مختصر مفيد

مختصر مفيد

إلى الشمال در

رغم وضوح الهزيمة التي تنتظر الجماعات المسلّحة لا يبدو أن وضعها يسمح لها بالتفاهم والتلاقي على خيار القبول بالتسوية التي تحتاج شجاعة لا يملكها قادة هذه الجماعات التي تحكم علاقاتها ببعضها بمنطق التخوين والاتهام. ولا يبدو أن شيئاً سيتغيّر رغم الوقائع التي تحملها تباعاً أخبار الميدان.

لم يعُد موضوع نقاش ماذا سيفعل الأميركيون والإسرائيليون، ولا ماذا يمكن للسعودية أن تقدّم فكل شيء بات واضحاً، ومضمونه أن الحرب وكلفتها ونتائجها المعروفة أسباب كافية لتتهرّب منها الأطراف التي أشعلتها لتترك الجماعات المسلحة تواجه مصيرها القاتم.

ليس الأمر جديداً وقد تكرّر في محطات سابقة من حلب إلى دير الزور والبوكمال وصولاً للمعركة الكبرى التي شهدتها الغوطة، لكن الثابت بقي ثابتاً لجهة العجز عن تحمل شروط التسوية بشجاعة من جهة والعجز عن تغيير الموازين العسكرية من جهة أخرى، واكتفاء الأطراف الخارجية بإثارة الضجيج والصراخ مع التسليم بالنتائج المعلومة.

المعركة الأصعب ستكون في الشمال، حيث الوجود الأجنبي مباشر تركيا من جهة، وأميركا من جهة مقابلة. ولا تبدو الدولة السورية بوارد التردد في مواصلة مشروع التحرير انطلاقاً من إقامة الحساب لهذا الوجود الأجنبي بل تبدو ذاهبة بقوة وواثقة من ذهاب حلفائها وراءها لإحراج هذا الوجود الأجنبي بين خيارَي الانكفاء أمامها أو خوض المواجهة بكل تداعياتها.

هذا الذي يفسّر حرارة الرسائل العسكرية الأميركية، ومعها مساعي تحريك المسار السياسي وصولاً لما يبدو أنه الموضوع الأول في المفاوضات الأميركية الروسية والعنوان هو تفادي التحدّي المقبل شمالاً.

إلى الشمال در تبدو معادلة دولية إقليمية بقدر ما هي استحقاق سوري وقرار سوري وتبدو سورية مدركة حجم قدرتها على المساهمة في صياغة معادلات دولية وإقليمية جديدة بقوة الشرعية الوطنية ولا شرعية الاحتلال وقوة القدرة على تقديم التضحيات.

ناصر قنديل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى