«روزنا» ضيف «أماسي 17»… الجرح الحلبي على خاصرة الحرب السورية

دمشق ـ آمنة ملحم

لم تكن حكاية «روزنا» للكاتب جورج عربجي، إخراج عارف الطويل حكاية عابرة في موسم رمضان الدرامي، فالعمل استطاع اقتحام منازل السوريين عموماً والحلبيين خصوصاً حتى في بلاد المهجر وهو الذي كان لسان حالهم وألمهم بعد ما عانته حلب من قهر وتهجير عكسه المسلسل بلغة إنسانية عالية بعيداً عن أجواء الحرب والدماء وقريباً من الواقع بحلوه ومرّه من دون الانحياز الكامل للألم أو حتى الأمل. فالحرب على سورية لم تنته والمعاناة لا زالت قائمة لدى كثر فالبقاء بإطار أجزاء من الواقع كان خيار صناع العمل دون الإغراق في الأحلام والنهايات السعيدة التي اعتادها الجمهور في الدراما والأفلام.

وتكريماً للعمل وصنّاعه، استضافت «أماسي 17» في المركز الثقافي في أبو رمّانة، والتي تقام شهرياً برعاية وزارة الثقافة وينظّمها الإعلامي ملهم الصالح، أسرة العمل بنجومها الكبار وشبابها الذين حقّقوا نجومية بصف الكبار وبخطّ متوازٍ من النجاح في العمل بإدارة كاميرا المخرج عارف الطويل.

كانت الأمسية غنية بالحوار حول مفاصل العمل وكواليسه ونتائج عرضه على الشاشة حيث وجه المخرج الطويل الشكر لوزارة الثقافة لهذه اللفتة فهي بمثابة تكريم لجهد صناع العمل، لافتاً إلى أن العمل ضمّ أكثر من 70 شخصاً رئيسياً بين فنانين وفنيين أدوا مهمتهم بأفضل ما لديهم وبكامل الحبّ والإخلاص، وذلك الجهد تتوج بمتابعة جماهيرية كبيرة من شريحة واسعة، وإثارة العمل للتساؤلات والحوار هنا تكمن الجَودة برأيه فهو ضدّ العمل الذي يقدّم وجهة نظر واحدة.

كما نوه الطويل بجهد المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني التي غامرت بالتصوير في حلب كأول عمل درامي كان بمثابة عودة للدراما الحلبية بعد غياب، لتكون حلب نموذج لسورية كلّها بحكاية غزلها الكاتب عربجي بحرفية وقدّم عبرها مشهداً من الواقع السوري في الحرب.

بدوره مدير مؤسسة الإنتاج زياد الريس وجّه شكره لكل من ساهم بهذا العمل كمبدعين خلاقين، لافتاً إلى أن الربط الإبداعي بدفة قادها المخرج الطويل برصانة وهدوء ومسؤولية كانت سبباً كبيراً لنجاح العمل، منوهاً بأن خطّة المؤسسة للعام القادم غنية بالأعمال الدرامية وتفتح الأبواب أمام المبدعين للمشاركة مع المؤسسة بتقديم إبداعهم.

وكان للكاتب جورج عربجي مداخلاته حول تفاصيل مرت في العمل وكانت سبباً بنجاحه فهو يرى بأن الصدق والإخلاص والإحساس العالي للفنانين كلّها ساهمت بنجاحه فكل أعطى للعمل من قلبه وإحساسه الكثير، ويعتقد عربجي بأن رسالة العمل وصلت كما أرادها.

ومن النقاط التي اختص بها «روزنا» دون غيره من الأعمال كان تناوله حكاية أسرة حلبية عانت المر جرّاء ما أصاب مدينة حلب، إضافةً لتناوله اللغة الأرمنية بجزء منه. وهنا يرى الكاتب بأن الأرمن هم جزء من النسيج السوري المتواجد بشكل كبير في حلب لذا تعمد لفت النظر إليه، كما كان أول عمل درامي يطرح فكرة إطلاق النار العشوائي ونتائجه الوخيمة حتى في لحظات الفرح.

وأفردت الأمسية جزءاً منها لمناقشة خاتمة العمل التي أثارت جدلاً كبيراًَ كون الجمهور اعتاد النهايات السعيدة في الدراما وهي التي لم يقدّمها العمل في آخر مشهد له، ويرد الكاتب هنا بأن النهايات السعيدة متوقعة وتفترض بأن كل مجرم يأخذ مصيره القانوني لينتصر الخير، لكن الواقع ليس كذلك فشخصية «فرح» التي أدّتها الفنانة جيانا عيد موجودة بالمجتمع وامتدت أنيابها بالأزمة السورية وهناك آلاف الشخوص الذين ماتوا ظلماً، ففي نهاية العمل أخذت أغلب الشخصيات موقعها باستثناء آخر مشهد بدلالة على أن الأزمة لم تنته فعندما تحاسب الشخصيات التي مثلتهم «فرح» وتصل إلى السجن في الواقع نستطيع رسم النهايات السعيدة.

وحول النقد الذي وجّه لطريقة قتل رزان في المول كمكان عام ومراقب بالكاميرات، يرد عربجي بأن جرائم كثيرة ترتكب بأماكن أكثر ضوءاً من المول ولا يحاسب مرتكبيها.

وعاد المخرج الطويل ليثني على أداء الفنانة جيانا عيد في العمل والتزامها الشديد خلال التصوير، وهنا لم تخف الفنانة عيد تخوفها من الدور الذي كان بعيداً عن كل ما أدته سابقاً فاعتبرته في البداية مغامرة ولكن خلال التصوير كانت بين أيدي أمينة وعين محبة ومراقبة بشدة لكلّ لحظة، منوهةً بأن الرسالة من الشخصية وصلت فالنموذج الذي قدّمته للشرّ متواجد بكثرة في المجتمع، وكره الشخصية من المتابعين دليل نجاحها وتكريسها لقيمة الخير من خلال استعراض الشرّ.

واعتبرت الفنانة سلوى جميل صاحبة شخصية «أم باسم» في العمل أن الفرصة التي نالتها في العمل كانت مهمة جداً مع مخرج يهتم بالتفاصيل فكان عمل مهم مع كادر مهم.

وحول أصداء العمل في حلب وهي ابنة حلب تؤكد جميل بأنها أصداء كبيرة وجميلة جداً فقد حقق العمل متابعة عالية من أهالي حلب في سورية وكذلك المغتربين الذين كانوا ينتظرونه لحظة بلحظة، واعتبروه إنصافاً لمدينة حلب بكلّ معطياتها في الحرب.

والفنانة أنطوانيت نجيب حرصت على التواجد في الأمسية معبّرة عن سعادتها بهذه المشاركة التي ظهرت عبرها بثوب درامي جديد كجدة تتحيز لحفيدها بشدة على حساب ابنتها التي تريد تملك ابنها كقطعة من ممتلكاتها.

كما كان للفنانين الشباب حضورهم في الأمسية ومنهم عامر العلي، هبة زهرة، بلال مارتيني، رامي أحمر، رشا رستم.

وأكّد المخرج الطويل بضرورة إتاحة الفرصة للشباب ليكونوا نجوماً جدداً في الدراما، مثنياً على ما قدّمه الشباب في العمل بأدوار بطولة وعدد كشاهد كبيرة حملوها بجدية وبذلوا جهداً كبيراً فأدّوا المهمة على أتم وجه وهم وجوه مبشّرة بنجوم سورية قادمة، لرفد مسيرة الدراما السورية العريقة.

بدورهم الفنانين الشباب اعتبروا العمل فرصة حقيقية لتقديم أدواتهم وتعريف الجمهور بهم بصورة لائقة.

وختمت الأمسية بتكريم أسرة العمل بدرع قدّمه معاون وزير الثقافة علي المبيض ومدير ثقافة دمشق ومديرة المركز الثقافي في أبو رمّانة رباب الأحمد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى