الراعي: الأمور متعثرة في لبنان لأن المسؤولين يسمعون كلمة أهوائهم ومصالحهم
رأى البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي أن الأمور متعثرة في لبنان لأن «المسؤولين يسمعون كلمة أهوائهم ومصالحهم وحساباتهم، وربما كلمة الخارج، من دون أي اعتبار أو اهتمام بالخير العام وبالشعب وبمصالح الدولة».
كلام الراعي جاء خلال عظة قداس الأحد في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان، وسأل فيها «لماذا الأمور متعثرة في العالم وبنوع خاص عندنا في لبنان؟ أليس لأن المسؤولين، بدلاً من أن يسمعوا كلام الله، يسمعون بالأحرى كلمة أهوائهم ومصالحهم وحساباتهم، وربما كلمة الخارج، من دون أي اعتبار أو اهتمام بالخير العام وبالشعب وبمصالح الدولة؟ الأمر الذي يمنع لبنان من أن يسير في ركب التطور والنمو والازدهار، فينعم بثقة الدول الأخرى؟ ما هو المبرر لتعثر تأليف الحكومة سوى المصالح الشخصية والفئوية وسجالات توزيع الحقائب على حساب الصالح العام؟ فيما هم يهملون الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم، من دون أي مسعى لوضع خطة إنقاذية؟ ويتعامون عن العجز العام المتزايد، وقد قفز من 2,3 مليار دولار في سنة 2011 إلى أكثر من 6 مليارات في السنة الحالية 2018؟ ومع هذا، ما زالت مصاريف الدولة على تزايد، وما زال النمو الضريبي مخيباً. ثم إن الوضع الاقتصادي الضعيف خضع إلى محنة صعبة عندما تبنت الدولة في صيف 2017 زيادة الضرائب والرسوم، الأمر الذي أضعف قدرة اللبنانيين الشرائية «.
أضاف «وجاء القانون 46/2017 الخاص بسلسلة الرتب والرواتب ليزيد الأعباء على الدولة، وليرهق خزينتها الضعيفة أصلاً، فضلاً عن إرهاق أهالي التلامذة في المؤسسات التربوية الخاصة، بسبب وجوب زيادة الأقساط المدرسية من أجل تأمين العلم والاستمرار فيه. فكانت النتيجة بداية أزمة اجتماعية وتربوية جديدة لا تُخفى على أحد».
وتابع «وما القول عن الجامعات التي تنبت كالفطر، ويتدنى فيها المستوى، وتوزع التراخيص لا على أساس المعايير المقررة، بل انطلاقاً من التحاصص السياسي والطائفي، ومن منظور تجاري. الأمر الذي يؤدي إلى تزوير الشهادات الأكاديمية وبيعها. فاحتجاجاً على هذا الواقع المضر والمعيب، انسحبت اثنتان من كبريات الجامعات الخاصة، جامعة القديس يوسف والجامعة الأميركية، من رابطة جامعات لبنان. فهل هذا يعني شيئاً للمسؤولين عندنا؟».
وكان الراعي استقبل وفداً كبيراً من بلدة تنورين برئاسة رئيس مجلس إدارة مستشفى تنورين الحكومي الدكتور وليد حرب الذي ألقى كلمة حيا فيها الراعي، وقال «أتينا من تنورين بلدتنا وبلدتكم، لنقدم واجب العزاء أولاً بوفاة شقيقتكم، وثانياً من أجل الترحيب بكم في المقر الصيفي للبطريركية المارونية في الديمان».
وردّ الراعي بكلمة شكر فيها الدكتور حرب على كلمته، مؤكداً «أن البطريركية تقف دائماً الى جانب اللبنانيين في معالجة اوضاعهم كافة».
وقال: «تنورين بلدة مميزة كبيرة جغرافياً وفكرياً وثقافياً، من المؤكد أننا نعيش جميعاً هموماً كبيرة، لكن لا يمكننا إلا أن نحافظ على وحدتنا الداخلية وبخاصة على وحدتنا المسيحية ولا يعني ذلك أن نعيش متقوقعين. فالوحدة المسيحية معروفة بأنها منطلق للوحدة اللبنانية. وإذا عاش المسيحيون هذه الوحدة تتكون اللبنانية». وقال «نحن بحاجة الى أن نحافظ على وحدتنا. فمن الممكن أن يختلفوا في السياسة بقدر ما يشاؤون، فالأمر طبيعي لأن لبنان هو بلد ديموقراطي فيه تعددية الرأي والثقافات، ولكن لا يمكن التلاعب بوحدتنا الداخلية، لأن في الانقسام ضعفاً وفي الاتحاد قوة».
ولفت إلى أننا «كلنا ندرك ونعيش الحالة الاقتصادية المتردية والحاجة موجودة لدى الناس لكن اللبناني معروف بعصاميته، علينا أن نتكاتف جميعاً لنحافظ على وجودنا ودورنا ووطننا الذي شئنا أم أبينا لنا دور أساسي فيه».