ناتو عربي… يا للهول! تُعرَف الكذبة من حجمها…
دأبت آلة الكذب والفبركة على إطلاق كلامٍ هوائيّ لا قيمة ولا أساس له من الصحة في الواقع، فالعالم الواقعيّ اليوم اقترب من الافتراضي والأجيال الجديدة تعيش في الافتراضي أكثر منه في الواقع المعاش وقوانينه وقواعده وتوازناته واحتمالات تطوّراته…
أميركا في الشرق العربيّ في حالة هزيمة وانسحابية، هذا ما أعلنه تقرير بيكر هاملتون عام 2006، العقل المفكّر للدولة العميقة ومؤسّساتها، وحاول تطبيق تعاليمه أوباما، لكنه أُعيق من القوى واللوبيات النافذة، فجاء ترامب محمولاً على تلك الاستراتيجيات ومسنوداً من قوّة صلبة في الدولة العميقة، وعدّل التوصيات على قياسات مشروعه ومن يمثّل، ورفع شعار أميركا أولاً واقتصادها واستقرارها أولاً…
الرجل مُتّهمٌ ويجري التهكّم عليه، ويصوَّر كأنه «كركوز»… لا بأس، فالحياة أغنى من توصيفاتها والإطلاقات الأخلاقية على ظواهرها ومجرياتها، لكنّه عمل بصلابةٍ ووضوحٍ وشفافيّة لإنجاز ما جاء من أجله، وأعلن أنه سيسحب القوّات الأميركية من سورية، فكلفتها أعلى من جدواها، ونسف بذلك منظورات وتنظيرات كثيرة سيطرت على المناخ الفكري والتنظيري واشتغل بها أبطال ومصارعو الفضائيات، وبرامجها ووسائط التواصل…
ولتغطية عجز وانسحاب أميركا ولإشغال الرأي العام بتمنيات يتمنّون حدوثها فعلاً، أطلق قبل حينٍ مشروع التطبيع الخليجي الإسلامي مع «إسرائيل»، ثم انحسرت النظرية وانشكفت المؤامرة، فعوّض المفبركون والمتآمرون بمؤامرةٍ ثانيةٍ أكثر صخباً «صفقة القرن» وإنشاء ناتو عربي إسلامي «إسرائيلي» وجالت الفكرة وصالت وشغلت الأدمغة والقلوب والألسن والأقلام وما زالت، حتى جاءت الصفعة ممن يفترض أنه صاحب المصلحة، والقدرة والجدية على إنفاذها، فانقلب ملك السعودية ظاهرياً على ولده ووريثه وخليفته في الملك محمد بن سلمان، وصارت الوسائط تعجّ بشعارات التزام السعودية بالقدس وحقّ العودة وبالالتزام بما يقرّره الفلسطينيون بعد أن فقدوا كلّ خياراتهم أمام انتصارات محور المقاومة ورفض الشعب الفلسطيني لكلّ ما يُحاك من مؤامرات متمثلاً بمسيرات العودة وداعميها…
ومصانع الفبركات لا تكفّ عن تقديم منتجاتها المسمومة، وقبل إعلان السعودية عن عبثية الكلام في صفقة قرن، بدأت الآلة الإعلامية تنتج مؤامرة جديدة تحت مسمّى «ناتو عربي» والذريعة مواجهة إيران وحلفها…
سألت العرب: كيف تعرف الكذبة؟ أجيبت من كبرها، ومن ضخامتها وعدم منطقيتها…
ناتو عربي… يا للهول؟! ألم تنشئ كونداليزا رايس تحالف «المعتدلين العرب» مع «إسرائيل» وبقيادة أميركا وجيشها وأمنها… تذكّروا…! ألم يُهزم هذا التحالف في غزة مرات ومرات… ألم يسقط في حرب تموز في لبنان، وقد وصف الرئيس الأسد رموزه بأنصاف الرجال…
ومن أدار حروب المنطقة وفرض فتنتها من ليبيا إلى اليمن وسورية والعراق؟ ومن زجّ بمئات الآلاف من المرتزقة، ومن قاد المؤامرة على سورية؟ أليس ناتو «إسرائيلي» أميركي أوروبي، والمستعربون والمتأسلمون، وقد بذلوا كلّ وآخر ما لديهم من مالٍ وقوىً وتحالفات وجيوش…
هُزمت أميركا، و«إسرائيل» باتت شجرةً يابسةً في الحقل تنتظر همّة الفلاح أو العاصفة لاقتلاعها، وقد انهارت الوهابية وتخسر في كلّ مكان، واستنفذت السعودية كلّ ما لديها من أموال وأسلحة، وقد انحسر نفوذ الإخوان المسلمين ويتساقطون كأوراق الخريف، ودبيّ في أزمة انهيارية، وكذا مشيخات الخليج، والقوات الأميركية بدأت تفكيك قواعدها للانسحاب من سورية…
من أين يصير ناتو؟ ومن هي قواه وأدواته؟
المهم أن يتنبّه مثقفو وخبراء ومحللو حلف المقاومة وإعلامه للأمر، ويتصدّوا لما يصمّمه الغرب من مؤامرات وفبركات…
التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة