عشق الصباح
«جدّف يا بحار
صار البيت جزيرة حلم
فليمضي الزورق
حول نوافذنا الزرقاء
ويسبح في الأفق الأزرق
جدف يا بحار».
قطرات مطر صيفي، تنساب على زجاج النافذة المغلقة بوجه الريح الشمالية، تنساب القطرات على مهلها كأنها عالقة بين الريح وأول أشعة الشمس في الصباح، كان ثمة طائر يرف بجناحيه الملونين محاولاً أن يتكئ على حواف النافذة، نفض ريشه المبلول بالمطر مرات عدة، زائر صباحي غير متوقع وقف يصغي لموسيقى حزينة تتسلّل من شقوق النافذة ورجل يتكوم على أريكة قديمة، تعب من الورق ومشاغبات الحبر وأنين الكلمات ومن توالي الشتاءات والبرد والوحدة والانتظارات. يقلب في دفتر صور قديم.
هذا الوجع الذي يحاصره حتى كاد يخنق وميض أي فرح محتمل جعله يسترجع الذكريات، الصور والحكايا، يلتفت نحو الباب مرات لعلّ أحداً يأتي ويدقّ، فينهض مسرعاً يفتح الباب ليدخل الدفء. ومرة ينظر إلى النافذة وقد أدهشه وجود هذا الطائر الذي يحاول الانفلات من البرد والمطر وهو يفتش عن ثقب يتسلّل منه لربما يؤنس وحدة هذا الرجل المتكوم عل الأريكة المسكون بالحزن والوجع والموسيقى الحزينة. راح الرجل يشرب قهوته الباردة رشفة، رشفة وهو يرقب الباب والنافذة والطائر والمطر.
وفيروز تغني «أنا يا عصفورة الشجن
أنا عيناكِ هما سكني
راجع من صوب أغنية
من حدود الأمس يا حلما زارني طيرا على غصن
كنت بالبال ولم تكن».
من قصيدة للشاعر السوري الراحل سليمان العيسى.
حسن إبراهيم الناصر