تركيا وإدلب وقد دقّت الساعة
– في مطلع عام 2015 عندما عزم الأميركيون أمرهم على السير بتوقيع التفاهم النووي مع إيران كنتيجة لفشل الرهان على خلق وقائع جديدة في المواجهة الكبرى الدائرة في سورية بعمل حربي كبير، جرّدوا له أساطيلهم وتراجعوا عنه في ربع الساعة الأخير تفادياً لمواجهة مفتوحة بدت طلائعها مع روسيا وإيران وسورية والمقاومة. واستداروا بعدها للغة التفاوض في ملف إيران النووي مباشرة. قام الأميركيون بإبلاغ حلفائهم ومنحهم فرصة ترتيب أوراق قوة تحمي مصالحهم قبل التوقيع. فحاولت «إسرائيل» فرض قواعد اشتباك لجنوب سورية عنوانها إبعاد حزب الله وإيران عن الحدود وفشلت ولا تزال تحاول، وشنّت السعودية حربها على اليمن وغرقت وحاولت الخروج ولا تزال تحاول، ودخل الأتراك إدلب بالتعاون مع جبهة النصرة.
– حتى الآن فشل الدخول التركي إلى إدلب في تحقيق هدفين متتابعين لتركيا. فقد فشت محاولة جعل احتلال إدلب مدخلاً للسيطرة على شمال سورية، خصوصاً في معركة حلب. وفرضت الهزيمة في حلب تموضعاً تركياً في إطار مسار أستانة بالشراكة مع روسيا وإيران. كما فشلت محاولة قيادة تركيا بتفويض أميركي للحرب على داعش شمالاً ليتسنّى لها التأثير في مستقبل سورية بإمساك الشمال من حدود العراق إلى البحر، وتمسّكت أميركا بالاعتماد على الأكراد ليكون لها وجود مباشر وقرار منفصل عن الحسابات التركية تستطيع توظيفه تفاوضياً مع روسيا التي كانت قد صارت في قلب المعادلة السورية بعد التوقيع على التفاهم النووي الإيراني بشهور قليلة.
– لم يتبقّ للأتراك سوى الحصول على ما يحفظ ماء الوجه بزوال القلق من الانفصال الكردي بكيان مستقل. وهو هدف تركي إيراني عراقي سوري مشترك. ويبدو أنه في طريق التحقيق بينما لا حلّ في إدلب يستطيع الأتراك فرضه بلا الآلة الجراحية للجيش السوري.
– الجيش يستعدّ لبدء عملية عسكرية ستطال بداية مناطق لا ينتشر فيها الجيش التركي، لكنها حيوية جداً كحال الطريق الدولي من حماة إلى حلب. وبعدها سيكون على الأتراك أن يقرّروا التموضع على خيار التعاون مع الدولة السورية بالتسليم بالمفهوم السيادي للدولة أو الخروج من المنجزات التي حقّقوها في العلاقة بروسيا وإيران.
– الجنوب رسم الأمر الواقع المرّ لـ»إسرائيل». والشمال يرسم واقعاً موازياً للأتراك. والأفضل لهم الانكفاء والتحدث عن انتصار كما يفعل الإسرائيليون.
التعليق السياسي