الغربة محور كتاب «محمد الماغوط في مدن الغرباء»

دمشق ــ سانا

يختصر كتاب «محمد الماغوط في مدن الغرباء» الصادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب وقائع الندوة الثقافية التي أقامتها وزارة الثقافة عن هذا الأديب ومحاورها.

وعرض الكتاب للبحث الذي قدّمه الناقد الدكتور عبد الله الشاهر بعنوان «الغربة في شعر الماغوط»، حيث أشار إلى أن المجموعة الأولى للأديب الراحل كانت «حزن في ضوء القمر» ليرحل وهو حامل سر غربته، فكان غريباً في كل مكان فضلاً عن غربته النفسية التي عاشها. فظل المكان الذي ينتمي إليه قابعاً بوجدانه ليخرج ذلك على شكل قصائد مفجعة ومأخوذة بالحنين، كما في قصيدته «أغنية إلى باب توما».

ويلفت الشاهر إلى أن الماغوط يمزج بين أمه وبين الوطن حيث كتب عن ذلك.. «وأنا أحبو باكياً وراء أمي المنصرفة عني وراء الكنس والمسح ونفض الغبار. كنت آكل كل ما تطاله أظافري من تراب العتبة والشارع وفسحة الدار ويبدو أنني أكلت حصتي من الوطن منذ ذلك الحين».

كما يفرد الكتاب بحثاً مطولاً لحسام خلوف بعنوان «محمد الماغوط في عيون الغرباء إشكالية الدال والذات» أي العلاقة الجدلية بين الذات ومعرِّفها اللغوي المتمثل بالاسم الشخصي وسائر مفردات الهوية الرمزية، مفترضاً أن كل كتابات الماغوط تصدر عن هذه الإشكالية.

ويبحث خلوف في «فيلم الحدود» نموذجاً للذات، الكينونة التي تضيع دالها المعرّف من خلال بطل الفيلم الذي ضيّع أوراقه الثبوتية على الحدود بين بلدين، فأصبح نكرة ولا يمكنه العودة إلى بلاده ولا العبور إلى بلد آخر، لأنّه فقد داله المعرف وموقعه في اللغة وفي بنية النظام الرمزي، كما يبحث خلوف في مسرحية «المهرج» حول عاقبة عدم تسجيل الكينونة في النظام الرمزي من خلال استحضار شخصية صقر قريش إلى واقعنا الحاضر وهو لا يحمل أوراقاً ثبوتية.

ويرى الباحث خلوف أن الذات عند الماغوط تنفي دالها وتعمد إلى إتلاف اسمها. كما يبحث خلوف في كسر الأديب الراحل القواعد النحوية والاغتراب والإحساس بالتجزؤ من وجهة نظر سيكولوجية سابراً أغوار النفس من خلال نصوصه.

أما بحث الدكتور إسماعيل مروة «الماغوط المترقب على الدوام من سلمية إلى مدن الغرباء» فيرى أن «الراحل صاحب خصوصية لا تتوافر لسواه فهو الصياد لكل بارقة أمل والمترقب على الدوام والجالد نفسه قبل أن يكون شاتماً للآخرين».

كما يبحث مروة في نشأة الماغوط وانطلاقه من مدينة سلمية التي تعجّ بالمبدعين متطرقاً إلى علامات شعره البارزة انطلاقاً من عنايته بالتفاصيل الصغيرة مستعرضاً مسيرة الماغوط في المسرح الذي لجأ إليه لأنه يحقق شهرة أوسع وللحاجة المادية.

ويعتبر مروة أن الصحافة كانت المحطة الأهم في حياة الماغوط بعد الشعر كما يتطرّق مروة للصور المقلوبة التي وصلت الناس عن الراحل من حيث فوقيته مؤكداً تواضعه الشديد.

وفي الفصل الأخير من الكتاب الذي يقع في 184 صفحة من القطع الكبير اختارت خلود أحمد رسول قصائد شفافة من شعر الماغوط فيها الحبّ والحنين والغربة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى