جعجع في بعبدا… واتفاق معراب يُبحَث مع باسيل… والتيار متمسّك بالتمثيل النسبي الحكومة بين صيغة 8 و 9 و 13 أو 10 و10 و10… والحريري لمحاولة قبل السفر

كتب المحرّر السياسيّ

تفتح زيارة الرئيس الإيراني حسن ورحاني إلى أوروبا من بوابة سويسرا ومروراً بالنمسا التي تترأس الاتحاد الأوروبي، الباب للفرصة الأخيرة أمام إنقاذ التفاهم النووي، قبل أن تذهب إيران للإعلان عن خروجها من الالتزامات التي تؤدّيها بموجبه، خصوصاً لجهة الامتناع عن تخصيب مرتفع لليورانيوم، ما لم تلقَ الضمانات التي تطلبها من أوروبا للبقاء تحت سقف التفاهم، حيث سيكون اللقاء الوزاري على مستوى الدول الخمسة الباقية تحت سقف التفاهم بالإضافة إلى إيران هو المحطة الأهمّ في الزيارة وهي دول روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، لمناقشة فرص إنقاذ التفاهم بعد الانسحاب الأميركي منه، وكان لافتاً الكشف عن محاولة لاستهداف اجتماع للمعارضة الإيرانية في باريس عشية الزيارة، واتهام إيران بالتورّط فيه عبر سفيرها في النمسا التي تراهن إيران على دورها في إنقاذ التفاهم خلال رئاستها للاتحاد الأوروبي. وقال روحاني قبل انطلاقه في جولته، إنّ الجولة ستكون مناسبة للبحث في مستقبل الاتفاق النووي، مشيراً إلى أنّ أوروبا أصبحت تعارض الأحادية الأميركيّة بصوت أعلى. وقال روحاني إنّ الحفاظ على الاتفاق النووي سيكون لصالح المنطقة والعالم، معرباً عن أمله تقديم الاتحاد الأوروبي حزمة مقترحات بشأن الاتفاق خلال الأيام المقبلة.

لبنانياً، دخل المشوار الحكومي مرحلة حرجة وفاصلة، بعدما تمّت اللقاءات الهادفة لترطيب الأجواء بين الأطراف المتنازعة على التمثيل الحكومي، فزار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قصر بعبدا والتقى برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعدما كان الرئيس المكلف سعد الحريري قد التقى رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل. واللقاءان يعقبان فترة من الانقطاع، لكن المواقف التي راعت مناخ التهدئة بعد اللقاءين، لم تغيّر جوهر القضايا الخلافية بين الأطراف، والتي لا تزال تحول دون ولادة الحكومة.

لقاء عون جعجع أعاد البحث في مستقبل تفاهم معراب إلى لقاء لاحق بين جعجع وباسيل كرئيسين لحزبين، وعدم دخول رئيس الجمهورية على خط البحث بتفاهمات حزبية كان معنياً معها قبل توليه الرئاسة. وموقف باسيل وصل لجعجع عبر مصادر متابعة في قناة «أو تي في»، قالت إنّ القضية ستبقى في مراعاة التمثيل الوزاري للأحجام النيابية، مسيحياً وغير مسيحيّ.

المعلومات التي رشحت من لقاءات الرئيس الحريري، أفادت بمساعٍ أخيرة يبذلها قبل سفره، لبلورة صيغة لتشكيلة قابلة للتسويق، وقالت مصادر متابعة إنّ الخلاف لا يزال على قضايا أساسية أهمّها سعي تيار المستقبل وحليفيه القواتي والاشتراكي الحصول على الثلث المعطل، بينما يدعو التيار الوطني الحر لصيغة لا يملك فيها ايّ فريق الثلث المعطل، وهذا يترجم بصيغة الحريري الأخيرة التي تقوم على عرض لرئيس الجمهورية بأن يتمثل الحريري وحليفيه بـ 13 وزيراً، 6 للمستقبل و4 للقوات و3 للاشتراكي، يمكن عدم حصرها بالتمثيل الطائفي، وبالمثل 17 وزيراً بين التيار الوطني الحر وثنائي حركة أمل وحزب الله ورئيس الجمهورية وحلفائهما، هي 6 للثنائي و6 للتيار و5 يتوزّعها الحلفاء والرئيس، بينما لا تزال الصيغة الموازية التي تطرح في المقابل تنطلق من ثلاث حصص متساوية بين كلّ من رئيس الجمهورية والتيار من جهة، ورئيس الحكومة وحليفيه من جهة مقابلة، قوام كلّ منها 10 وزراء، على أن تتمثل الكتل النيابية الواقعة خارج تكتل الرئيسين بـ10 وزراء منهم 6 لثنائي حزب الله وحركة أمل و4 للكتل الأخرى.

لقاء عون – جعجع: خريطة طريق لتسريع التأليف

تكثفت المشاورات يوم أمس، على خطّي بعبدا وبيت الوسط، وبينما كشفت بعض المعلومات أن رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل خرج من اجتماعه مع الرئيس المكلف سعد الحريري ليل الأحد أكثر تشدداً في موقفه تجاه حزب «القوات اللبنانية»، تبدّدت الأجواء عصر أمس مع زيارة رئيس «القوات» سمير جعجع الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتأكيده العلاقة الوثيقة مع العهد، كما كانت في اليوم الأول لوصول عون الى سدة الرئاسة الأولى، وبينما أكد جعجع أن «القوات» لا تضع فيتو على أحد شدّد على أنه لا يقبل أن يضع أحد فيتو عليها، متحدثاً عن خريطة طريق لتسريع تأليف الحكومة على أن تنفذ الخطوات تباعاً، ومؤكداً أن التواصل مع باسيل سيستأنف قبيل تشكيل الحكومة، مع إشارته الى أن الوزراء الـ 30 عموماً والـ15 المسيحيين خصوصاً سيكونون من حصة رئيس الجمهورية، وأكد جعجع بأنه لم يدخل اللقاء في تفاصيل الحقائب والتوزيع.

وجاء لقاء عون جعجع وسط تصعيد سياسي وإعلامي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية واتهامات متبادلة، حيث تمكّن اللقاء من إنقاذ المصالحة المسيحية التي اهتزّت ولم تقع. لكن اللقاء لم يستطع، بحسب مصادر سياسية، ترميم تفاهم معراب في ظل استمرار السجالات الإعلامية بين نواب التيار والقوات حتى عقب لقاء «الجنرال» و«الحكيم». لكن السؤال هل لقاء بعبدا كفيل بفك اللغم «القواتي» المزروع خارجياً أمام ولادة آمنة للحكومة العتيدة؟ فوفق معلومات «البناء» من مصادر وزارية مقربة من بعبدا بأن «التعقيدات لا زالت تعترض ولادة الحكومة رغم الحراك الكثيف في بيت الوسط»، مشيرة الى أن «الأمور رهن قدرة الأطراف على الالتزام بتعهداتها وخفض سقف مطالبها والالتزام بأحجامها النيابية للوصول الى حكومة بأسرع وقت ممكن»، واستبعدت المصادر ولادة الحكومة خلال الشهر الحالي».

وقد أكد رئيس الجمهورية لجعجع خلال اللقاء بحسب قناة أو تي في التمسك بالمصالحة المسيحية، بغضّ النظر عن التمايز السياسي، مهما بلغت حِدتُه. وتخلّل اللقاء الذي تميّز بالصراحة، توضيح لبعض النقاط، حيث عرض رئيس الجمهورية وجهة نظره من التطورات الأخيرة، واستمع إلى ما أدلى به جعجع، ليخلُصَ اللقاء إلى تأكيدِ المؤكد، حول استمرار التواصل والتمسك بالتفاهم. وتحدّثت القناة عن لقاء بين رئيس القوات والوزير باسيل.

ونقلت القناة عن مصدر متابع للمشاورات الحكومية تأكيده بأن «احترامَ قواعد التأليف وعنوانها العريض، تشكيل حكومة وحدة وطنية بالنسبةِ والتناسب، أي باحترام الأحجام التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة وفق معايير موحّدة، ومعادلة واضحة تَسري على الجميع». وعن كلام جعجع من بعبدا، علق المصدر قائلاً: «اذا أراد رئيس القوات الانتقال من السلبية إلى الايجابية، فموقفُه مشكور ومقدَّر، لكنه لا يُعدِّل في الاحجام، وهذا المبدأ ينطبق على الجميع، وليس فقط على ما اصطلحت تسميتُه بالعُقدة المسيحية، اي أيضاً على موضوع التمثيل الدرزي والسني، اضافة الى تمثيل العلويين والأقليات المسيحية».

وكان لافتاً أن جعجع لم ينف أن تكون السعودية قد طلبت من الحريري التعاون مع القوات وتحقيق مطالبها، ما وجدت فيه مصادر سياسية بيروتية تدخلاً واضحاً وفاضحاً من السعودية في الشؤون اللبنانية، مشيرة لـ«البناء» الى أن الرئيس المكلف بات رهينة لدى السعودية وأسير طلبات القوات، متسائلة: كيف يتحدث اجتماع رؤساء الحكومات في اجتماعهم الأخير في بيت الوسط عن صلاحيات رئاسة الحكومة فيما يقبلون الوصاية السياسية السعودية على الحريري ومطالب القوات التي تعرقل مهمة الرئيس المكلف؟

ولفتت المصادر الى أن السعودية تحاول تعديل التوازن في الحكومة في محاولة لمحاصرة المقاومة.

وأكّد وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش ، «ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة »، لافتًا إلى أنّ «أمام الحكومة تحديات كبيرة وجسيمة، فالبلد يُعاني من الكثير من المشاكل ويجب التصدّي لها على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى ما يشكو منه الناس في فصل الصيف من نقص في تغذية الكهرباء وتأمين المياه أو تراكم النفايات ».

ودعا إلى «تذليل كلّ العقبات والعقد من أجل تشكيل هذه الحكومة، من خلال اتباع قواعد واضحة مرتبطة بنتائج الانتخابات النيابية وتطبيقها على كلّ الكتل من دون مبالغة في الأحجام، لتشكيل حكومة شراكة ووحدة وطنية تتسع لكل القوى». وسأل: «هل ثمّة رهانات خارجية مجدّدًا وإصغاء لها من قوى داخلية؟»، مشيرًا إلى أنّ «الأيام المقبلة تكشف هل العقدة فقط داخلية»، منوّهًا إلى أنّ «ليس ثمة عقد داخلية سياسية أو غيرها يستحيل تذليلها وإيجاد تسوية لها، إلا إذا كان ثمة تدخّل خارجي ورهان مجدّدًا على هذه التدخلات».

الحريري أرجأ زيارته

وإذ كان من المتوقع أن يغادر الرئيس الحريري أمس البلاد في إجازة عائلية تستمر ثلاثة أيام، علمت «البناء» أن الحريري أرجأ سفره لأيام وقد لوحظ تحديد دوائر السراي الحكومي وبيت الوسط جدول أعمال عادياً اليوم، ما فسّرته مصادر على أن «الحريري لمس إيجابية بعد لقاء بعبدا حيث وضعه رياشي في أجواء الاجتماع خلال زيارته في بيت الوسط». وأشار رياشي الى أنَّ « الحريري يعمل على تذليل بعض العقبات أمام التشكيلة ويتجه في الايام المقبلة الى نواة تشكيل أساسية، ولكن الموضوع يحتاج الى مزيد من الجهود ليبنى عليها لتقديم تشكيل الحكومة»، وشدّد في حديث تلفزيوني الى أن «كما بالأمس كذلك اليوم، القوات ستأخذ المشاكل بصدرها لتسهيل التشكيل».

أزمة ثقة بين «التيار و«القوات»

وعلى الرغم من الارتياح الذي أحدثته زيارة جعجع الى بعبدا في الساحة المسيحية، وعلى جمهوري التيار والقوات إلا أن العلاقة بين الطرفين تعاني من أزمة ثقة بعد التجربة الحكومية، بحسب ما تقول مصادر التيار لـ«البناء»، حيث يعتبر التيار بأن القوات انقلبت على العهد وعلى التيار في أكثر من محطة أساسية لا سيما خلال أزمة احتجاز الحريري في السعودية. وقد أكد عضو تكتل «لبنان القوي » النائب ألان عون مساء أمس «اننا كنا نتعرض لهجوم من « القوات اللبنانية » وكنا نردّ عليها»، مشيراً الى أنه «ليس لدينا نية استهداف أو إقصاء أو عزل للقوات». وفي حديث تلفزيوني له، أوضح أن «اتفاق معراب قام على أساس ان تكون القوات الى جانب العهد والى جانب رئيس الجمهورية، لكن نحن لم نشعر بهذا الشيء منذ سنة ونصف».

الاشتراكي: نرفض الحلول الوسط

وبانتظار حل العقدة «القواتية» خلال الأيام المقبلة كان بارزاً ما أعلنه النائب وائل أبو فاعور من بيت الوسط بعد لقائه الحريري، بحضور وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي أن الحزب التقدمي الاشتراكي على موقفه في ما يتعّلق بالحصة الدرزية في الحكومة، نتيجة النتائج الواضحة للانتخابات النيابية. وقال: «إذا كان هناك معيار يلتزم به الجميع هو احترام نتائج الانتخابات، فالتمثيل الدرزي يجب أن يكون بمَن يسميّهم الحزب التقدمي الاشتراكي». وشدّد على أنّ «اللقاء بين الحريري ورئيس «التقدمي» وليد جنبلاط وارد وقائم في أي لحظة، والعلاقة بينهما تتجاوز التفاصيل البروتوكولية، والاتصالات بينهما جارية».

وأكدت مصادر «الاشتراكي» أن «طرح حل للعقدة الدرزية، من خلال وزير درزي وسطي بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والوزير والنائب طلال أرسلان ، هو طرح مرفوض وغير وارد، وكلّ ما يُحكى عن حلول هي شائعات لا فائدة منها ولن تلقى قبولنا».

على صعيد آخر، كشف وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، أنه بحث مع مسؤولين أميركيين كبار في البيت الأبيض «النزاع النفطي» بين لبنان والكيان إلاسرائيلي، وكيفية ترسيم الحدود البحرية. وأشار شتاينتس إلى أن الاجتماع الذي عقد في البيت الأبيض في عطلة نهاية الأسبوع الماضي شارك فيه صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر والمبعوث الخاص للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات والسفيرة الأميركية في لبنان اليزابيث ريتشارد وانضمّ إليهم السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة رون ديرمر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى