بغداد: هل تبدأ الساحة السياسية نشاطها لتشكيل الحكومة المقبلة؟
انتهى القضاة المنتدَبون من عمليات العد والفرز اليدوي أمس، في عموم البلاد، بعد إكمالها في 16 محافظة، لا سيما أن النتائج قد لا تختلف كثيراً عن النتائج الاولية التي أعلنتها المفوضية السابقة.
فقد أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في العراق أمس، عن انتهاء عمليات العدّ والفرز اليدوي لأصوات الانتخابات التشريعية الأخيرة في المراكز الانتخابية الواردة بشأنها شكاوى وطعون.
وقال التلفزيون الرسمي العراقي، إن «مفوضية الانتخابات تعلن انتهاء عمليات العدّ والفرز اليدوي رسمياً بعد إلغاء إجرائها في مكتب الرصافة».
وبدأت في العراق في 3 تموز/ يوليو الماضي، عمليات العدّ والفرز اليدوي الجزئي بعد قرار المحكمة الاتحادية الصادر بموجب الطعون المقدّمة على التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب المصوّت عليه في السادس من يونيو الماضي.
ومع هذه المستجدّات، ستبدأ الساحة السياسية تشهد نشاطاً سياسياً مكثفاً من جانب القوائم الفائزة لتشكيل الكتلة الاكبر التي ستكلف بتشكيل الحكومة المقبلة، مع وضع الأسس الأولية لعقد الجلسة الاولى لمجلس النواب.
لكن تلك التحركات التي بدأت منذ أيام لم تفضِ لغاية الآن الى الاتفاق بشكل واضح وصريح على كيفية شكل الحكومة الجديدة، واختيار رئيس الوزراء المقبل، بعد تراجع حظوظ العبادي كثيراً بنيل الولاية الثالثة.
وتذهب التوقعات الى ان الحكومة المقبلة، ستكون شراكة مبنية على أساس المحاصصة من دون وجود أية معارضة كما حصل في الحكومات السابقة. في وقت، تؤكد مصادر مطلعة بأن فريق العبادي تنازل عن مبدأ التكنوقراط وبات مستعداً لقبول المحاصصة بشرط بقائه لـ4 سنوات أخرى.
تحرّكات العبادي الأخيرة، لا تختلف عن تحرّكات سلفه المالكي في الحصول على الولاية الثانية في 2010، الا ان المالكي لا يزال «حاجز الصد الأكبر»، أمام طموحات رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.
يقول واثق الهاشمي، المحلل السياسي، إن «المرحلة المقبلة ستشهد تشكيل حكومة شراكة وطنية مبنية على المحاصصة من دون وجود أية معارضة كما حصل بالحكومات السابقة»، مشيراً الى ان «اللاعب الخارجي هو سيد الموقف في معادلة تشكيل الحكومة العراقية، واختيار الرئاسات الثلاث».
واضاف أن «أدوات اللاعب الخارجي تعمل بكل قوة لتحقيق غايات الأطراف الخارجية التابعة لها فالذي مع إيران فهو يدافع عنها ومَن مع السعودية أو تركيا يفعل الشيء نفسه بما تسبب بضياع المصلحة الوطنية». وأشار الهاشمي إلى أن «العراق ومنذ عام 2003 وحتى الآن أصبح محطة لتصفية حسابات مخابرات دول إقليمية ودولية»، ماضياً إلى القول إن «الضاغط الخارجي يضغط باتجاه تأجيل تشكيل الحكومة لحين تصفية بعض الحسابات». وتقول مصادر مطلعة على كواليس تفاهمات الكتل إن «دولة القانون بزعامة نوري المالكي، والحاصل على 26 مقعداً برلمانياً يسعى لتشكيل الكتلة الأكبر، حيث يقوم بجولاته المكوكية على جميع الأطراف من أجل إقناعهم بالانضمام لهذا التحالف والمضي بحكومة الأغلبية». وتضيف، ان «تحركات المالكي تقف حائلاً أمام طموحات العبادي بالحصول على الولاية الثانية». ولفتت الى ان «العبادي بدأ يقدم الكثير من التنازلات والتخلي عن حكومة التكنوقراط، مقابل بقائه في المنصب لولاية ثانية». الى ذلك، افاد النائب عن التحالف الوطني السابق حنين القدو إن «التقارب بين الكتل السياسية الفائزة بالانتخابات يجعل قضية تشكيل الكتلة الأكبر أمراً صعباً ومعقداً»، مبيناً أن «جمع تلك القوى تعلم على برنامج عمل حكومي لأربع سنوات مقبلة. وهو أمر صعب، برغم أن هناك حوارات، لكنها كانت تفاهمات عامة ولم ترتق إلى مستوى التفاصيل التي تمثل أصل المشكلة».
وأضاف القدو أن «اختيار شخصية رئيس الوزراء سيكون من أكبر المشاكل التي ستواجه الكتل خلال حواراتها الحقيقية لتشكيل الكتلة الأكبر»، لافتاً الى ان «البرامج الانتخابية للكتل كانت متقاربة وتحمل المبادئ نفسها من محاربة الفساد وتقديم الخدمات ومحاربة الإرهاب ودعم القوى الأمنية والقضاء على البطالة والرعايا الاجتماعية وغيرها من العناوين العريضة، بالتالي فإن توحيد تلك البرامج لن يشكل معضلة او مشكلة للكتل السياسية». وأكد القدو، أن «الكتل السياسية حتى وإن استطاعت النجاح بتشكيل الكتلة الأكبر ويتم تكليفها بتشكيل الحكومة، لكنها ستواجه المعضلة الاكبر وهي ترشيح شخصية لرئاسة مجلس الوزراء ما يؤدي لتأخير تشكيل الحكومة المقبلة».