سيناريو الكيميائي لن يوقف عملية تحرير إدلب…
جمال محسن العفلق
يمتلك الغرب ترسانة لا يُستهان بها من الأسلحة النووية، والحصة الأكبر في الولايات المتحدة الأميركية، كما يدعم الغرب العصابات الصهيونية التي تمتلك مجموعة من الأسلحة المحرّمة دولياً بالإضافة إلى ترسانة نووية، والتاريخ لم يسجل أيّ اعتداء نووي إلا من قبل الولايات المتحده الأميركية على اليابان في منتصف القرن الماضي، وبعد استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية، أما ألأسلحة المحرّمة دولياً فانحصر استخدامها بين الولايات المتحده الأميركية والعصابات الصهيونية وما زالت آثار اليورانيوم موجودة في العراق وأفغانستان وجنوب لبنان وقبل تلك المواقع في فيتنام ودول أخرى شاركت بالحرب عليها القوات الأميركية أو دعمت الحرب عليها.
ونحن اليوم لسنا في صدد الدفاع عن أنفسنا، فسيناريو الكيميائي ليس جديداً علينا، وهو مكرّر منذ خمس سنوات في سورية وبنفس الطريقة الساذجة التي تمارسها مجموعة ما يُسمّى أصحاب القبعات البيضاء ، تلك المجموعة التي تمّ تدريبها وتجهيزها في بريطانيا وتمارس أعمالها اليوم من تركيا. فالحديث عن وجود أو عدم وجود كيميائي في سورية أمر أصبح من الماضي عند السوريين لأنّ المشهد العراقي ما زال حاضراً في ذاكرة أحرار العالم، والعالم اليوم يفهم تماماً أنّ كلّ التقارير الدولية والإنسانية والعسكرية هي تقارير مسيّسة وتخدم فقط مصالح دول العدوان وتخدم الصهيونية العالمية، وإلا ليخبرنا هذا المجتمع الدولي ما معنى انتشار وباء الكوليرا في اليمن ؟ وتحالف العدوان السعودي يمنع وصول الدواء والأطباء والشعب اليمني محاصر، أليس هذا أخطر من استخدام السلاح الكيماوي؟ وماذا يسمّي الضمير العالمي تلك المجازر؟ وماذا يمكن ان نسمّي مجازر العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة؟ أليس إلغاء حق العودة لشعب بأكمله هو جريمة إبادة جماعية تقودها الولايات المتحدة الأميركية ويسوّق لها عرب المال الفاسد، وهذه ليست مقارنة لتبرير فعل مشابه لأنّ المقارنة هنا ظلم لنا، فالجيش السوري لم يستخدم السلاح الكيميائي، وكان يمكن ان يستخدم هذا السلاح إذا قبلت سورية قطع علاقتها بالمقاومة وتوقفت عن دعمها، وكان يمكن ان يستخدم الجيش السوري هذا السلاح إذا قطعت سورية علاقتها بطهران، فقياس الجرائم ضدّ الإنسانية لدى الولايات المتحده الأميركية تعتمد على مصالحها فقط ومرتبطة ارتباطاًوثيقاً بمصالح العصابات الصهيونية، لهذا كله نجد أنّ القبعات البيضاء التي تمّ سحبها عبر الأراضي العربية المحتلة من قبل جيش الاحتلال الصهيوني هي التي تمارس الأعمال القذرة ضدّ الشعب السوري وتسوّق تلك الأعمال متهمة الجيش السوري فيها لأنّ الإعلام الصهيوني يسوّق لتلك الأفلام ويقدّمها على أنها دليل قطعي ويتمّ تحريك الأساطيل والجيوش بناء على تلك الأفلام المصنوعة في غرف الاستخبارات لا لأنها واقع بل لأنها تخدم مصالح دول العدوان، واليوم يتمّ اختطاف الأطفال في إدلب ويتوقع استخدام المخطوفين من الأطفال والنساء في تلك الأعمال القذرة، وهذا بتخطيط مخابراتي بريطاني أميركي وتمويل سعودي وعربي وتنفيذ مجموعات المرتزقة، والتقارير تؤكد وجود خبراء غربيين في إدلب لتنفيذ تلك الاستعراضات بالتعاون مع الجماعات الإرهابية لإعطاء الولايات المتحدة المبرّر الكافي إعلامياً لضرب سورية.
فنفس الحملة الإعلانية سبقت تحرير حلب ومن ثم الغوطة وتدخلت «إسرائيل» مراراً لإنقاذ الجماعات الإرهابية وحاولت الولايات تحريك داعش في الجنوب وبادية الشام أثناء تحرير حوض اليرموك وفشلت بذلك، واليوم إدلب هي الهدف المعلن عنه للجيش السوري وتحرير إدلب لن يكون بالأمر الهيّن ولكنه بالتأكيد ليس بالمستحيل على جيش استطاع التنقل على امتداد كلّ الأراضي السورية وحقق الإنتصارات وأعاد بسط يد الدولة وأعاد الشرعية، فالمساومة على ملف الكيميائي لن يغيّر شيئاً ولا يمكن إبقاء مدينة سورية تحت حكم الجماعات الإرهابية مهما كان الذي يدعمها أو يموّلها، فالتوقف عن تحرير إدلب استجابة لتلك التهديدات البلهاء التي تطلقها الولايات المتحدة يعني بالنسبة للسوريين تسليم سورية للإرهاب من جديد وهدم كلّ الانتصارات السابقة للجيش السوري والقوات الحليفة، وتعلم أميركا أنّ تحرير إدلب يعني الانتقال إلى مناطق جديدة وخصوصاً تلك التي تسيطر عليها هي نفسها مثل قاعدة التنف السورية وشرق الفرات أراض سورية وليس مسموحاً أن تبقى أيّ أرض تحت سلطة أيّ قوة غير الجيش والحكومة السورية.
وعلى أميركا و»إسرائيل» إعادة الحسابات في المعركة القادمة لأننا حتى اليوم لم ندخل في الحرب المفتوحة، وعلى تركيا أن تتوقع الكثير من عملية تحرير إدلب، فالإرهاب سيعود إليها وإلى العالم تحت شعار بضاعتكم ردّت إليكم، فلا مكان للإرهاب في سورية، وعلى الذين موّلوا نقل الإرهاب في رحلة الإياب تمويله في رحلة الذهاب. فإدلب آخر معاقل الإرهاب المنظم ومركز تجمع مهمّ حيث يتواجد ضباط الاستخبارات من كلّ العالم، وضباط يقودون جماعات مسلحة ووقوع هؤلاء بقبضة الجيش السوري سيكون له ثمن باهظ، لهذا سيقاتل العالم لحماية الجماعات الإرهابية ونحن سنقاتل العالم لتحرير إدلب والأيام المقبلة هي بداية النهاية لهذا الإرهاب الذي أفسد في الأرض، ولدينا سلاح أهمّ بكثير من السلاح الكيميائي ألا وهو سلاح الإرادة وحق العيش الكريم، وهذا كاف بالنسبة لنا لاستقبال الضربات الأميركية والردّ عليها بسحق الجماعات الإرهابية التي اتفقنا جميعاً على أنها من صنع المخابرات الغربية، فمنذ أفغانستان والقاعدة وإلى اليوم لم يعلن عن اسم جماعة إرهابية إلا وكانت واشنطن خلفها والمال السعودي مموّلها، وإذا كان العالم صادقاً في محاربة الإرهاب فعليه أن يبدأ من واشنطن رأس الإرهاب الدولي والبلطجة على الإنسانية، ومصارف نيويورك تعلم تماماً أين تذهب أموال المخدّرات والسلاح في العالم ومصدرها.