أول الغيث قطرة السويد
روزانا رمّال
انقلب السحر على الساحر وها هي عنصرية ووحشية «إسرائيل» وجرائمها تنعكس مللاً ويأساً من التعسف الذي ضاقت به الإنسانية ذرعاً تجاه الفلسطينيين. إنها العنصرية التي فاقت كل حدود والمظلومية المصطنعة التي لم تعد تنفع، فلا تباكي المتشددين ولا مؤامرات المسؤولين «الإسرائيليين» أصبحت مقنعة. وهذه المرة الحديث عما يشعر به الغرب تجاهها ويتصرف وليس العرب وحسابهم المفتوح معها.
خطوة سويدية… ليست سوى ترجمة لنفس جديد أوروبي وغربي وتملّص من الدعم الأوروبي المطلق لـ«إسرائيل». والقصة بدأت اليوم، بعدما اعترفت الحكومة السويدية رسمياً بدولة فلسطين، في خطوة «شجاعة وتاريخية»، كما قال الفلسطينيون ومعهم أحرار العالم.
خطوة السويد أكدت للعالم أنه يحق للفلسطينيين تقرير مصيرهم، مرفقة بدعم البلدان الأخرى وتشجيعها بأن تحذو حذوها، وهذا ما سيحصل بالتأكيد، وهذا ما أصاب «إسرائيل» وسيصيبها بهستيريا طويلة الأمد.
من دون أية ضغوط أو اجتماعات مشبوهة أو صفقات أو مصالح تفسر قرارات بهذا الحجم أعلنت السويد أول دولة غربية عضو في الاتحاد الأوروبي أنه يحق للفلسطينيين تقرير مصيرهم.
اجتاح الغضب المسؤولين «الإسرائيليين» بعدما نزل وقع الخبر على الكيان عموماً والمجتمع المتشدد كالصاعقة خصوصاً وعلى الذين يعملون ليل نهار بالمحافل الدولية من ديبلوماسيين ووسطاء لإبعاد الفلسطينيين عن بلدهم وتوطينهم شيئاً فشيئاً في دول الجوار لتوسيع الكيان والإمعان في الاستيطان، فاستدعت تل أبيب على الأثر سفيرها في السويد في تصرف مريب ظناً منها أن حكومة السويد قد تنزعج من هذا التصرف الذي لولا أنها تتوقعه لما اتخذت الخطوة وبمعنى أدق… لا تبالي حكومة السويد سلفاً بأي انفعال «إسرائيلي».
خاب ظن «الإسرائيليين» الذين ظنوا أنهم ما زالوا يخيفـون الغرب كما العرب على ما يبدو عندما يغضبون.
هستيريا «إسرائيل» لم ولن تتوقف بعد اليوم، وقد بدأت بتصرفات وانفعالات مضاعفة أتى أبرزها وأخطرها تصرفاً متسرعاً وغير مدروس جاء رداً على عملية إطلاق نار على حاخام صهيوني متشدد، بإغلاق المسجد الأقصى في شكل كامل، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ الاحتلال الصهيوني للقدس عام 1967.
للمرة الأولى تغلق «إسرائيل» المسجد الأقصى ولا تسمح لأي مصلٍ بالدخول إليه، علماً أنه سبق وحدثت اشتباكات عدة وحوادث أمنية لم تأخذ «إسرائيل» إلى مثل هذا التعنت. ومعروف أنها كانت تسمح لكبار السن الدخول كأصعب تقدير. وبالنهاية وتحت الضغوط التي كادت تشعل حرباً داخل «إسرائيل» لو بقي الاحتلال على قراره أعادت فتح المسجد.
أخطر ما في الأمر بالنسبة لـ«إسرائيل» رمزية ما جرى وما يمكن أن يبثه من روح مجاراة ومحاولة تحذو حذو السويد، خصوصاً أن المعلومات أشارت إلى أن مجلس العموم أي «البرلمان» البريطاني صوت الشهر الماضي بغالبية كاسحة لمصلحة مذكرة تطالب الحكومة البريطانية بالاعتراف بفلسطين دولة مستقلة.
فهل تكون قطرة السويد أول غيث فلسطين والفلسطينيين؟