وصفة رمادية للحريري لم تلقَ قبول جعجع وجنبلاط… وبعبدا لم تقل كلمتها أمل تحيي غياب الصدر اليوم… وبري للاستعجال: الحكومة الجامعة أهم من الحصص
كتب المحرّر السياسيّ
حمل لقاء وزيري الخارجية الروسية سيرغي لافروف والسورية وليد المعلم إشارات واضحة لاقتراب إطلاق إشارة البدء لمعركة تحرير إدلب، حيث لا جدوى من الانتظار في ظل وضوح تموضع الجماعات الإرهابية المجمع على تصنيفها في مناطق تخضع لسيطرتها بالكامل، وحيث لا حاجة لخوض المعركة دفعة واحدة، تجنيباً للمدنيين للخسائر. وكما تقول مصادر متابعة للوضع الميداني، أن معركة تحرير غرب إدلب وشرقها سيسبق تحرير المدينة، فمنطقة الغاب وجسر الشغور ومقابلها الطريق الدولي الذي يربط مدينتي حماة وحلب، يتيح وضع الجماعات المسلحة في مدينة إدلب في وضع صعب، وربما يكون ضرورياً لمنح الجهود التفاوضية لحلول وتسويات فرصاً حقيقية. وبالمقابل حمل لقاء لافروف والمعلم إشارات لا تقل وضوحاً حول التماسك في الحلف الذي يدعم سورية بوجه التهديدات الأميركية، والذي سيترجم وفقاً للمصادر المتابعة بوقفة أشد وضوحاً من حلفاء سورية، وفي مقدمتهم روسيا، في حال تعرض سورية للعدوان الغربي بذريعة كيميائية مفبركة، بينما الوقائع المتجمعة لدى موسكو شديدة الوضوح حول مشاريع الفبركة الكيميائية من جهة وحول التحضيرات الغربية لمشروع العدوان.
مع تقدّم الخطى نحو إدلب تبدو الصورة واضحة للحصيلة خلال الأيام والأسابيع المقبلة، بالمزيد من الانتصارات لسورية ولمحور المقاومة ولروسيا، وتبدو سائر ملفات المنطقة وخلافاتها تراوح مكانها، لتصير المتغيرات السورية وحدها طريق ترسم التوازنات والمعادلات.
في لبنان منحت الاجتماعات التي تتصل بفرص تشكيل الحكومة الجديدة بعض الأمل بتحقيق اختراق من دون أن تبلغ مرحلة القدرة على الإنجاز. فالمقترحات الجديدة التي قدّمها الرئيس سعد الحريري المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حول استبدال الحقيبة السيادية، من ضمن أربعة وزراء يمثلون القوات، بجعل الوزراء الأربعة بحقائب، ويبدو أنه لقي قبول جعجع ضمناً، بانتظار تبلغ موافقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على المقترح، قد فتح بالمقابل باباً للبحث عن تلبية شهية القوات على الحقائب الخدمية، وكيفية توليف ذلك مع متطلبات تمثيل الأطراف الأخرى، بينما العرض الذي قدمه للنائب السابق وليد جنبلاط واللقاء الديمقراطي بوزير درزي ثالث يتم اختياره بالتوافق، لم يلق قبول جنبلاط، فيما تقول مصادر متابعة إن جنبلاط ينتظر ما سيحصل مع جعجع قبل أن يناقش مقترح الحريري بجدية، بينما بقي تمثيل النواب السنة المستقلون عن تيار المستقبل، مغلقاً بانتظار حلحلة العقدتين الأهم، حيث تقول المصادر ذاتها إن الحريري سيتقدم بمقترح لتغطية هذه العقدة إذا تمكن من الحصول على موافقة رئيس الجمهورية على الحل المقترح مع كل من جعجع وجنبلاط. وفي بعبدا بقي الصمت والغموض يحيطان بكيفية تلقي رئيس الجمهورية مقترحات الحريري بانتظار أن تعرض عليه رسمياً، بعد أن تكون التشكيلة قد اكتملت مسودتها، لأن حل المشاكل التي قد تثيرها المقترحات ليس من مهمة رئيس الجمهورية، والرئيس لن يناقش أفكاراً بل مسودة لتشكيلة حكومية تحظى بقبول الأطراف السياسية.
لقاء مُرتقب بين الحريري وباسيل
نشطت اللقاءات يوم أمس، على خطوط عين التينة – بيت الوسط – معراب – كليمنصو، في إطار جولة المشاورات الجديدة التي أطلقها الرئيس المكلف سعد الحريري في محاولة لتذليل العقد التي تعرقل ولادة الحكومة، فبعد لقائه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أمس الأول، التقى أمس في بيت الوسط النائب وائل أبو فاعور موفداً من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وكان قد التقى أيضاً وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، على أن يلتقي رئيس تكتل لبنان القوي الوزير جبران باسيل خلال الساعات المقبلة، بحسب ما رجحت مصادر لـ «البناء».
وتأتي جولة المشاورات الجديدة وسط موجة من التفاؤل سرت خلال الأيام القليلة الماضية تتحدث عن ولادة قريبة لحكومة العهد الأولى لا سيما الكلام الذي نقله البطريرك الراعي عن رئيس الجمهورية بعد لقائهما. فهل يحمل شهر أيلول الحلول لأزمة التأليف بولادة حكومية تواجه الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي باتت تشكل خطراً جدياً على لبنان؟ أم أن جولة الحريري ستصطدم كسابقاتها في جدار المواقف والشروط؟ وما هي جدوى الجولة الجديدة إن لم يُدخِل الرئيس المكلف معايير جديدة وعادلة يستند اليها في عملية التأليف تستند بدورها الى التوازنات النيابية؟ وهل تهدف الحركة الحريرية فقط الى إبعاد تهمة التدخل الخارجي في عملية تأليف الحكومة والإيحاء بأن العقدة في الداخل لا في الخارج؟ وهل يمكن الفصل بين تشكيل الحكومة العتيدة والتطورات المتسارعة في ساحات المنطقة؟
الرئيس المكلف: سأزور بعبدا عندما تنضج الظروف
وإذ أفادت مصادر «البناء» بأن «لا مسودة نهائية في جيب الحريري حتى الآن وأن لا تقدم على صعيد العقدتين القواتية والاشتراكية رغم اللقاءات التي حصلت»، أكدت مصادر بيت الوسط لـ»البناء» الى أن «لقاءات الرئيس الحريري تأتي استكمالاً للمساعي التي يقوم بها منذ تكليفه تأليف الحكومة»، موضحة أن «ما يقوم به لتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية وأن زيارته الى بعبدا مرتبطة بنضوج الظروف وحل العقد وعندما تتوفر لديه رؤية متكاملة أو تشكيلة ترضي جميع الأطراف». ولفتت الى أن «الحريري لن يزور بعبدا قبل توفر هذه التشكيلة لأنه لا يريد أن يؤدي رفض رئيس الجمهورية أي صيغة تعرض عليه الى تعقيد الأمر والى أزمة بين الرئاستين البلد في غنى عنها». وأضافت المصادر أن «التواصل الهاتفي مستمر بين الحريري وباسيل وسيلتقيه في أي وقت»، لكنها أشارت الى أن الرئيس المكلف لن يقدم تشكيلته إلا إذا نالت موافقة جميع القوى السياسية انسجاماً مع مبدأ حكومة الوفاق الوطني وحماية للميثاقية والشراكة في البلد». واعتبرت أن التلويح بخيارات بديلة للضغط على الرئيس المكلف لا أساس لها في الدستور الذي يتحدث عن فصل السلطات كما لن تثني الحريري عن متابعة مساعيه ولن تجبره على الاعتكاف».
«القوات»: 4 حقائب خدمية مقابل السيادية…
وقالت أوساط قواتية لـ «البناء» إن «الحصة القواتية لا زالت قيد البحث بين الرئيس المكلف ورئيس القوات سمير جعجع ولا موافقة نهائية من القوات على أي صيغة حتى الآن»، وأكدت بأن «القوات تحاول قدر المستطاع تسهيل مهمة الرئيس المكلف»، مشيرة الى أن «العقدة ليست عند القوات بل عند الطرف الآخر». ولفتت الى «أننا لن نقبل بوزارة دولة إذا كانت حصتنا 4 وزراء، لكن طرح 4 حقائب خدمية مقابل السيادية قيد البحث ويمكن الموافقة عليه بشرط أن نحدد نوع الحقائب مع الرئيس المكلف لا أن يفرض الآخرون علينا ذلك».
وأشار نائب القوات العميد وهبي قاطيشا لـ»البناء» الى أن «العقدة عند رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، متسائلاً عن التنازل الذي قدمه التيار، منتقداً الفصل بين حصة الرئيس عون وحصة التيار»، موضحاً أن «القوات ليست ضد منح حصة للرئيس لكن أن تُحدد هذه الحصة وفق اتفاق معراب اي 3 وزراء إذا كانت حكومة ثلاثينية وليس 5 وزراء».
وعن حديث نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي حول زيارة لرئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي الى سورية للقاء الرئيس بشار الأسد أكد قاطيشا بأن «القوات ضد هذه الزيارة وستعلن رفضها لذلك رغم أن موقفها لن يؤثر في ثني رئيس الجمهورية عن ذلك».
وكان وزير الاعلام ملحم رياشي موفداً من رئيس القوات قد أطلع الرئيس نبيه بري في عين التينة على اجواء اجتماع بيت الوسط. وأكد رياشي بأن «القوات لا تقدم تنازلا بمعنى التنازل بل قدمت تسهيلات لأقصى الحدود لمساعدة الرئيس المكلف لتشكيل حكومة لنهضة البلد».
«التيار»: الطائف خراب دستوري
في المقابل تنفي مصادر التيار الوطني الحر لـ»البناء» أن يكون «التيار» يعرقل مهمة الرئيس المكلف، مشيرة الى أن «العقد تتوزع، منها ما هو داخلي يتعلق بمطالب القوات والاشتراكي المضخمة وعدم قدرتهما على الاعتراف بنتائج الانتخابات، ومنها ما هو خارجي يتعلق بالضغط السعودي على الرئيس المكلف»، وفي مؤشر قد يضع اتفاق الطائف في التداول مجدداً ويعيده الى دائرة النقاش والبحث بين المكونات اللبنانية، وربما يزيد التوتر بين طرفي التسوية الرئاسية المستقبل والتيار الوطني، شن النائب العوني زياد أسود هجوماً على اتفاق الطائف، وقال على تويتر: «من وضع الطائف من كاتب ودمى متحركة خلقوا خراباً دستورياً مقصوداً لمزيد من الإرباك والغطرسة والتفسير العقيم، ان مبدعي نصوص الطائف وقابضي أجرتهم بهتك جوانبه لمنع الحكم السليم والعودة اليه يعرفون ان الطائف بنصوصه سهّل احتلال الدولة بعدم إعطائه أجوبة بديهية على اعمال مخالفة للدستور تحصل كل يوم بفجور، يبقى عن اي حلول تفتشون لواقع رسمه السعودي وصدق عليه الذليل اللبناني برفع الأيادي انبطاحاً».
على صعيد آخر وفي وقت يتحفظ تيار المستقبل على دعوة الرئيس بري الى جلسات تشريعية تحت عنوان تشريع الضرورة، أكد النائب ألان عون «اننا لا نرى التشريع هو من باب الضغط على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أو مواجهة بين مؤسسة وأخرى»، معتبراً أنه «من الطبيعي ان نذهب الى أداء واجباتنا كنواب».
«اللقاء الديمقراطي»
وإذ علمت «البناء» أن الحزب الاشتراكي لا يزال على موقفه من الحصة الدرزية، دعت كتلة اللقاء الديمقراطي الى «إزالة العقد والعراقيل الموضوعة أمام عملية التشكيل والابتعاد عن بعض الاجتهادات القانونية والهرطقات الدستورية غير المجدية»، غامزة من قناة وزير العدل سليم جريصاتي. وفي بيان بعد اجتماعها الاسبوعي أعادت التلويح بتطبيق «اتفاق الطائف بكافة مندرجاته لا سيما منها إقرار قانون عصري للانتخابات النيابية يؤدي إلى مجلس نواب خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلسٍ للشيوخ».
«اللقاء التشاوري»
في موازاة العقدتين المسيحية والدرزية، برزت عقدة تمثيل النواب السنة المستقيلين في الحكومة الى الواجهة، وعقد اللقاء التشاوري أمس، اجتماعاً في مجلس النواب ، ولفت النائب وليد سكرية بعد الاجتماع الى أن « تيار المستقبل كان يعتبر أنه الممثل الوحيد للطائفة السنية ولا أحد غيره يمثلها، وهذا طرحه سابقاً مع تشكيل حكومة ميقاتي. الآن هناك 10 نواب من خارج تيار المستقبل نالوا 40 في المئة من أصوات الطائفة السنية وليس من الاصوات غير السنية، ولهم الحق في التمثيل».
مواقف لبري اليوم
وتترقب الساحة الداخلية المواقف التي سيطلقها الرئيس بري في ذكرى تغيبب الأمام السيد موسى الصدر ورفيقيه في احتفال تقيمه حركة أمل في ساحة القسم في بعلبك عصر اليوم، حيث يركز بري بحسب معلومات «البناء»، على الشأن الحكومي والانعكاسات السلبية لتأخير تأليف الحكومة على الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية، ويتطرق الى موضوع العلاقة مع سورية والتطورات في المنطقة لا سيما القضية الفلسطينية، كما سيفرد بري حيزاً واسعاً في خطابه للوضع الأمني والإنمائي في بعلبك الهرمل والبقاع عموماً، حيث سيكشف عن مجموعة إجراءات تساهم في دخول الدولة على خط معالجة الأزمات التي يعاني منها البقاعيون والتخفيف من معاناتهم، لا سيما إنشاء مجلس لإنماء البقاع، كما سيعلن الرئيس بري عن آخر المستجدات في قضية الامام الصدر ورفيقيه.
وحذّر وزير المال من «مؤشرات خطيرة تتعلق بنسبة النمو والعجز والدين العام وبمترتبات لبنان لجهة إطلاق المشاريع التي وعد بها على المستوى الدولي، في حال استمرار وضع المراوحة الراهن». وشدد على أن ثمة «حاجة ملحة إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة تكون سريعة في اتخاذ القرارات لتحسين الوضعين الاقتصادي والمالي وإطلاق المشاريع التنموية الكبرى».
«الوفاء للمقاومة»
بدورها رأت كتلة «الوفاء للمقاومة» أن «المراوحة والتأخير في تشكيل الحكومة حتى الآن سيضعان التأليف أمام تعقيدات جديدة، خصوصاً اذا تبين ان الاستنساب هو المعيار المعتمد». ودعت الكتلة عقب اجتماعها الدوري برئاسة النائب محمد رعد، الحكومة والقوى السياسية، الى «الاستفادة من تطورات الأوضاع في المنطقة لمراجعة تموضعه الاستراتيجي ولإعادة النظر في بعض علاقاته الاقليمية والدولية في ضوء التزامه حماية سيادته الوطنية ومنع العدو الإسرائيلي من التسلل عبر تطبيع علاقاته مع بعض الدول العربية في سعي دؤوب منه لاختراق المنطقة سواء بإنتاجه الاقتصادي أو بمشاريعه السياسية».
المبادرة الروسية
على صعيد أزمة النازحين، بحث الوزير باسيل المبادرة الروسية لإعادة النازحين مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وقبله مع سفير روسيا ألكسندر زاسيبكين الذي قال بعد اللقاء «بحثنا في القضايا الإقليمية والدولية والعلاقات الثنائية بين البلدين خصوصاً موضوع عودة النازحين في ضوء المبادرة الروسية في هذا المجال والتي تؤيدها القيادة اللبنانية. وبحثنا في موضوع تأسيس اللجنة لهذا الهدف، وما يهم هو مواصلة العمل اليومي لتأمين عودة النازحين الى المناطق الآمنة في سورية. وقد أشرت الى ضرورة التواصل السوري – اللبناني في هذا المجال لمصلحة شعبي البلدين»، متوقّعاً ان يتم تشكيل اللجنة في الأيام المقبلة.