حملة أمنية لسلطات كييف بدعم استخباراتي أميركي
على وقع الزيارة السرية لمدير وكالة الاستخبارات الأميركية جون برينان إلى كييف، أعلن القائم بمهام الرئيس الأوكراني الكسندر تورتشينوف أمس أن مجلس الأمن القومي والدفاع، اتخذ قرار بدء عملية مكافحة إرهاب شاملة بمشاركة القوات المسلحة، معرباً عن استعداد السلطات للنظر في مسألة توسيع ملموس لصلاحيات الأقاليم وتحديث السلطات الإقليمية، بالإضافة إلى إجراء إصلاحات دستورية وإعادة بناء الدولة على أساس اللامركزية، ولكن مع الحفاظ على دولة وحدوية.
ودعا تورتشينوف سكان شرق أوكرانيا إلى عدم تأييد من يريد زعزعة الاستقرار في البلاد، داعياً جميع المواطنين إلى الوحدة لتجنب المواجهة الشعبية. وأعطى تورتشينوف مؤيدي فدرلة البلاد مهلة حتى صباح اليوم الاثنين لإخلاء المباني الإدارية، قائلاً إن «من لم يطلق النار على أجهزتنا الأمنية ومن سيضع السلاح ويخلي المباني الإدارية حتى صباح الاثنين، أعطيت أمراً مكتوباً يضمن عدم إنزال العقوبة بحقهم على النشاطات التي ارتكبوها».
الزيارة السرية لبرينان كشف عنها مصدر في البرلمان الأوكراني، مشيراً إلى أن المسؤول الأميركي قد دخل البلاد تحت اسم مستعار وأجرى سلسلة لقاءات مع قياديين أمنيين في أوكرانيا، لافتاً إلى أن «معلومات غير مؤكدة بعد تتحدث عن أن قرار الحملة الأمنية جنوب شرقي أوكرانيا سلافيانسك اتخذ بتشجيع منه».
وقد لفت النائب الأول لرئيس اللجنة الدولية في مجلس الدوما الروسي ليونيد كالاشنيكوف، إلى أن زيارة رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية إلى كييف يمكن أن تكون لبحث الدعم العسكري للسلطات الأوكرانية الجديدة، كما حدث منذ سنوات عدة مع السلطات الجورجية، موضحاً أن ذلك لن يجلب الخير لأوكرانيا.
يأتي ذلك بعد إعلان وزير الداخلية الأوكراني المعين أرسين أفاكوف عن سقوط ضحايا «من الطرفين» نتيجة العملية الأمنية في مدينة سلافيانسك شرق أوكرانيا، مؤكداً مقتل ضابط في هيئة الأمن الأوكرانية، وإصابة رئيس مركز مكافحة الإرهاب التابع للهيئة إضافة إلى 4 أشخاص آخرين. وأكد افاكوف سقوط ضحايا من طرف المحتجين، من دون أن يحدد عددهم.
وكانت وكالة «ايتارتاس» للأنباء نقلت عن وسائل إعلام محلية قولها إنه نتيجة للعملية الأمنية التي بدأتها قوات الأمن الأوكرانية في مدينة سلافيانسك بمقاطعة دونيتسك شرق البلاد تمت إزالة أحد الحواجز التي وضعها المحتجون على مشارف المدينة.
بدورها أفادت وكالة «انترفاكس» أن أنباء تحدثت عن سقوط ضحايا وأضافت الوكالة أن مدرعات تحركت من مدينة خاركوف باتجاه سلافيانسك، وسمع إطلاق نار بالقرب من حواجز وحدات الدفاع الشعبي على مشارف المدينة.
وكانت مدن عدة شرق أوكرانيا، منها خاركوف ودونيتسك وماريوبول، قد شهدت تظاهرات ضد سلطات كييف ودعماً للفدرالية، وشكل المحتشدون في دونيتسك مجموعاتٍ لمساندة المحتجين في المدن الأخرى. وكانت القوات الخاصة الأوكرانية رفضت في مدينة دونيتسك تنفيذ أوامر سلطات كييف بقمع المحتجين، وأعلنت تأييدها لمطالبهم.
وأعلن النائب في البرلمان الأوكراني المرشح لمنصب رئيس البلاد أوليغ تساريوف أن أقاليم جنوب شرقي أوكرانيا تسعى إلى توحيد جهودها للحصول على الفيدرالية في البلاد. وقال: «قررنا أن ننسق النشاط الاحتجاجي في الجنوبي الشرقي، وأن نطرح على السلطات مطالب سياسية موحدة»، مشيراً إلى انه لدى جميع المحتجين في جنوب شرقي البلاد مطالب واحدة: «جعل اللغة الروسية اللغة الثانية في البلاد، وفدرلة البلاد وإطلاق سراح جميع الأشخاص المعتقلين بتهمة الانفصالية». وأضاف تساريوف: «هناك مطالب بوقف إطلاق النار على المحتجين في سلافيانسك، والسلطة تتحمل مسؤولية ما يجري، وعليها بدء المفاوضات».
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حذّر في وقت سابق من أن استخدام كييف القوة ضد السكان في جنوب شرقي أوكرانيا سيقوض لقاء «الرباعية». وقال خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي جون كيري إنه «في حال تنفيذ التهديدات الواردة من كييف باستخدام القوة ضد سكان جنوب شرقي أوكرانيا الواصلين إلى حد ّ اليأس، فإن ذلك سيقوض آفاق استمرار التعاون حول المسألة الأوكرانية بما فيه إجراء اللقاء الرباعي المقرّر في جنيف».
وأعلنت الخارجية الروسية أن «وزير الخارجية الأميركي أعرب عن قلقه من الاحتجاجات جنوب شرقي أوكرانيا، مؤكداً أنها جاءت نتيجة تحريض وحتى تدخل مباشر من الجانب الروسي، إلا أنه لم يستطع ذكر حقائق تثبت ذلك، مكرراً فقط أن على روسيا أن تخرج رجالاتها من جنوب شرقي أوكرانيا».
ولفت لافروف انتباه كيري إلى أن «ظهور الأزمة السياسية الحادة في أوكرانيا عموماً، وفي الأقاليم الجنوبية الشرقية خصوصاً، جاء بسبب تجاهل سلطات كييف الحالية الحاجات القانونية ومصالح السكان الروس والناطقين بالروسية». وأكدت الخارجية الروسية أن «قيادة كييف تبدي عدم القدرة على أخذ المسؤولية عن مصير البلاد على عاتقها وإشراك القوى السياسية الأساسية كافة، والأقاليم فعلياً في عملية شاملة لإقرار دستور جديد».
ونوه لافروف بأن الادعاءات الخاصة بـ «العملاء الروس» الموجودين، بحسب الزعم، في أقاليم جنوب شرقي أوكرانيا قد سبق أن جرى الإعلان عنها من قبل الجانب الأوكراني من دون تقديم أي دليل «فإذا كان لدى الطرف الأميركي معلومات محدّدة حول هذا الموضوع فنحن جاهزون للنظر فيها».
أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فقال في بيان، إن استمرار الاضطرابات في أوكرانيا لا يصب في مصلحة أي طرف، معرباً عن «القلق العميق من الوضع المتدهور في شرق أوكرانيا، والاحتمال المتزايد لاشتداد المواجهات هناك».
ودعا بان جميع الأطراف إلى بذل الجهود من أجل تهدئة الوضع والالتزام بالقانون وإبداء أقصى قدر ممكن من ضبط النفس، وإلى «البدء بحوار بنّاء فوراً لتخفيف التوتر وتذليل جميع الخلافات»، مؤكداً أن الأمم المتحدة ستواصل تقديم الدعم للتسوية السلمية اللازمة.