هل يُبرم ترامب صفقة مع بوتين للخروج من سورية؟
سماهر الخطيب
لطالما كانت دمشق مفتاح موسكو، كما قالت الإمبراطورة الروسية كاثرين العظيمة، ولا زالت هذه المقولة قائمة حتى الآن في عهد «القيصر» الروسي فلاديمير بوتين.
فمن سورية انطلقت روسيا تلبيةً للحليف القديم الثابت، رابط العقد في المحور الدولي ـ الإقليمي الممتدّ من بكين إلى موسكو إلى طهران إلى بغداد إلى دمشق إلى لبنان، حيث القوة الأسطورية للمقاومة.
وبالرغم من أفول توهّج قطبها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي إلا أنّ روسيا «الإمبراطورية» لن تتراجع عن دورها العالمي. وفي الآونة الأخيرة شهدت موسكو حجاً متوافداً نحوها لتصبح موسكو مفتاح دمشق، كما الأخيرة مفتاحها. فكلتاهما محور للاستراتيجيات الدولية السياسية والاقتصادية وكذلك الدفاعية والأمنية.
وما يدعو إلى الغرابة هو توافد رؤساء وحكام الدول للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حين تشهد استراتيجياتهم المصلحية في سورية ثماني سنوات من الفشل، ولسان حال أنفسهم يقول: «لربما استطعنا الحصول على ما يثلج مسامعنا ومساعينا في تحصيل بعض المكاسب من حليفه الثابت الرئيس السوري».
إن واشنطن وحلفاءها بالإضافة إلى ركيزتها في المنطقة «إسرائيل» قد صرفوا ما صرفوا طوال سنوات في الحرب السورية، وفقاً لأسلوب «الحرب الهجينة» وتضمينها جميع الأساليب التي اعتمدت في افتعال وإدارة الحروب من خلال السيطرة على وسائل الإعلام وفرض العقوبات ودعم الاضطرابات الداخلية وارتكاب الأعمال الإرهابية والتخريبية وغيرها..، «طبعاً» قبل الدخول في حرب تجارية يستعر لهيبها داخل أروقة «البيتين» الأبيض والأوروبي.
في هذه الأثناء يعقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب العزم للقاء نظيره الروسي. والملف الأهم في هذا اللقاء هو الملف السوري ومحاولة «التاجر» الأميركي و«سمسار» العقارات الحصول على صفقة تحميه من ردود فعل إدارته وتثري ولايته بالنقاط الإيجابية بعد ما ارتفع منسوب سلبية قراراته.
وينوي ترامب مناقشة وجود القوات الأميركية في سورية مع بوتين، آملاً أن تؤدي هذه المناقشة خلال لقائه المرتقب بالرئيس الروسي إلى إبرام «صفقة» لجلاء القوات الأميركية عن سورية.
لكن ماذا عن الوجود الإيراني الذي يسعى ترامب إلى منع النفوذ الإيراني في المنطقة. الأمر الذي يعد الجزء المفتاحي من خطة ترامب حول سحب القوات الأميركية. وجاء ذلك في تصريحات واشنطن الأخيرة بأنه لا مشكلة لها مع الرئيس الأسد، وإنما مشكلتها الأساسية مع إيران!
ويرى أنه من الضروري أن يفعل ذلك في أسرع وقت، ووفقاً لخطة ترامب ستسمح الولايات المتحدة الأميركية للسلطات السورية باستعادة السيطرة على الأراضي في مناطق الحدود مع الأردن مقابل ضمانات روسية بعدم ملاحقة دمشق للمسلحين الموجودين هناك والسماح لهم بمغادرة المنطقة.
إنّ ما تهتم به الولايات المتحدة قبل كل شيء، وقبل مصير الرئيس الأسد، والحفاظ على نفوذها في سورية، وحتى قبل الحفاظ على المعارضة المسلحة التي تدعمها و«داعش» والأكراد هي الحفاظ على الأمن القومي «الاسرائيلي».
ومن بين البنود التي قيل إنه تمّ التوصل إليها من أجل إنشاء منطقة خفض التوتر جنوب سورية هي ضرورة إبعاد القوات غير السورية من هذه المنطقة، كذلك فإن المشاورات والمفاوضات ركّزت على ضمانات حول الحفاظ على الأمن القومي «الاسرائيلي». ومن الممكن هنا أن يكون هناك نوع من التفاهم بين روسيا وأميركا حول هذا الموضوع، لأن واشنطن أرسلت رسالة واضحة للمعارضة بأنها لن تتدخل في معركتها مع الجيش السوري. وهو ما أكده المسؤولون الأميركيون بأنهم لن يتدخلوا في الجنوب.
ومن الواضح أنّ ترامب يريد أن يكون لاعباً في الساحة السورية ولن يتركها بهذه السهولة. ويبدو أنّ هذا اللقاء لن يفشل. فهذه اللقاءات تنعقد ليس من أجل فشل وإنما من أجل نجاح، ولكن ما هو حجم هذا النجاح الذي سيتكرّس مستقبلاً؟