حكومة ميركل رهن محاولة أخيرة حول ملفّ الهجرة ووزير داخليتها يلوّح بالاستقالة!

محاولة أخيرة قامت بها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والجناح اليميني في تحالفها الحكوميّ لتسوية الخلاف الحاد بينهما حول المهاجرين، الذي يهدّد الحكومة الألمانية واللحمة الأوروبية.

وتتمحور المواجهة حول مسألة إبعاد جميع المهاجرين الذين سجل دخولهم في بلد أوروبي آخر عند وصولهم إلى حدود ألمانيا، وهو ما يدعو إليه وزير الداخلية هورست زيهوفر رئيس الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الحزب البافاري المحافظ حليف ميركل.

وكانت ألمانيا تنتظر التوصل إلى تسوية أول أمس، لكن بعد اجتماع لقادة الاتحاد الاجتماعي المسيحي استمر عشر ساعات، عرض زيهوفر الاستقالة من منصبه ومن رئاسة الحزب، قبل أن يعلق قراره إفساحاً لجولة أخيرة من المفاوضات مع ميركل.

وصرّح خلال الليل «قلت إنني سأقدّم استقالتي من المنصبين، وسأنفذ هذا القرار في الأيام الثلاثة المقبلة»، ملمّحاً إلى أن «الغموض قد يستمرّ لمزيد من الوقت في حين يدخل الخلاف أسبوعه الرابع».

في حين تعتبر المستشارة أنّها «استجابت لمطالب وزيرها»، بعدما شدّدت سياستها الخاصة بالهجرة منذ سنتين، وبعد أن فاوضت خلال القمة الأوروبية الأسبوع الماضي بشأن تدابير تعتبرها «أكثر من مساوية» للإجراءات التي يطالب بها زيهوفر.

لكن وزير الداخلية أثار مفاجأة بإعلانه أمام أنصاره أول أمس، «أن طرح المستشارة غير كافٍ إطلاقاً»، واضعاً «مستقبله السياسي في الميزان، وكذلك مستقبل الحكومة».

وطرح زيهوفر لاحقاً ثلاثة سيناريوات ممكنة، موضحاً أنه «إما أن يلتزم بسياسة الحكومة، أو يتخطّى اعتراضات ميركل ليفرض من تلقاء نفسه تدابير ردّ المهاجرين على الحدود، ما سيؤدي إلى إقالته وعلى الأرجح إلى سقوط الائتلاف الحكومي، أو أخيراً أن يقدّم استقالته».

في غضون ذلك، يبدو أن بعض قادة الحزب البافاري الأكثر تحفظاً يسعون إلى تجنب التصعيد.

في هذه الأثناء، يبقى الائتلاف الحكومي الهش الذي تشكل بمشقة في آذار بين الحزب البافاري الاتحاد الاجتماعي المسيحيي، وحزب ميركل والاشتراكيين الديموقراطيين، عالقاً في انتظار نتيجة مساعي اللحظة الأخيرة، كما يبقى عالقاً التحالف الذي يعود إلى 1949 بين اليمين البافاري واليمين بزعامة ميركل.

من جهّتها، وجّهت رئيسة الاشتراكيين الديمقراطيين أندريا نالس اتهامات الى المعسكر المحافظ بـ «اللامسؤولية»، كما اتهمت الاتحاد الاجتماعي المسيحي، خصوصاً بـ «الهذيان».

وقال رئيس وزراء مقاطعة بافاريا ماركوس شودر «لا أحد يريد التشكيك بالحكومة»، قبل أن يضيف «بصراحة، لقد فاجأنا هورست» بتهديده بالاستقالة.

في السياق نفسه، جميع استطلاعات الرأي توحي بأن «الألمان غير موافقين على الخط الذي اتبعه الوزير، ولو أنّهم مؤيدون بمعظمهم لأفكاره».

وعلى صعيد آخر، فإن نيات الأصوات لصالح حزبه في الانتخابات المحلية في بافاريا الخريف تتراجع بشكل مطرد لصالح حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف.

وأياً كانت التسوية، فإن ميركل ستخرج من هذا الخلاف في موقع أكثر ضعفاً في أفضل الحالات، وفي أسوأها، قد تكون على وشك فقدان السلطة بعد أقلّ من عام على فوزها بفارق ضئيل في الانتخابات التشريعية.

وبعد بقائها لحوالى 13 عاماً في السلطة، تجد ميركل نفسها في مواجهة حركة تمرّد صريحة داخل حكومتها، ومقاومة في غالب الأحيان في أوروبا، ولا سيما مع الدول الشرقية والنمسا، وأخيراً في نزاع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول عدد كبير من المسائل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى