل، فكل ما يُقال بالتالي من البعض من تكهنات وتوقعات لا دخل له بالصلاحيات وبدور فخامة الرئيس الذي هو الحامي الأول للدستور.

وطمأن الحريري إلى «أننا سنصل إلى حلّ»، قائلاً «لا زلت على تفاؤلي في هذا الموضوع، وبعد الانتهاء من الانتخابات النيابية، فإن كل الاطراف السياسية متفقة على الإسراع في تشكيل الحكومة، وبالتالي بتنا قريبين من الحلحلة وأن يحصل كل فريق على حصته كما يجب، والجميع يظهر تعاوناً في هذا السياق، ولا نفع من أي تصعيد او مواجهة في الإعلام».

اضاف: «أن كل فريق، أياً كانت حصته، من المفترض أن يتمثل في الحكومة لخدمة الشعب اللبناني وليس لخدمة تياره أو حزبه، وإذا اعتمدنا هذه المقاربة، يمكن عندها الوصول إلى حيث نريد جميعاً. لقد ناقشت مع فخامة الرئيس زيارة المستشارة الالمانية وموضوع النازحين، واتفقنا على البقاء على تواصل لمواجهة هذه التحديات معاً، كما أن الوضع الاقتصادي صعب والنمو ليس كما نرغب فيه، فنسبته تصل إلى 1,5 او 2 وهو عرضة للتراجع إذا لم نسرع في تشكيل الحكومة، إنما لا أرى أننا نسير في هذا الطريق، بل آمل أن نشهد زيادة في النمو الاقتصادي، خصوصاً إذا أسرعنا في تأليف الحكومة والاستفادة من مقررات مؤتمر «سيدر» والدراسات التي أجرتها شركة «ماكنزي». وهناك أيضاً المسألة الأمنية، ورغم أن لبنان يشهد وضعاً أمنياً جيداً، إلا أنه يجب الحفاظ عليه، وكلما ساد الوفاق في البلد انعكس الأمر إيجاباً على الاوضاع فيه».

وتابع: «إن التسوية التي أجريناها سابقاً مع الرئيس عون لا زالت قائمة، وقد قلت قبل الانتخابات وبعدها، ولا زلت على موقفي، بوجوب حماية التسوية مهما كان الثمن، لانها لمصلحة البلد. صحيح كانت هناك فترة سابقة شهدت بعض الاختلاف في الرأي داخل الحكومة، ولكن الجميع متفق على الاستقرار الاقتصادي والأمني وهو الذي أسس لما نشهده اليوم من استقرار. لذلك، لا يحاول أحد اللعب على وتر التسوية مع فخامة الرئيس لأنه سيواجهنا معاً، والاتفاق مع فخامة الرئيس تام على كل الامور».

وفي ما خصّ المعارضة السنية تمنّى على الإعلام تحديد الامور كما هي، قائلاً «لا يمكن اعتبار بلال عبد الله أو فؤاد مخزومي أو الرئيس نجيب ميقاتي او أسامة سعد من المعارضة السنية. هناك نقاش يجري وسيصل الى مكان محدد، وعند تشكيل الحكومة، سأدرس القرار الذي يجب عليّ اتخاذه».

وشدّد على أن الانتخابات أفرزت مجلساً نيابياً سيدرس إعطاء الثقة للحكومة، وأنا لا احبذ الكلام عن الأحجام، لانه بذلك نكون قد وضعنا إطاراً لا يمكننا الخروج منه. ان العمل الذي أقوم به محصور بتشكيل حكومة يرتاح فيها الجميع لجهة تمثيله، وكي نصل الى هذه النقطة علينا ان نوقف التشنجات والتصعيد. وعندها يمكن أن نشهد بعض التنازلات من كل الأطراف. في مرات سابقة، شهدنا حكومة تضمّ وزراء سنة أكثر من الشيعة. وهذا مرده الى التفاهم الذي حصل. فعلينا بالهدوء والروية وسنصل الى حل».

وكان قصر بعبدا شهد سلسلة لقاءات تناولت مواضيع سياسية وإنمائية إضافة الى متابعة مسار تشكيل الحكومة الجديدة.

وفي هذا الإطار بحث عون مع نائب رئيس الجمهورية العراقية سابقاً الدكتور اياد علاوي تطوّر العلاقات اللبنانية العراقية بعد الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الجمهورية الى بغداد. كما تطرّق البحث الى التطورات الأخيرة في العراق والأوضاع الإقليمية عموماً.

وضمّ الوفد الذي رافق علاوي، الوزير السابق محمد علاوي والدكتور صلاح علاوي والسيدة سارة علاوي ورئيس مجلس الأعمال اللبناني – العراقي السيد عبد الودود النصولي.

وعرض عون مع النائب ادغار معلوف الحاجات الإنمائية لمنطقة المتن الشمالي والمشاريع التي من شأنها تنميتها، وتفعيل شبكة الطرق فيها.

وعرض مع رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الاوضاع الاقتصادية والتجارية في البلاد، لا سيما في ضوء المؤشرات الأخيرة.

وأوضح شماس أنّه ركز على «ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة وإعطاء الملف الاقتصادي الأولوية المطلقة في ظل التراجع الحاد الذي سجل في مختلف المجالات ولاسيما المجال التجاري».

وأضاف: «نتوسّم خيراً في إدارة الرئيس عون الصلبة لإنقاذ الاقتصاد، كما أنقذ الوضع الأمني، وكما يعمل لمعالجة ملف النازحين السوريين والتداعيات التي سببها النزوح على الأوضاع الاقتصادية من جوانبها كافة».

واستقبل عون راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون وعرض معه أوضاع الأبرشية لاسيما التطورات التي استجدت على صعيد منطقتي العاقورة واليمونة.

والتقى عون وفد من مجلس إدارة شركة نادي «لامارينا» في ضبيه برئاسة البروفسور جوزف حبيش، وشدّد على ضرورة بناء لبنان الجديد والنهوض باقتصاده، بعدما تحقق الاستقرار الأمني في البلاد. وقال: «إننا نعمل كي نخرج من الوضع الاقتصادي الراهن، الذي وإن يكثر الحديث عنه في الإعلام اليوم إلا أنني لطالما حذرت منه منذ كنت في باريس حين كنت أقول إن لبنان ليس مكسوراً، بل مسروق، وإن كل المؤتمرات لن تساعد في تحقيق النمو فيه، إذا استمرت الأمور على ما كانت عليه».

وأضاف رئيس الجمهورية: «لكن، وبفضل الأمن والاستقرار اللذين يشهدهما لبنان، قد تكون السنة الحالية من أفضل السنوات على المستوى السياحي، أما بالنسبة إلى معالجة العجز في القطاعات الأخرى، فإن الأمر لا يتم بين ليلة وضحاها، بل يتطلب بعض الوقت».

ولفت إلى أن لبنان على وشك إصدار الخطة الاقتصادية وتحديد القطاعات المنتجة التي يمكن للبنانيين الاستثمار فيها، «كي لا يقعوا بما وقع فيه بعض القطاعات كالقطاع العقاري على سبيل المثال. وإذا ما انطلقت خطط وبرامج مؤتمر «سيدر» 1 قد يكون بإمكاننا النهوض من جديد، الا أن الأمر يتطلّب شعباً غير يائس يبذل الجهود كي ننهض من جديد».

ودعا عون المجلس النيابي إلى أن يقوم بدوره التشريعي، واعداً بتحقيق المزيد من الإنجازات.

واحتضن القصر الجمهوري، تحت شعار « ما بتساعد بتدمر»، ولمناسبة اليوم العالمي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها، نشاطات توعوية برعاية اللبنانية الأولى ناديا الشامي عون وحضورها، ومشاركة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومشاركة 800 شخص من طلاب جامعات ومنتسبين الى فرق كشفية وجمعيات أهلية ومهتمين بمكافحة المخدرات، إضافة الى ممثلين عن وزارات: العدل، المالية مديرية الجمارك ، الداخلية والبلديات مكتب مكافحة المخدرات ، الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية، وعدد من الشخصيات العسكرية والاجتماعية والثقافية والتربوية والإعلامية والرياضية والفنية، منها الفنان ملحم زين والملحن سليم صفير، والفنانتان سينتيا كرم وغريس ديب وسيلفيو شيحا والإعلامية منى أبو حمزة.

وأكد الرئيس عون أن «لبنان يسعى إلى أن تكون المعركة ضد المخدرات حرباً وطنية شاملة يشارك فيها كل مواطن، فكل فرد في المجتمع هو مشروع ضحية، سواء بذاته أو بتحمّله عبء النتائج. لذلك، هو معني بالمواجهة، من الموقع الذي هو فيه»، معتبراً «أن التضامن المجتمعي مطلوب، لا بل ضرورة ملحة للانتصار في هذه المعركة»، وقال: «لنعمل كلنا معاً، أجهزة أمنية، مؤسسات رسمية مختصة، مؤسسات اجتماعية، جمعيات أهلية، مؤسسات تربوية، أحزاباً ومواطنين، وليكن هدفنا مجتمعاً نظيفاً، خالياً من المخدرات، وشباباً صلباً واعداً يعتمد عليه في تسلم أمانة الوطن».

أضاف الرئيس عون: «لا حصانة ولا حماية ولا غطاء لأحد، وكل من يثبت تورطه في المخدرات سيحاسب، ليس المروّج والمهرب وحدهما المجرمين، فهناك المصنّع والمنتج والموضب والناقل والمتواطئ والحامي، كلهم مجرمون وبالدرجة نفسها».

وأشار إلى أن «حجب المعلومات وعدم الإبلاغ عن مروّج والتغاضي عن مدمن، كلها في خانة الجريمة، لأنها تصب في مصلحة المخدرات وضد مصلحة المجتمع والوطن»، وقال: «إن دور المدمن محوري في هذه الحرب، فهو قد خبر جحيم المخدرات، وعلى عاتقه تقع مسؤولية كبيرة في إنقاذ الآخرين ومنعهم من سلوك الطريق إياه. ودوره لا يقتصر على التوعية فقط، وإن كانت جداً مهمة، ولكن دوره الأساس هو في فضح المجرمين، فهو قد سبق ودخل الى هذا العالم الأسود ويعرف بعض سراديبه. لذلك، عليه أن يتغلب على الخوف ويتكلّم. ويبقى إطلاق الاتهامات في الإعلام، فموضوع المخدرات يجب سحبه من التراشق السياسي وعدم استغلاله في المعارك السياسية، هو مصلحة عامة لا تخص فريقاً من دون آخر، فأولاد كل اللبنانيين من دون استثناء في دائرة الخطر، ومَن يملك معلومات فليقدمها الى المراجع المختصة لأن نشرها في الإعلام، إن كانت صحيحة، يضر بسير التحقيق، وإن كانت شائعة تسيء الى سمعة بريء».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى