كذب المحللون ولو صدقوا
بلال رفعت شرارة
انا لم أعد افتح التلفاز ولا على اي محطة محلية، تعبت من برامج التوك شو والتحليلات الاستراتيجية والأسئلة المملّة قليلة المعرفة بالوقائع والسياسات.. تعبت تماماً من استشفاف المحللين الأخطار عن بُعد و تنجيماتهم الخائبة للتوقعات واتضاح أنهم مصابون بقصر النظر وذلك يبرز من تحليلاتهم واستنتاجاتهم المرتبكة، من تحريكهم للوقائع وللوحدات العسكرية في الجيوش النظامية وقواتها الرديفة والحليفة وبالمقابل الإرهاب وأسمائه وأشكاله وألوانه وحركة المرتزقة والسلاح الذي يعبر إليها والى مناطقه عبر حدود الدول والقارات.
المحللون على أذواقهم يرتبون أولويات الدول وصورة حركة الجيوش ويعلنون النتائج ويرسمون آفاق المعارك. يعبثون بعقولنا، بأفكارنا يستحوذون علينا، تارة يطلقون موجات التفاؤل وأحياناً التشاؤم.
طبعاً، هم يديرون المعارك ولا يكتفون بارتكاب الفحشاء والمنكر والزنى المعرفي بتقديم أنفسهم على أنهم محللون واستراتيجيون!! وأنهم يعرفون ماذا جرى وماذا سيجري في سورية؟ في العراق؟ وكذلك في اليمن وبالأساس على مساحة فلسطين. علماً أنهم لم يدخلوا هذه البلاد قط، ربما دمشق، كزوار، ولَم يدرسوا الأرض التي تجري المعارك على أرضها على الأقل مثل السمسار الذي يُسَوِقْ للبيع قطعة أرض أو بناء فيؤكد أنه دعسها – الأرض – وأنه شاهد البناء لنفسه…
طيب، لا أحد من المحللين هؤلاء زار الجولان ويعرف الإحساس بقيمة السهر والاستنفار ومراقبة العدو على طول الجبهة ثم يأتي ويشرح لنا ماذا يجري على صفحة تلك المنطقة ويساير ويداور ويُخفي ما أمكنه الحقائق التي لا يعرفها ولا نعرفها بالتأكيد عن الثمن الإسرائيلي للسلام السوري. وكذلك الأمر بالنسبة لريف حلب او درعا ودير الزور.
المضللون وليس المحللون الذين يقرؤون أسماء الأمكنة والمسافات على الخرائط العسكرية ويستقون المعلومات عن غوغل وعن مصادرهم المستعجلة لم تتحقق توقعاتهم مرة واحدة لولا أن الجيوش تسير بلا جميلتهم إلى الأمام والساسة يؤكدون ما هو تحصيل حاصل في لبنان والمنطقة.
أنا مثلاً أعاقب بالاستماع وقراءة مختلف التحليلات من مختلف المصادر، ولَم تتحقق توقعاتهم ولَم تسقط الحُدَيْدة او ميناؤها مثلاً ، رغم أن القوات المدافعة عنها لا تملك لا غطاء جوياً ولا إسناداً نارياً يوازي قوة نار المهاجمين، ولكنهم كانوا يمتلكون الإرادة والتصميم.
بالأساس لم تتحقق نبوءات العرّافين المحللين ونصبح دولاً أخوانية ندور في الفلك التركي. وأعاد الشعب المصري وقواته المسلحة الأمور الى المربع الأول. وكذلك استعاد الجيشان السوري والعراقي المبادرة وأسقطا دولة داعش ثم أن المحللين يدخلون في تفاسير أخطائهم والخطابات السياسية للقادة والمسؤولين أقصد الخطاب السياسي الذي هو نفسه يحمل الرسائل ولا يحتاج إلى بريد المحللين.
أنا عفواً منكم ومن الموهبة اللسانية لكم، أيها السادة المحللون، فلستُ أريد الدخول في سجال معكم. فأنا أقول قولي هذا والسلام.