«إسرائيل» ترتبك أمام ربط لافروف وغراسيموف لفك الاشتباك بفتح ملف الجولان ووقف الغارات ملف النازحين يتقدّم المأزق الحكومي… وموسكو أبلغت لبنان: «لسنا بديلاً للحكومة السورية»
كتب المحرّر السياسيّ:
بغياب القنوات التفاوضية بين طهران وواشنطن تحوّلت المنابر الإعلامية منصات لتبادل الرسائل بالتهديد والتهديد المعاكس، ووسط الكلام العالي السقوف، لكن بغياب لغة الحرب العسكرية، التي تبدو واشنطن متنبهة لخطورة استحضارها، تصير المفردات الواقعية الملموسة في التهديدات هي من الجانب الأميركي تحت عنوان، سنمنعكم من تصدير قطرة نفط واحدة، والردّ من الجانب الإيراني تحت عنوان، إن لم نصدّر نفطنا فلن ندَع سوانا يفعل ذلك. ويصير مضيق هرمز هو الحكاية الحقيقية للتجاذب، الذي سيقرّر وحده، وما يتهدّد عبره سوق النفط من اشتعال أسعار كحد أدنى أو اشتعال الناقلات كحد وسطي، واشتعال الحرب كحد أعلى، مستقبل المواجهة. وهل ستتحمل واشنطن الذهاب إلى طريق اللانهاية بما فيها من مخاطر اشتعالات متعددة، أم ستدع لإيران متنفسها النفطي والمالي الذي يحول دون التصعيد الكبير، كما فعلت إدارة جورج بوش عام 2007 عندما كان مضيق هرمز عنوان المواجهة، فاخترعت نافذة دبي التي استثنتها من العقوبات، لتتحوّل بوابة بيع النفط الإيراني ومرفأ التجارة الإيرانية، ومصرف إيران المتفق عليه؟
بالتوازي، مع هذا التجاذب تجاذب آخر روسي إسرائيلي حول عنوان فك الشتباك في الجولان، بين ما تحاول «إسرائيل» فرضه من مفهوم واقعي لفك الاشتباك يُبقي الغارات الإسرائيلية في العمق السوري، ويتيح لـ«إسرائيل» التحدث عن حرب خاصة بها تخوضها في سورية ضد إيران وحزب الله، وينتهي بنشر وحدات مراقبي الأندوف، من دون فتح ملف الإنسحاب من الجولان، كما تنص القرارات الدولية التي ربط بها اتفاق فك الاشتباك يوم توقيعه، بل يمكن لـ«إسرائيل» المضي بإجراءات ضم الجولان وفقاً لتطلعات وحسابات نتنياهو أسوة بضم القدس والاعتراف الأميركي بذلك. وبالمقابل مفهوم روسي يشترط للدخول على خط البحث مع الحكومة السورية بمضمون فك الاشتباك وقبوله على حدود الجولان، بالحصول على تعهد إسرائيلي واضح بفتح ملف الانسحاب من الجولان، والتخلّي عن طروحات الضم، ووقف كل العمليات العسكرية في الأراضي والمياه والأجواء السورية وفقاً لنصوص اتفاق فك الاشتباك، وترك مسألة الوجود الإيراني ووجود حزب الله كقضية منفصلة يمكن معالجتها عند انسحاب الإسرائيليين والأتراك والأميركيين من سورية واستعادة الدولة السورية سيادتها، وفك العقوبات عنها وعودتها إلى الساحة الدولية. وقد شهدت تل أبيب جولات من التبادل للآراء بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ورئيس الأركان الروسي فاليري غراسيموف حول هذين المفهومين، وسط ارتباك إسرائيلي عكسته وسائل الإعلام، وفقاً لمعادلة القلق من خسارة العلاقة بروسيا، خصوصاً مع وجود تفاهم روسي أميركي كبير، وبين الدخول في تنازلات تصيب ما تبقى لديها من قدرة ردع متهالكة حاولت ترميمها ولم تفلح.
لبنانياً، تقدّم مشهد عودة النازحين على تعثر الحكومة الجديدة، مع المبادرة الورسية التي لم تنجح محاولات توظيفها من تيار المستقبل والقوات اللبنانية للقوطبة على الانتصار المعنوي الذي حقّقه رئيس الجمهورية ووزير الخارجية بالتبنّي الدولي لعودة النازحين بمعزل عن الحل السياسي، عبر تصوير التبني الدولي بديلاً عن التواصل مع الحكومة السورية، واعتباره فشلاً لأطروحات رئيس الجمهورية ووزير الخارجية، وقبل أن تذهب قيادات المستقبل والقوات في نشوة نصرها المفترض قالت مصادر روسية إن موسكو ليست بديلاً عن دمشق، وإن العودة يجب أن تتم بالتنسيق بين حكومات دول إيواء النازحين والحكومة السورية، وإن موسكو تستطيع تسهيل الخطوات الأولى لهذا التواصل، وأكدت المصادر إنها أبلغت هذه الرسالة للحكومة اللبنانية ومبعوث رئيس الحكومة.
الروس لشعبان: لن نكون بديلاً عن سورية
فيما بقي الجمود سيّد المشهد الحكومي بانتظار عودة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى بيروت من رحلته الأوروبية، لا يزال ملف النازحين السوريين يحتل الساحة الداخلية مع تبلور موقف دولي موحّد عبرت عنه القمة الأميركية الروسية في هلسنكي للبدء بحل أزمة النزوح في المنطقة، إلا أن اللافت هو المحاولات اللبنانية للالتفاف على مضمون التفاهم الدولي للتهرب من التواصل المباشر مع سورية لإعادة نازحي لبنان الى بلدهم عبر إقناع الروس بأن تكون الضامن والراعي لذلك، حيث يعمل مستشار الحريري جورج شعبان على تسويق هذا الأمر معلناً عن خطوات عملية الاسبوع الحالي من قبل مسؤولين لبنانيين بتواصلهم مع مسؤولين روس لـ «وضع الأطر حول بدء عملية عودة النازحين، بعد اتفاق المجتمع الدولي والأميركيين والروس».
لكن روسيا لن تحلّ مكان الحكومة السورية ولن تكون البديل عن التنسيق المباشر مع سورية، بحسب ما قالت مصادر مطلعة لـ «البناء». وأكدت المصادر بأن «لا يمكن إعادة النازحين إلا بتنسيق مباشر بين الحكومتين اللبنانية والسورية».
وقد أبلغ المسؤولون الروس مستشار الحريري، بحسب معلومات «البناء»، بأن «لا بديل عن التنسيق مع سورية بهذا الشأن وأن الدور الروسي لن يكون كافياً، بل هو عامل مساعد ولا بدّ من التواصل المباشر مع سورية لا سيما أن هناك أكثر من قناة اتصال بين الدولتين». وتضيف المعلومات بأن «شعبان حاول إقناع روسيا تشكيل لجنة روسية لبنانية بالتعاون مع الأمم المتحدة كجهة راعية لإعادة النازحين، لكن روسيا رفضت ذلك ناصحة شعبان بالتواصل مع سورية».
وتشير المصادر الى أن «إعادة دفعة جديدة من النازحين الى سورية أبلغ دليل بأن التنسيق المباشر بين سورية ولبنان هم المدخل الوحيد لحل الأزمة». ولفتت الى أن «المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم يقوم بوظيفتين: أمنية وهي من صلب مهماته، ووظيفة سياسية بعد أن أوحي للدولة السورية بأنه مبعوث رئاسي من رئيس الجمهورية الذي لديه قناة أخرى أيضاً للتواصل مع سورية من خلال وزير الدولة لشؤون الرئاسة».
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن «تمّ فتح أول ممرين للاجئين السوريين من الأردن ولبنان»، مشيرة الى أنه «سيتم فتح 3 نقاط أخرى بحلول 27 الحالي». وقالت الخارجية الروسية إن موسكو تجري «مشاورات مع دول عدة لرفع العقوبات الاقتصادية عن سورية وتقديم المساعدات الإنسانية لها».
وفي سياق ذلك، نقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري تأكيده ضرورة التواصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية لمتابعة وحلّ هذه القضية لا سيما أنها لمصلحة البلدين والتواصل يخدم لبنان على المستوى الاقتصادي في مرحلة إعادة إعمار سورية.
وكانت قافلة تضمّ نحو 850 نازحاً سورياً الى مخيمات عرسال، انطلقت أمس، عائدة الى القلمون الغربي عبر وادي حميد حميّد بمواكبة الأمن العام اللبناني وموظفين من مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وتندرج الدفعة الجديدة من ضمن لوائح بـ3000 اسم لنازحين ينالون الموافقة التدريجية من السلطات السورية على العودة.
وقالت أوساط مطلعة لــ»البناء» إنه «وفي ظل الفراغ الحكومي ستبقى آلية التواصل مع السلطات السورية اللواء إبراهيم وحزب الله، أما في مرحلة ما بعد تأليف الحكومة فسيكون التنسيق المباشر بين الحكومتين هو السائد عبر وزير الدولة لشؤون النازحين الذي سيكون على صلة وثيقة بالملف»، ولفتت الى أنه «لن تكون حكومة إذا استمرت في سياسة العداء مع سورية وبسياسة النأي بالنفس التي كلّفت لبنان أثماناً باهظة».
وعلى وقع مفاوضات التأليف عاد الانقسام السياسي إزاء سياسة النأي بالنفس الى الواجهة مع رفض قوى 14 آذار إسقاط هذه السياسة وإعادة إحياء العلاقات مع سورية، وربط ذلك بالحل السياسي في سورية. وأعلن حزب «القوات» بأن «سياسة النأي بالنفس لن تسقط إطلاقاً»، وأكد أنه «لا يمكن إحياء العلاقات اللبنانية – السورية قبل انتهاء الحرب السورية وإحلال السلام وقيام حكومة تحظى بشرعية سورية وعربية ودولية».
في المقابل أكد النائب عبد الرحيم مراد ، في تصريح من دار الإفتاء بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ، أن الأوان آن لنتخلى عن شعار النأي بالنفس السيئ والسلبي، داعياً الى إعادة العلاقات اللبنانية السورية الى طبيعتها. داعياً الى تمثيل النواب السنة العشرة من خارج تيار المستقبل داخل مجلس الوزراء.
تحرّك لعون بعد عيد الجيش!
على الصعيد الحكومي، لم يبرز أي جديد مع وجود الرئيس المكلف خارج البلاد ومغادرة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل الى الولايات المتحدة اليوم. وبحسب معلومات «البناء» فإن «الحريري لم يتلق الضوء الأخضر السعودي بعد للإفراج عن الحكومة»، كما علمت «البناء» بأن «رئيس الجمهورية ينتظر عودة الحريري وما سيقدّمه من اقتراحات للمسألة الحكومية وسيمرّر مرحلة تخريج دورة الضباط في عيد الجيش بسلاسة وبعد ذلك هو بصدد لعب أوراق سياسية عدة ذات أبعاد دستورية لتحريك عجلة التأليف الى الأمام».
غير أن اللافت هو الأصوات التي بدأت تخرج من أوساط المستقبل التي تحمل رسائل الى رئيس الجمهورية والمحذّرة من المسّ بالصلاحيات وباتفاق الطائف والتهديد بأن أي تعديل بأحد بنوده سيطال كامل البنود الأخرى، ما رأت فيه مصادر سياسية ضغطاً على رئيس الجمهورية ودفعه للتنازل من حصته لصالح رئيس الحكومة، وأشار عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش الى أن «رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يسعى الى تأليف حكومة متوازنة وفق نظرته وليس وفق رغبة الآخرين»، محذّراً من «المحاولة القائمة حالياً من أجل الالتفاف على اتفاق الطائف ، من خلال الإيحاء بأن رئيس الجمهورية ميشال عون استعاد سلطاته من خلال القدرة على إيقاف الحكومة أو من خلال الثلث المعطّل، لكن الحريري يرفض أي مسعى من هذا النوع». وانتقد علوش «لغة العنتريات والمزايدات حول الصلاحيات والقوة»، معتبراً أن «هذا الأمر يستفزّ الناس، لأنها قد تؤدي الى إعادة طرح جذري لكل المعطيات في البلد ومن ضمنها الدستور »، مشيراً إلى أن «أي طرح حول الدستور سيفتح الباب بشكل كامل على بنود منه، إذ ليس صحيحاً أنه يمكن للبعض معالجة نقطة من دون طرح نقاط أخرى».
في المقابل اعتبر عضو المجلس المركزي في « حزب الله » الشيخ نبيل قاووق أن «الحريص على مصلحة الوطن لا يُعطي أذنه الى الخارج، وبالتحديد مَن يكون حريصاً على الاقتصاد اللبناني لا يستطيع ان يكون أسيراً للفيتو السعودي ليمنع التواصل الرسمي بين لبنان و سورية، لفتح المعبر الوحيد للبنان في اتجاه الخليج». واوضح قاووق: «ان ثمة قوى في الحكومة تلتزم بالإملاءات وبالفيتو السعودي، فمن كان يريد المساعدة في عودة النازحين السوريين لا يمكنه أن يتنكر لحقيقة وضرورة التواصل الرسمي بين الحكومة اللبنانية والسورية».
جلسة نيابية
من جهة ثانية، دعا الرئيس بري اللجان النيابية الى جلسة مشتركة تُعقد الخميس المقبل، لدرس مشاريع واقتراحات قوانين أبرزها يرمي الى حماية كاشفي الفساد واقتراح قانون الصندوق السيادي اللبناني واقتراح قانون يرمي الى مكافحة الفساد في عقود النفط والغاز.
عملية نوعية للجيش في البقاع
وفي إطار الخطة الأمنية في بعلبك – الهرمل، وفي عملية نوعية، تمكن الجيش من إحكام سيطرته على بلدة الحمودية غرب بريتال، بعد اشتباكات دارت صباح أمس إثر مداهمة منزل أحد أخطر المطلوبين علي زيد إسماعيل، انتهت بالقضاء عليه الى جانب 7 من مجموعته وتوقيف 41 مطلوباً بينهم 6 جرحى من دون تسجيل إصابات بين العسكريين، وضبطت كمية من الأسلحة والمخدرات.