الخلود يواجه الفناء في كتاب «الأنتروبيا والشعر»
بلال أحمد
إن بحث الإنسان عن الخلود جعله يعتقد أن بوابة الشعر هي بوابة الخلود التي تحفظ للإنسان ذكره عبر العصور.. من هذه الفكرة ينطلق الباحث والأديب محمود نقشو في كتابه العلمي والأدبي» الأنتروبيا والشعر» الصادرعن الهيئة العامة السورية للكتاب .
والأنتروبيا بحسب الباحث هي «الميل إلى الانفلات والتبدد والفناء، حيث كل ضوء يرافقه ظل وكل حياة ينتظرها موت وكل طاقة مبذولة يلاحقها التبدد والتناقص والفناء وعليه فإن الأنتروبيا تمثل الحصيلة الكونية من الطاقة المبددة عشوائياً وغير القابلة للاستغلال».
ويبحث الكتاب في هذه الحقيقة علمياً ليتجه إلى أثرها النفسي والفلسفي في الأدب والفن عموماً، وفي الشعر خصوصاً، موضحاً أن مصطلح أنتروبيا ظهر لأول مرة عند الشاعر الاغريقي هسيود.
وينطلق الباحث من فكرة الخلود المضادة للانتروبيا والتي شغلت الفكر الإنساني منذ فجر الحضارات فوقوف الإنسان أمام حقيقة الأنتروبيا والنهاية والموت الحتمي لكل حي جعله يفكر بالبحث عن نقيضها أي الخلود، كما روتها قصة خروج الإنسان من الجنة ثم الطوفان البابلي وطوفان نوح وملحمة جلجامش وسعي بطلها وراء عشبة الخلود.
ويرى الباحث أن خلود الشعر بنظر الشعراء حلّ بديل للخلود الحقيقي لأنه لا يخضع لاعتبارات واضحة ومحددة وقوانين ثابتة بل لأمور متغيرة ومفتوحة على التجديد في الأشكال والمضامين مع مرور الزمن وتغيراته.
ويرى نقشو أن العلاقة بين الفجائع والمحن التي يمر بها المبدع تتناسب طرداً مع مستوى الطاقة المتولدة في الدماغ فسر خلود المتنبي يكمن في طاقة عقله الخارقة والتي فجرتها ظروف حياته المأساوية، حسب رأي طه حسين ولو عاش حياته ومعاناته شخص آخر فربّما كنا أمام متنبٍّ آخر.
كما يبحث الكتاب في علاقة الأنتروبيا بالإبداع والخيال المبدع، فالعملية الإبداعية تكون مصحوبة بتوتر وقلق يشعر معها المبدع أنه فقد توازنه وأن رغبة شديدة تدفعه لخفض التوتر وإعادة الاتزان.
ويتطرق نقشو في الباب الأخير من كتابه إلى الشعر بوصفه مخلصاً للبشرية أو الشعر من أجل عالم أفضل. فالشاعر يبدأ الخلق بشيء غامض يريد أن يقوله وحين ينتهي يجد أن لا صلة بين ما أراد أن يقوله وبين ما قاله في القصيدة.
ويؤكد نقشو أن الشعر ضرورة لإعادة ترتيب العالم وانتظام الفوضى، كما انه ضرورة إنسانية وليس المقصود هنا الشعر الرديء الذي تروجه وسائل الإعلام أو وسائل تواصل الفضاء المفتوح في الانترنت إنما الشعر الحقيقي الذي يتسم بسمة الخلود وما زالت هناك أصوات عربية حقيقية وعلامات بارزة في الشعر.
يذكر أن محمود نقشو عضو في جمعية الشعر باتحاد الكتاب العرب وهو مهندس كيميائي له سبع مجموعات شعرية مطبوعة منها أوراق خريف آخر وسقط الرؤى وكتاب بحثي بعنوان شعراء دمشق إضافة لمقالات عديدة منشورة في الأدب والعلوم.