ألمانيا تعلن استعدادها لإجراء مفاوضات دولية في خفض الرسوم على السيارات
أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس، «أنها ستدعم بدء محادثات مع شركاء برلين التجاريين بشأن خفض الرسوم على السيارات»، وذلك في محاولة لثني الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم باهظة على واردات السيارات من الاتحاد الأوروبي.
لكن ميركل أوضحت «أنّه لا يمكن لمفاوضات من هذا النوع أن تُجرى إلا إذا انخرطت فيها جميع الدول التي تربطنا بها تجارة سيارات»، وذلك بدلاً من إجرائها مع الولايات المتحدة وحدها.
وصرّحت «أن التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة وحدها لن ينسجم مع قوانين منظمة التجارة العالمية».
وأضافت ميركل في إشارة إلى المحادثات المتوقفة حول التوصل إلى اتفاق تجارة حرة عبر الأطلسي «إما أن نجري مفاوضات حول مجموعة واسعة من الرسوم لـ90 في المئة من البضائع، وإما يمكننا التحدث عن نوع واحد من البضائع، ولكن في هذه الحالة يجب أن نمنح المعاملة نفسها لجميع شركائنا التجاريين في العالم. وهذا خيار يمكنني تصوره».
وجاء عرض ميركل بعد أن عقد سفير الولايات المتحدة لدى ألمانيا ريتشارد غرينيل اجتماعاً مع قادة الشركات الثلاث الألمانية الكبرى المصنّعة للسيارات «فولكسفاغن» و«بي أم دبليو» و«دايملر» وشركة «كونتينانتل» المصنّعة لقطع السيارات.
وخلال هذا اللقاء دعا الاتحاد الأوروبي إلى خفض الرسوم على السيارات إلى الصفر مقابل معاملة مماثلة من الولايات المتحدة.
وأشارت ميركل إلى أن الاتحاد الأوروبي سيتفاوض ككتلة واحدة، وقالت «إن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر سيتوجّه إلى واشنطن لإجراء محادثات بهدف منع اندلاع حرب تجارية مع الولايات المتحدة».
وصرّح مصدر أوروبي طلب عدم الكشف عن هويته «إن مفوضة التجارة في الاتحاد سيسيليا مالستروم ذكرت في اجتماع مع سفراء الاتحاد الأوربي خيارات تجري دراستها، من بينها التوصل إلى اتفاق متعدد الأطراف بشأن السيارات».
ويمكن أن يشمل مثل هذا الاتفاق الاتحاد الأوروبي والصين والمكسيك واليابان وكندا وكوريا الجنوبية، بحسب المصدر.
اتهم ترامب أوروبا الأحد بأنها «سيئة مثل الصين» بشأن التجارة، بعد أن أكد أنه «يفكر في فرض رسوم جمركية بنسبة 20 على السيارات المستوردة من الاتحاد الأوروبي»، ما سيؤثر خصوصاً على ألمانيا التي يعتمد اقتصادها بشكل عام على هذا القطاع، بعد أن فرض رسوماً باهظة على الصلب والألمنيوم.
وفرض الاتحاد الأوروبي رسوماً على منتجات أميركية من بينها الويسكي والجينز ودراجات هارلي ديفيدسون كإجراءات رمزية للردّ على فرض رسوم على الصلب والألمنيوم.
وفي كلمة إلى أعضاء البرلمان الألماني أمس، قالت ميركل «إن الجانبين يخوضان حالياً نزاعاً تجارياً».
وقالت «من الأفضل تجنّب تحوّل هذا النزاع حرباً حقيقية إلا أنّها أضافت أن ذلك يتطلّب من الطرفين اتخاذ خطوات».
وقد يرضي الرئيس الأميركي استعداد ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا والمنتج الأول للسيارات، لخفض الرسوم على السيارات.
وكان ترامب اقترح خلال مؤتمر مجموعة السبع «أن تصبح المجموعة منطقة تجارة حرة».
إلا أنه طغت على اقتراحه خلافات حول قضايا عدة من بينها قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.
وقالت شركة «بي أم دبليو» التي تملك مصنعاً في كارولاينا الجنوبية يوظف 10 آلاف شخص، إنها «تؤيد زيادة التجارة من خلال خفض الرسوم والعوائق الأخرى غير المتعلقة بالرسوم، خصوصاً تلك التي تؤثر على تجارة السيارات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي».
وأعربت غرفة التجارة والصناعة الألمانية عن تأييدها لإلغاء الرسوم على السيارات.
وصرّح مارتن وانسلبين رئيس الغرفة «من الأفضل التحدّث عن خفض الضرائب بدلاً من زيادتها».
وفي مؤشر إلى المخاوف التي تحيط بهذه الصناعة فقد أدى الحديث عن إلغاء الضرائب إلى ارتفاع الأسواق.
على صعيد آخر، بدا الخلاف واضحاً أمس، أيضاً بين أنجيلا ميركل وفيكتور أوربان حول مسألة الهجرة عندما دافعت المستشارة الألمانية عن واجب «إنساني» في الوقت الذي تتعرّض فيه لاتهامات بالتنازل أمام المتشددين في أوروبا.
وصرحت ميركل أمام صحافيين عند استقبالها لنظيرها المجري «سندافع عن حدودنا الخارجية في الاتحاد الأوروبي، لكن ليس بهدف الانعزال والحديث عن حصن»، مشيرة إلى «اختلافات في الرأي معه حول الموضوع».
وأضافت أن «الإنسانية هي روح أوروبا ونريد الحفاظ على هذه الروح… وأوروبا لا يمكنها أن تنصرف بكل بساطة عن المعاناة والآلام بأن تنعزل داخل حصن».
وكانت ميركل تخاطب أوربان الواقف إلى جانبها والذي غالباً ما اختلفت معه حول الهجرة منذ 2015 وفي الوقت نفسه من يتّهمونها اليوم بالعدول نهائياً عن سياسة الاستقبال السخي التي أطلقتها إزاء اللاجئين وبأنها رضخت للضغوط وتلتزم نهج التشدّد في أوروبا.
إلا أنّ أوربان رد بالقول «نعتقد أننا نساعد بشكل إنساني عندما لا نقوم بدعوة المهاجرين إلى الحضور».
وأكد أن «الحلّ الوحيد» برأيه هو «إغلاق الحدود» و«عدم السماح بدخول الذين يأتون بالشر» إلى أوروبا، مضيفاً «لا نريد استيراد المشاكل»، متوجّهاً إلى المستشارة.
ودعا أوربان برلين إلى إبداء امتنان أكبر إزاء المجر التي تفرض رقابة مشددة على حدودها الجنوبية مع كرواتيا وصربيا وإلا «فإن 4 إلى 5 آلاف مهاجر سيصلون ألمانيا كل اليوم»، مضيفاً «هذا هو التضامن».