العروبة أفلست وخجلت من عارها الأمم حرب اليمن تعيدنا لزمن حرب داحس والغبرا
اياد موصللي
اليوم نفتح صفحات التاريخ ونستعرض ما ذكره عن العرب في مرحلة السلبيات.. فالإيجابيات محدودة وقصيرة ومحصورة…
نبدأ مما جرى ويجري منذ بدأت مشاكل أمتنا والعالم العربي.. والعدوان الخارجي علينا وسلب الأوطان وتقسيم البلاد.. لم نسمع بتحالفات عسكرية لمجابهة ما يجري ولم نسمع بحروب خضناها كجبهة عربية ولا بطائرات تقصف وصواريخ تطلق وتدمّر كما نسمع اليوم بما يجري في اليمن.. البلد الذي كان يوصف في التاريخ باليمن السعيد.. البلد الوحيد الذي لم يحتله او يطأ أرضه أجنبي محتلّ من الأتراك الى الانكليز مروراً بكلّ الغزوات والاحتلالات والبلد العربي الوحيد الذي تطوّع أهله للحرب في فلسطين كمجاهدين من الخليج…
ثلاث سنوات غارات جوية وقذائف وصواريخ جوية وأرضية وزحف وتدمير مدن أعمال سمعناها تجري.. فظنناها غزوة تترية حديثة عصرية.. ودهشنا يوم رأينا رايات القوى المهاجمة وشعاراتها وهويتها.. عرب.. مسلمون.. يملكون البترول والأموال ويستعملون كلّ ما تحت أيديهم من قوّة ضدّ اليمن.. بدعم من «إسرائيل» وقوى خارجية، نفس هذه القوى التي لم نسمع بها ولم نعرف بوجودها ولم نحسب أنها موجودة لأننا عندما كنا ننتظرها من أجل صدّ الاعتداءات الخارجية والاعتداءات الصهيونية ضدّ فلسطين وأهلها.. لم نسمع ولم نعرف ولم نظنّ انّ لدى العرب ما أظهروه ضدّ اليمن وبشكل قاس وظالم ووحشي.. ينطبق عليه المثل: «وظلم ذوي القربى اشدّ مضاضة…»
تاريخ مليء بكلّ السيئات والموبقات.. رغم كلّ المحاولات لنقلهم الى حياة مليئة بالقيم والإيمان والصفاء والنقاء.. رموا الرسالات وأكرم الدعوات وانساقوا وراء الغرائز والأهواء ليعيدوا أحياء تاريخ جاهلي تتري عنصري بائد..
في الآية الكريمة: «أحبوا بعضكم بعضاً…» فلم يطبقوها.. «وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون بها عدو الله وعدوكم…» فلم يعدوا لهذا العدو سوى المودّة والمذلة والاستسلام وأعدّوا القوة لإرهاب أقربائهم واخوانهم تاريخ فاسد سيّئ.. وكما يقول المثل «دود الخلّ منه وفيه» فإذا عدنا لهذا التاريخ وقارنّا ما جرى في الماضي بما يجري اليوم في اليمن فلا نجد سوى أرقام الأيام والسنين هي التي تشير الى الفارق. وهذا التاريخ مليء حافل بالأيام السوداء.
ولنبدأ من الأول: هؤلاء الاعراب.. عليهم ينطبق القول: «ويل لأمة سياستها ثعلبة وفلسفتها شعوذة.. ويل لأمة تقابل كلّ فاتح بالتطبيل والتزمير.. ويل لأمة كلّ قبيلة فيها أمة.. أمة ينطبق عليها ما وصفها به الشاعر نزار القباني:
«يا من يصلي الفجر في حقل الألغام، لا تتنتظر من عرب اليوم سوى الكلام، لا تنتظر منهم سوى رسائل الغرام.. سميتك الجنوب»، يا شجر الورد الذي يحترف الغناء يا ثورة الأرض التقت بثورة السماء، يا جسداً يطلع من ترابه قمح وانبياء، اسمح لنا بأن نبوس السيف بين يديك.
يا أيها السيف الذي يلمع بين التبغ والقصب. يا أيها المهر الذي يصهل في بريه الغضب، اياك أن تقرأ حرفاً من كتابات العرب، فحربهم إشاعة، وسيفهم خشب، وعشقهم خيانة، ووعدهم كذب.
اياك ان تسمع حرفاً من خطابات العرب فكلها فجور وقلة أدب، وكلها أضغاث أحلام ووصلات طرب، لا تستغيث بمأرب، او وائل، او تغلب، فليس في معاجم الأقوام قوم اسمهم عرب!
أفلست العروبة… تخلت عن كلّ المفاهيم والمناقب والفضائل.. وكان شعارها المكتوب انصر أخاك ظالماً ومظلوماً.. فأصبح اقتل أخاك ولو كنت له ظالماً وهو بك المظلوم..
حرب السعودية على اليمن تذكرنا بحرب داحس والغبراء التي دامت أربعين عاماً من أجل سباق حصانين.. هذا الذي نراه اليوم هو نتاج سلالات ذلك الزمن الرديء…
ورغم الفترة الذهبية التي أنعم بها الله على العرب في أرضهم برسالة سماوية إلا انهم عادوا إلى جاهليتهم من غزو وسلب وتدمير وما يجري في اليمن يماثل كلّ المحرمات التي نهى عنها الشرع، وقبلها ما جرى في الشام والعراق ولبنان كان بفعل ما صنعه هؤلاء العربان.. ولا زالوا الى اليوم يغذونها..
وأقول لهم والتاريخ يقول والقول الكريم يقول: كنتم خير أمة أخرجت للناس.. فلماذا صرتم آخر أمة بين الناس؟! كنتم الأعزة فأصبحتم الأذلة المستعبدين ترقصون في حضور الرئيس الأميركي رقصة السيف والترس، وتقدّمون له الأموال واخوانكم يموتون جوعاً ويُذبحون بالسيوف.. والأموال وأدوات القتل تقدّمها بلاده لأعدائنا.. كنتم الأعلون فأصبحتم رمز الذلة والمسكنة والمهانة كبيركم صغير وحاكمكم برتبة مخبر أجير، كنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر فأصبح لكباركم الخسة وأصبح المال معبودكم الأكبر، ضاعت العزة والكرامة وحلّ محلها الذلّ والهوان.. كان اليهودي عنوان الذلة والمسكنة فجعلتموه السيد والسلطان.. عرفكم الله حق المعرفة ووصفكم بما أنتم فيه والأعراب أشدّ كفراً ونفاقاً.. لماذا تركتم لليهود صدر المكان وكبيركم ذليل امامهم كالخادم لا ينام.. مهد المسيح برجسهم دنسوه والمسجد الأقصى عليكم حرام.. كنتم السادة والقادة والحكام وهم أمامكم كالعبيد والأقزام.. فأصبحتم في فرقة وخصام وعدوّكم في وحدة والتحام.. يقودكم الأجنبي كما يقود العبد الحيوان.
نذكركم بأنّ الحياة وقفة عزّ فقط، وإذا لم تكونوا أحراراً من امة حرة فحريات الأمم عار عليكم..
ماذا يفيدكم ربح العالم وخسارة أنفسكم..
تبقى الأسود أسوداً والذئاب ذئابا…