معرض الكتاب الدولي الثلاثون في مكتبة الأسد الوطنية انتصار سياسي المعرض في مواجهة الحرب الإعلامية والثقافية التي تشن بالتزامن مع الحرب العسكرية

لورا محمود

يشهد معرض الكتاب الدولي الثلاثون الذي يُقام في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق، تحت عنوان «مجتمع يقرأ مجتمع يبني» إقبالاً كثيفاً، حيث يشارك في المعرض أكثر من 200 دار نشر موزّعة على 182 جناحاً، لدور نشر سورية وعربية وأجنبية، تعرض نحو 200 ألف عنوان.

وشكّل المعرض فرصة لإطلاق أول مهرجان خاص بكتب الأطفال في سورية بعد شهرين، حيث ستشهد هذه الدورة من معرض الكتاب مشاركة لأجنحة عدة إلى جانب مديرية ثقافة الطفل في الوزارة في يوم خاص بهذه الشريحة العمرية المهمة، بهدف تشجيع كتاب أدب الطفل وتشجيع الأطفال السوريين على القراءة.

«البناء» جالت في المعرض والتقت رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور نضال الصالح الذي تحدّث عن مشاركة الاتحاد بالمعرض قائلاً: إن المعرض هذا العام يمتلك بلاغته الخاصة به لأسباب عدة، وفي مقدمتها أنه يأتي تتويجاً لانتصارات الجيش العربي السوري لنؤكد من خلال المعرض أن الرصاصة والكلمة صنوان في معركة المواجهة مع أعداء الحياة. فمعرض الكتاب هو تثمين للحياة في مواجهة الموت الذي أراده أعداء سورية لسورية.

ونوّه الصالح أننا في اتحاد الكتاب العرب هذا العام نقدّم إصدارات وعناوين جديدة، وقد أخذنا مساحة أكثر اتساعاً من المساحة التي أخذناها في المعارض السابقة. وهذا شرف نعتزّ به ونفخر لذا أودّ أن أوجّه تحية للذين نظّموا هذا المعرض وقاموا على شؤونه وللذين قرأوا وتابعوا، وكان لهم الفضل الحقيقي في أن يكون افتتاح المعرض اليوم.

وأكد الصالح نحن لدينا عدد كبير من الكتب.. ونستطيع أن نقول إننا نقدّم عناوين تمتلك قيمتين أولاً قيمة ثقافية عالية من جهة، وقيمة تسويقية من جهة ثانية. وهذا ما يفعله الناشرون أو ما يطمح إليه أي ناشر، ليس الناشر فقط الذي ينتمي الى مؤسسة رسمية، لذا حرصنا ان تكون مطبوعاتنا تحقق هاتين القيمتين والكتب والعناوين التي نقدمها هذا العام للقراء وزوار المعرض تحتوي هاتين القيمتين.

فرصة للترويج

مدير الشؤون الإدارية والقانونية بالمؤسسة العربية للإعلان مهند خاسكي قال لـ «البناء» مشاركتنا بالمعرض كانت من خلال اللجنة التنظيمية لمعرض الكتاب، أخذنا الموضوع الترويجي للمعرض وكان الترويج ضمن الإمكانات المادية المرصودة للمعرض. وقد حاولنا تقديم الدعم لإدارة مكتبة الأسد ومنح المعرض كل التسهيلات لتنفيذ حملة إعلانية متكاملة سواء في التلفزيون او في الإذاعة او الصحف او بالوسائل الإعلانية الأخرى كالإعلانات الطرقية. وحاولنا قدر الإمكان ان تكون الحملة واسعة ونتمنى في السنة المقبلة أن تكون أفضل لا سيما أنه لم يكن هناك ميزانية معتمدة. فكل ما قدّم كان مجاناً، بالإضافة الى الأفكار التي قدّمناها من خلال اجتماعات اللجنة التنظيمية باعتبار لدينا خبرتنا كمؤسسة في المجال التسويقي والترويجي للمعرض.

وأضاف خاسكي أن الترويج الإعلاني والتسويقي اليوم أصبح مهماً جداً وله دور كبير لتسويق اي منتج او خدمة تؤديها اي مؤسسة او جهة. فكيف والموضوع متعلّق بحدث لا يخص فقط الجهة المنفذة؟ فنحن جزء من هذا المعرض وساندنا مكتبة الاسد لنجاح المعرض. وهي فعالية وطنية. وبالتالي نحن كمؤسسة نؤمن بأهميتها وأهمية الترويج لها لذا كانت خبرتنا وإمكاناتنا كلها بخدمة المعرض لإنجاحه.

مؤسسة سوريانا للإعلام

والتقت «البناء» مع عدد من دور النشر السورية والعربية والدولية المشاركة في المعرض:

المديرة التنفيذية بمؤسسة سوريانا للإعلام الكاتبة أميرة الكردي، قالت إن هذه مشاركتنا الثانية. وقد بلغ عدد إصداراتنا من السنة الماضية لليوم 150 إصداراً من كافة الأجناس الأدبية من الشعر والقصة القصيرة والدراسات والبحوث. وأنا لدي رواية أصدرت السنة بعنوان «زنزلخت». ولفتت كردي إلى أهمية المعرض هذه السنة مع تحرير الكثير من المناطق السورية وعودة الحياة الطبيعية إليها. وهذا سينعكس على حجم الإقبال الكبير الذي سيشهده المعرض وأيضاً ستكون هناك نسبة شراء للكتب. وقد لاحظت أن هناك مشاركات عربية ودولية أكبر لهذه السنة..

دار العربية للعلوم الناشرين

أما سهام الحسيني من دار العربية للعلوم الناشرين ، فقالت إن لدى الناس اليوم اهتماماً بالتنمية البشرية، لذا لدينا كتب عن التنمية البشرية، بالإضافة للكتب السياسية والطبية والروايات. وأضافت هذه مشاركتنا الأولى في المعرض ولقد شجّعنا الوضع الأمني المستقر على المشاركة.

دار علاء الدين

ومن دار علاء الدين تحدّث قيس عقل مدير المبيعات في الدار عن عودة المعرض لسابق عهده. الأمر الذي فاجأ الجميع من دور نشر وقراء بعد الحرب التي عاشتها سورية. وهذه الانطلاقة الثالثة للمعرض بعد الازمة دليل على انتصار سورية الثقافي بالإضافة للانتصار السياسي. ونحن كدار نحاول في كل سنة أن نحسّن أداءنا سواء بنوعية الكتب وعدد الإصدارات وحجم المشاركة.

المركز الثقافي الروسي

وبدورها فاديا عبد الخالق من المركز الثقافي الروسي تحدثت عن مشاركة المركز في المعرض قائلة: نركّز على تعليم اللغة الروسية وتعليم اللغة العربية للروس. فهناك نوعية كتب جديدة هي عبارة عن مناهج اعتمدناها في هذه السنة وهي تدرَّس بمعاهد معروفة في العالم العربي وصادرة عن المركز الثقافي الروسي. والإقبال على تعلم اللغة الروسية لم يقل أبداً سواء قبل الأزمة في سورية أو بعدها بحكم الرابط القوي بين سورية وروسيا وبحكم وجود تبادل ثقافي وبعثات تعليمية بين البلدين. ونعرض اليوم كتباً أدبية عن الأدب الروسي القديم المترجم للعربية وكتباً أكاديمية وعلمية صادرة عن دور نشر روسية.

نيو ايرا الدنماركية ودار عقل

وبدورها عبير عقل ممثلة مؤسسة نيو ايرا الدنماركية في سورية ومديرة دار عقل للنشر والدراسات والترجمة قالت: إن هذه المشاركة مباشرة وليست من خلال وكالة، أي الطلب كان من الدنمارك مباشرة والكتب طبعت في الدنمارك وباعتبار أنهم يطبعون الكتب بأكثر من لغة، فنحن اخترنا الكتب باللغة العربية، وهناك بعض الكتب باللغة الإنكليزية والجناح يعتبر مشاركة من دولة الدنمارك مباشرة.

ورأت عقل أن المشاركات الاوروبية قليلة، لذلك اعتبرت ان هذه المشاركة مهمة. فالطلب والموافقة كان من الدنمارك أما عن الكتب المشاركة اليوم والتي تهتم بها المؤسسة فهي كتب تعنى بالتنمية البشرية وتطوير الذات. وقد قدمت المؤسسة خلال الأزمة السورية منحة ثقافية إنسانية لم يسبق تقديم مثلها، حيث كانت عبارة عن طرود من كتب التنمية البشرية وتطوير الذات وزعت على المكتبات العامة ومكتبات المراكز الثقافية في المحافظات السورية كافة. وقمتُ بالتواصل مع المعنيين وأخذت الموافقة وقبول المنحة ومن ثم توزيعها بسورية وذلك عام 2014. وفي عام 2016 قدمت المؤسسة منحة أخرى تعاونت فيها مع دار عقل وهي الدار الخاصة بي. وكان هناك تعاون بين المؤسسة والدار في طباعة وتوزيع آلاف النسخ المجانية من كتاب يُدعى الطريق الى السعادة . وهو مدوَّنة أخلاقية تحوي كل ما يمكن للإنسان والمجتمع التقيد به للوصول إلى حياة أفضل. وهذا الكتاب تم اختباره في أكثر من دولة ومكان كانت فيها أزمات وحروب أهلية. ونتيجة تداول هذا الكتاب انخفض مستوى الجريمة وتم قبول الآخر بشكل أكبر على أساس التعايش المشترك. وهذه الخطوة نعمل على تجديدها في 2018 وسوف نستهدف شرائح مجتمعية خاصة جداً كطالب المدارس والجامعات.

دار صادر

أما مدير دار صادر فضل مهدي من لبنان تحدّث عن مشاركة الدار الثانية بعد عودة معرض الكتاب الذي توقف بسبب الأزمة السورية. فدار صادر معروفة بمشاركتها المستمرة والفعالة بمعارض الكتاب ونتمنّى النجاح والاستمرار لمعرض الكتاب هنا في دمشق وتشرفنا المشاركة فيه.

وعن جديد الدار لهذه السنة ونوعية الكتب المعروضة، قال مهدي: نحن لدينا لهذا العام كتب تحقيقات جديدة تتعلّق بالكتب الأدبية والتاريخية، حيث نراجع صياغتها من البداية. فهي مهمة بالنسبة للطلاب المحتاجين لمراجع ومصادر. فهذا النوع من الكتب يفيدهم ونحن اختصصنا بالأدب العربي واللغة والتاريخ. ولدينا كتاب نفح الطيب وكتاب الأغاني للأستاذ إحسان عباس، بالإضافة لكتب الشعر والأدب العربي، ونتمنى أن يكون هناك إقبال. فنحن هدفنا ليس ربحياً هدفنا الاستمرار في المجال الثقافي والالتقاء مع الجمهور ومعرفة احتياجاته من الكتب.

دار الثقافة الإسلامي

ومن دار الثقافة الإسلامي قال محمد طراف: نحن لدينا إصدارات فكرية ودينية جديدة لهذا العام مثل أصول الاجتهاد الكلامي الذي يتحدث عن علم الكلام. وهناك كتاب عالم من أنبياء يتحدث عن أصحاب الفكر الربوبي الذين يدّعون أن الله خلق هذا الكون وليس بحاجة للأنبياء. وهناك كتاب الحسين ثائراً ومصلحاً . وهي نظرة جديدة للإمام الحسين الذي جاء لتغيير الذهنيات وليس للتغيير العسكري. وهناك كتب عن العقل التكفيري، جذوره وأسبابه ومعالجته.

مركز دمشق للأبحاث والدراسات مداد

وتحدّثت «البناء» مع مدير عام مركز دمشق للأبحاث والدراسات مداد هامس زريق الذي قال: نحن مركز دراسات وأبحاث ولسنا داراً للنشر، حتى سياسة النشر لدينا إلكترونية، لكن وجودنا اليوم يدعم معرض الكتاب، لأننا ننتج المعرفة كما ينتجها الكتّاب وينشرونها في الكتب. فنحن نصدرها على شكل أبحاث إلكترونية ووجودنا اليوم لنقدم عيّنات عما ننتجه ونوزّع البروشورات التي تُعرَف على المركز وأهدافه.

ولفت زريق إلى أن مركز دمشق هو مركز أبحاث. وهذه تجربة حديثة العهد في سورية لذا حرصنا أن نكون موجودين في المعرض نظراً لخصوصية المعرض هذا السنة عن السنوات الماضية. فالإقبال كبير من دور النشر العربية ودور النشر السورية والقائمين على المعرض سواء من وزارة الثقافة أو مكتبة الأسد كانتا مهتمتين ليعطى للمعرض رونق جديد يعبر عن الوضع الذي بدأ يتغير في سورية. ومن هنا جاء حرصنا للمشاركة بالمعرض.

وأكد زريق الحرب على سورية لم تكن حرباً عسكرية بالأساس، كانت حرباً ثقافية والأدوات الأهم كانت أدوات إعلامية وثقافية. والمعرض يعبر عن أن الحرب التي شنت علينا إعلامياً وثقافياً لم تنجح إلى حد ما ولم تؤدِّ الهدف المطلوب منها، اضافة الى ان الناس في سورية اختلفت وبدات تمارس حياتها الثقافية وحياتها اليومية بشكل أفضل والنشاط التجاري والاقتصادي بدأ بالعودة. وهذا تعبير على أن الحرب في خواتيمها والحرب الثقافية والإعلامية لم تنجح.

ويُقام على هامش المعرض برنامج ثقافي غني ومتنوّع يتضمن مهرجاناً سينمائياً لآخر أفلام المؤسسة العامة للسينما والاحتفاء بشخصية المعرض العالم الفارابي أحد أعلام الفكر الإنساني من خلال عرض مجموعة من المخطوطات التي تحتفظ بها مكتبة الأسد مع ندوة حوله فضلاً عن توقيع 70 كتاباً في أجنحة المعرض وتخصيص يوم للأطفال وندوات فكرية وسياسية وأمسيات شعرية وقصصية.

ولا بدّ الإشارة الى أن الدورة الأولى من معرض مكتبة الأسد انطلقت عام 1985 بعد عام من تدشين المكتبة ليساعد عبر دوراته المتلاحقة بزيادة نشاط النشر في سورية وتعميق الصلة بين القارئ والكتاب وتوفير وسائل المعرفة في شتى فروعها قبل أن يتوقف جراء الحرب الإرهابية على سورية لأربعة أعوام ثم يعود.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى