قمة روسية إيرانية تركية في طهران… وتداعيات لتحذيرات نصرالله حول المحكمة عون يدعو لتقديم صيغة حكومية… والقوات لن تتنازل… وجنبلاط ينتظر… وبري جاهز للمساعدة
كتب المحرّر السياسيّ
التجاذبات تذهب لحدّها الأقصى على المستويات كلها، فالواضح من التصريحات الروسية المتلاحقة حول مخاطر ضربة أميركية يتم إعدادها لسورية، أن التوقعات مفتوحة على الاحتمالات كلها، وأن نصر سورية في الشمال يثير الذعر الأميركي، ويفتح الباب لمحاولات استثمار كل الفرص لتعطيل الحسم وعرقلة دنو لحظة تضطر فيها أميركا لسحب قواتها من سورية، من دون تفاهمات تطال ما تراه جزءاً عضوياً من أمنها، وهو بالنتيجة أمن إسرائيل ، وما توضحه المواقف الروسية والإيرانية والسورية هو درجة التماسك بين أطراف الحلف من جهة، وتمسكها بثوابت عدم منح الأميركي والإسرائيلي مكاسب على حساب السيادة السورية، أو على حساب معنويات أطراف الحلف الذي يحقق النصر في سورية.
مصادر في محور المقاومة تؤكد أن الجهوزية في كل ساحات المواجهة على أعلى المستويات تحسباً لكل مفاجأة، رغم إدراك قيادة قوى المقاومة وخصوصاً في طهران ودمشق وبيروت، محدودية ما يستطيعه الحلف الذي تقوده واشنطن، فالجيش السوري مصمّم على انتزاع إدلب من قبضة الإرهاب وحشوده تتواصل لجعل العملية أقل كلفة وأكثر سرعة. وفي طهران تنعقد قمة روسية إيرانية تركية لإحاطة العملية العسكرية السورية بعناصر النجاح. وفي لبنان تركت التحذيرات التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من رهانات على تجريم المقاومة وتشويهها وأخذ البلد إلى الفتنة، من بوابة المحكمة الدولية، واسترهان الحكومة بانتظارها تداعيات كان أولها إصدار المحكمة بياناً ينفي أي تعديل في القرار الاتهامي، وفقاً للرواية المتداولة عن نقل الاتهام من أشخاص في حزب الله إلى اتهام الحزب وقيادته، وكان موقف للنائب السابق وليد جنبلاط يضع مصلحة لبنان واستقراره فوق التمسك بالمحكمة ورهن لبنان لنتائجها، بينما لم يصدر عن تيار المستقبل والأوساط القريبة من الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، أي تعليق على كلام السيد نصرالله، الذي ينتظر أن يشكل قوة دفع لتظهير المواقف الحقيقية من تشكيل الحكومة بما يتخطى الكلام اللفظي عن السعي لإتمام مساعي التأليف.
في المساعي العملية لتشكيل الحكومة، دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الرئيس المكلف إلى الانتقال من الاستماع إلى الأطراف المعنية ومطالبها، وعدم انتظار التوافق النهائي معها وأخذ رضاها المسبق والإسراع بتقديم صيغته للحكومة ليتدارسها مع رئيس الجمهورية، كخطوة عملية نحو التشكيل. بينما أعادت القوات اللبنانية تأكيد عدم الاستعداد لتقديم تنازلات، فسقف موقفها هو القبول بأربعة وزراء من بينهم حقيبة سيادية، وبالتوازي نفى النائب السابق وليد جنبلاط وجود عقدة درزية مؤكداً أن العقدة المسيحية هي المشكلة وعندما تحلّ نتحدّث بالباقي، فيما نقلت أوساط رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه الاستعداد للمساعدة في تذليل العقد المتبقية إذا تمّ حل العقدة المسيحية، وخصوصاً إيجاد صيغ قابلة لإرضاء جميع الأطراف في قضية التمثيل الدرزي، وتوقعت مصادر مطلعة على تعقيدات التأليف أن يشهد الأسبوع المقبل حراكاً مختلفاً على المستوى الحكومي يكشف ما إذا كانت العقد محلية أم خارجية، وتكشف في ضوئها كيفية إدارة الموقف وفقاً للنتائج التي تحملها المساعي الجديدة، والتطمينات التي تلقاها رئيس الحكومة لتسهيل مهمته.
«القوات»: لن نتنازل أكثر…
بعد جمود استمرّ أكثر من أسبوعين وعقب تلويح رئيس الجمهورية ميشال عون باللجوء الى خطوات دستورية وسياسية تقع ضمن صلاحياته في بداية أيلول، إذا ما استمرّ الوضع على حاله، شهد الملف الحكومي أمس، حراكاً على خط بيت الوسط معراب وعين التينة كليمنصو، وقد بدأ الرئيس المكلف سعد الحريري جولة مشاورات جديدة بلقاء وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي في بيت الوسط، بحضور الوزير غطاس خوري، حيث ناقش الطرفان الحصة القواتية وإمكانية التوصل الى صيغة ترضي الجميع لتسهيل التأليف.
وحمل الرياشي الى رئيس القوات سمير جعجع بحسب ما علمت «البناء» مقترحات جديدة من الحريري قد تُفضي الى حل للعقدة القواتية على أن يعود الرياشي الى بيت الوسط بأجوبة عليها خلال أيام قليلة».
غير أن مصادر نيابية قواتية أشارت لـ«البناء» الى أن «القوات لن تتخلى عن الحقيبة السيادية بعد أن تنازلت عن وزيرين اثنين، فلم يعد بالإمكان التنازل أكثر من ذلك»، ولفتت الى «أننا نراهن عن أن تؤدي جولة المشاورات الجديدة بين الرئيس المكلف بالتنسيق مع رئيس الجمهورية الى الاتفاق على تشكيلة وزارية لا تعد انكساراً لطرف ولا انتصاراً لآخر، أي حكومة لا غالب ولا مغلوب تمثل مختلف القوى السياسية، بحسب احجامهم». وأوضحت المصادر أن «الخلاف الحاصل على المعيار المعتمد للتأليف وترجمة الأحجام الجديدة على المستويين المسيحي والدرزي»، وأضافت: «إذا كانت للعهد هواجس فليعلنها. لعل القوات قادرة على تبديدها لا سيما لجهة خطط وتوجهات الرئيس عون والتيار الوطني الحر في الحكومة المقبلة». ورفضت المصادر اتهام نواب التيار للقوات بعرقلة التأليف بأوامر خارجية متسائلة: «اين الدليل على ذلك؟ فهذه الاتهامات تزيد التشنج ولا تؤدي الى نتيجة».
واتهم التيار الوطني الحر القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي بتنفيذ ارادة خارجية بعرقلة تأليف الحكومة، كما اتهم رئيس القوات بإعادة المفاوضات الحكومية الى نقطة الصفر. في المقابل قال جعجع عبر «تويتر» قائلاً «حرام ان يستمر البعض في عرقلة تشكيل الحكومة ومصالح البلاد والعباد ليس لسبب إلا لمحاولة تحجيم القوات اللبنانية».
وأكد الرئيس عون أن «التعددية الطائفية والحزبية تخلق مشكلات في التأليف ونسمع مطالب الجميع اليوم والمطلوب تأمين توافق حولها، الدستور يقول ان الرئيس المكلف يضع تركيبة ثم يحملها للتشاور فيها مع رئيس الجمهورية، وحتى الساعة لا نزال في مرحلة استماع الرئيس المكلف الى المطالب، وعليه المبادرة لوضع تركيبة، ونحن في انتظاره».
ولم يتمكن الرئيس المكلف حتى الآن بحسب مصادر «البناء» من التوصل الى مسودة مكتوبة للحكومة لعرضها على رئيس الجمهورية، ونفت مصادر الحريري خيار موافقة الأخير على حكومة أكثرية أو اللجوء الى خيار الاعتكاف، ونقلت قناة «أو تي في» عن مصادر المستقبل «اصرار الحريري ، على حكومة الوحدة الوطنية»، كاشفة ان «الحريري سيقوم بعدما عاد من الخارج بمروحة اتصالات جديدة مع مختلف الأفرقاء السياسيين في شأن تأليف الحكومة»، مع تشديد المصادر على «ان الحوار لم ينقطع يوماً في هذا الإطار بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون ».
جنبلاط من عين التينة: لا عقدة درزية
وفي عين التينة حطّ رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط يرافقه نجله تيمور والوزير السابق غازي العريضي، والتقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري بحضور وزير المال علي حسن خليل، ووضع جنبلاط بري بتفاصيل زيارته الى روسيا كما ناقشا الأوضاع الراهنة لا سيما الوضعين النقدي والمالي في البلد وتطرقا الى الملف الحكومي. وأكدت مصادر مطلعة على لقاء عين التينة أن «البحث تناول ملفات عدة منها الأوضاع الاقتصادية والنقدية في لبنان وصولاً الى ملف الحكومة». وتؤكد المصادر أن «الأمور لا تزال على حالها في تأليف الحكومة ولا تقدّم والاشتراكي لا يزال على موقفه»، وتشير الى أن «المشكلة ليست في العقدة الدرزية إنما في العقدة المسيحية وعندما تحل لكل حادث حديث». وإذ تنفي المصادر أن يكون حزب الله وراء التعطيل الحكومي تشدد على أن «التيار الوطني الحر يعتبر من المسؤولين الأساسيين عن تأخير التأليف لا سيما أنه يضع معياراً وإذا كان يخدم الطرف الآخر يتراجع عنه فوراً بما يناقض نتائج الانتخابات»، مع إشارة المصادر الى أن «العقد في البداية كانت داخلية، لكن كل يوم تأخير تجعل العوامل الخارجية تؤخر ولادة الحكومة ولأن التأخير طال كثيراً فإن التطورات الإقليمية ازداد تأثيرها، فهناك حالة من اللاكتراث لدى بعض الاطراف، منها من يربط الحكومة بالمحكمة الدولية فيما الآخر يربطها بالتطورات الأميركية – الإيرانية وكل ذلك يؤثر على الحكومة».
وقالت مصادر «البناء» إن الرئيس بري لا يزال عند موقفه بأنه عندما تحل العقدة المسيحية سيبادر للتحرك باتجاه جنبلاط لإيجاد مخرج للتمثيل الدرزي يرضي كافة الأطراف.
وأشار جنبلاط بعد اللقاء الى ضرورة الإسراع في الخروج من المأزق الحكومي لأن الوضع الاقتصادي والنقدي لا يتحمل ونقل عن وزير المال «مؤشرات مخيفة. ولذلك، لا بد من حكومة كي تتخذ قرارات من أجل إخراج البلاد من هذا المأزق»، ونفى جنبلاط وجود عقدة درزية وقال: «إذا كنا نريد أن نقول عقدة درزية فلنجر الانتخابات من جديد». وإذا كان تمسك جنبلاط بالحصة الدرزية له مبرراته فما الذي يفسر ويبرر دفاع جنبلاط عن القوات وتأييد مطلبها غير التحالف المستجد بين الثلاثي القوات الاشتراكي المستقبل وفقاً لتعليمات سعودية؟ ولماذا لم يذكر رئيس الاشتراكي النواب السنة الستة خارج تيار المستقبل في معرض حديثه عن عدد نواب القوات وتمثيلهم؟
أما اللافت فهو ما قاله جنبلاط رداً على سؤال حول المحكمة الدولية، حيث اعتبر أن «الوضع الاقتصادي والمعيشي أهم من قضية المحكمة ما يعد رسالة من جنبلاط للخارج والداخل بأنه غير مستعدّ لخوض معركة داخلية جديدة مع حزب الله في موضوع المحكمة، وقال: «إن المحكمة الدولية شكلت، وهي موجودة. والحكومة اللبنانية منذ أن شكلت تلك المحكمة تقوم بتمويلها، والمحكمة الدولية إذا لم أكن مخطئا لأني ذهبت إليها منذ سنتين أو ثلاث، دانت أشخاصاً، ولا يستطيع التاريخ أن يقف اليوم عند هؤلاء الأشخاص. الاستحقاقات الداخلية الاقتصادية والنقدية توازي أهمية المحكمة إن لم يكن أكثر، فلنترك المحكمة تقوم بعملها».
وبعد أن حذر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأحير من مخطط خارجي للعبث بالوضع الداخلي من معبر المحكمة الدولية، أوضحت الناطقة باسم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وجد رمضان انه «لا توجد قرارات اتهامية جديدة في ايلول المقبل واذا يوجد تبقى سرية، وهناك المرافعات النهائية التي تختم مرحلة المحاكمة وهي ملخص عن الادلة التي قدمت أمام الغرفة». واضافت رمضان في حديث تلفزيوني: «لا نتوقع ان يكون هناك اسماء او ادلة جديدة في مرحلة المرافعات النهائية في ايلول المقبل، لانه لا وقت لذلك، وإذا تم تقديم طعون فالقاضي لن يقبل بها».
على صعيد أزمة النازحين السوريين، أكد الرئيس بري ضرورة التنسيق مع الدولة والحكومة في سورية لاعادة النازحين، وقال: «95 ، إن لم يكن اكثر من الأخوة السوريين الموجودين في لبنان، قد تحررت مناطقهم. مع ذلك نحن لا نلزم أحداً، لكن علينا ان نتساعد نحن والحكومة السورية ونحن والدولة السورية على العودة». وعن رفض البعض الحوار مع سورية أجاب بري: «لا أحد يرفض ما دام هناك سفراء وعلاقات، وطالما «مشيت» الكهرباء أيضاً».
وأشار السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبيكين رداً على الشائعات حول طلب روسيا الانتشار بعمق 20 كلم في البقاع ، الى أن «هذه الاخبار المبنية على مصادر مجهولة تزوير مفبرك، ويبدو ان هناك من يريد تشويه صورة روسيا في لبنان والمنطقة، كما ان هناك حرباً إعلامية ونحن نتحمل اعبائها». واعتبر أن «موضوع عودة النازحين ملف انساني، ولا يجوز ان يكون هناك شكوكاً في نيات روسيا، ونحن طرحنا الموضوع بكل جدية في هذا الوقت بالذات لأن الظروف الأمنية سمحت لنا».
على صعيد آخر، أعلنت قيادة الجيش اللبناني في بيان أنّ « مديرية المخابرات أحالت إلى القضاء المختص المدعو «محمد قاسم الفليطي» لمشاركته في معركة عرسال ضدّ الجيش اللبناني بتاريخ 2 آب 2014، ولانتمائه إلى كلّ من تنظيم « سرايا أهل الشام » الإرهابي ومجموعة «أبو حسن الأطرش» في وقت سابق، ونقله مواد متفجّرة إلى جرد عرسال لصالح المجموعة المذكورة ومشاركته إلى جانبها في إطلاق صواريخ باتجاه الداخل اللبناني».