عيون المنطقة إلى «مسقط» بانتظار التفاهم الأميركي ـ الأوروبي ـ الإيراني نصرالله يفتح نافذة للحوار مع المستقبل… داعماً عون… لا مانع بالتمديد

كتب المحرر السياسي

مع إجماع الإعلام الأميركي على فشل ضربات التحالف، في سورية والعراق بترجمة استراتيجية الرئيس الأميركي باراك اوباما، التي قامت على ثنائية، لا حاجة لإيران وسورية وروسيا، ودعم ما أسماه بـ»المعارضة المعتدلة» في سورية، والاعتماد على قيادة سعودية وشراكة تركية فاعلتين، بدأ الإعلام الأميركي نفسه المرحلة الجديدة بالترويج للتفاهم مع إيران، والرهان على اجتماعات مسقط في التاسع من الشهر الجاري، مؤسّساً على نعي السياسات السابقة، ومنطلق النعي، العودة إلى وصف الرهان على المعارضة السورية بالفانتازيا، هذا الاتجاه الذي تصدّرته «واشنطن بوست» بإعلان وفاة المعارضة التي يراهن عليها أوباما في سورية مع تطورات أحداث إدلب ونهاية آخر جيوب سيطرة هذه المعارضة، التي حازت بقوتيها حركة حزم وجبهة ثوار سورية أغلب السلاح والمعدات الأميركية، والتي باتت اليوم بحوزة «جبهة النصرة»، بما فيها أسلحة حديثة ومتطورة، وتابع المهمة توماس فريدمان أبرز كتاب العمود الرئيسي في الصفحة الأولى لـ»نيويورك تايمز»، بإعلان فشل استراتيجية أوباما، في الرهان على تركيا والسعودية، والحاجة إلى حسم قواعد التفاهم مع إيران.

العين على مسقط، عنوان يختصر المرحلة المقبلة لرسم خرائط وسياسات جديدة في المنطقة، كما تتقاطع مصادر المعنيّين بالاجتماع، الذي سيضمّ وزراء خارجية أميركا وإيران جون كيري ومحمّد جواد ظريف ومفوضة شؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كارين آشتون.

التفاهم يبدو حسب المصادر شبه منجز، والمكان برمزيته الإيرانية الواضحة، بقبول أميركي وأوروبي، يحمل بلغة الرموز التأشير إلى طبيعة المرحلة المقبلة، وطبيعة أدوار القوى الإقليمية وحجمها فيها.

لبنان الذي سيحتاج وقتاً للتلاؤم مع هذه المرحلة، وكيفية تصرف القوى التي تمثل ثقل السياسات السعودية، كان يتفاعل مع كلمة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله التي خصّصها للشأن اللبناني في أغلبها، فاتحاً نافذة حوار مع تيار «المستقبل»، مجدّداً التمسك بترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، مبدياً الانفتاح على خيار التمديد للمجلس النيابي.

برزت أمس معطيات تصب في خانة تنفيس الاحتقان السياسي والأمني الذي تشهده البلاد منذ اندلاع الحرب ضد الإرهاب. وتندرج في هذا الإطار إعادة تحريك الهبة السعودية المخصصة لتزويد الجيش بأسلحة فرنسية، بالتوازي مع مد حزب الله على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله يده للحوار مع تيار «المستقبل» مشيداً بمواقف الأخير من أحداث طرابلس.

نصرالله: للحوار مع «المستقبل»

ولفت السيد نصرالله خلال إطلالة شخصية له في المجلس العاشورائي في الرويس مساء أمس إلى أنه «من خلال المعطيات والمعلومات والحقائق، أصبح واضحاً حجم ما كان يحضر لطرابلس وللشمال»، معتبراً أن «الذي تحمل العبء الأول في هذه المواجهة هي مؤسسة الجيش اللبناني»، لكن «الإنصاف يقول إن العامل الآخر والأساسي جداً والذي ساهم في تخطي لبنان لهذه المصيبة الكبرى، هو موقف أهل الشمال عموماً والمرجعيات الدينية والسياسية في الطائفة الإسلامية السنية الكريمة في لبنان. ولو لم يكن هذا الموقف، لأخذت الأمور في الشمال وطرابلس منحى آخر»، مسجلاً «أن الدور الأبرز في هذا الموقف هو لتيار المستقبل ولقيادته». وقال: «قد نختلف في كثير من المواقف وفي كثير من التحليلات والتقييمات وأحياناً قد نصل إلى مرحلة العداء، لكن أخلاقنا تقول إنه عندما يكون هناك موقف صحيح وشريف، يجب أن نشكره ونقدره بمعزل عن كل الخلافات بيننا». ورداً على الدعوات إلى الحوار من أجل تحييد البلد وتحصينه، كشف السيد نصرالله أنه «خلال الأسابيع الماضية، قالت لنا جهات حليفة وجهات صديقة: أما آن الأوان لحوار بين المستقبل وحزب الله؟، وقلنا أن لا مانع لدينا. وأعلن من هذا الموقع، أننا مستعدون لهذا الحوار وجاهزون له، وهذا الموضوع قيد المتابعة».

وفي ما يتعلق بالمجلس النيابي، أشار السيد نصرالله إلى ثلاثة خيارات «إما الذهاب إلى الانتخابات، وإما التمديد وإما الفراغ. بالنسبة لنا من أول يوم أبلغنا كل أصدقائنا وحلفائنا أننا مستعدون لإجراء الانتخابات، ولا مانع لدينا من التمديد». وأكد أننا «لسنا جاهزين أبداً أن يذهب أحد بالبلد إلى الفراغ، ونحن مع أي شيء يمنع من الذهاب إلى الفراغ»، مشيراً إلى أننا «وصلنا إلى نقطة حساسة جداً يتوقف عليها مصير مؤسسة مجلس النواب، ونحن جميعاً معنيون بأن نقدم المساعدة لرئيس المجلس نبيه بري لإخراج البلد من هذا المأزق الكبير».

وعن الانتخابات الرئاسية أكد السيد نصرالله أننا «نريد بأسرع وقت ممكن أن يكون هناك رئيس جمهورية في قصر بعبدا»، داعياً «القوى السياسية إلى العمل من أجل استعادة هذا الملف من القوى الإقليمية».

وأضاف: «سورية قالت إن ما يقبل به حلفاؤنا في لبنان سنمضي به، والعديد التقوا مسؤولين إيرانيين وقالوا للجميع إن هذا شأن لبناني داخلي، وفي نهاية المطاف إيران تريد أن يتحقق هذا الاستحقاق».

وتابع: «فريقنا يملك القرار الداخلي الوطني وتفويضاً إقليمياً، وهذا ما يجب أن ينجز لدى الفريق الآخر. وبالنسبة لنا نحن ندعم ترشيحاً معيناً ومحدداً وكل العالم تعرفه وهو العماد ميشال عون، وهذا الترشيح يتمتع بأفضل تمثيل مسيحي وأفضل تمثيل وطني، والبعض يقول إنه يجب التخلي عن دعم هذا الترشيح وهذا غير منصف».

ودعا القوى السياسية إلى عدم انتظار تغيرات إقليمية، مؤكداً أن «الحوار الأساسي هو مع المرشح الطبيعي الذي يتبناه فريقنا السياسي».

في هذا الوقت، سافر قائد الجيش العماد جان قهوجي لبنان على رأس وفد عسكري، إلى السعودية، للمشاركة في احتفال توقيع الجانبين السعودي والفرنسي اليوم على اتفاق الهبة المقدمة من السعودية لمصلحة الجيش.

ولم يخف رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط سروره لهذه الخطوة، وقال مغرداً عبر «تويتر»، إن «رئيس الحكومة السابق سعد الحريري والرئيس السابق ميشال سليمان، لعبا دوراً لتثبيت هبة المليارات الثلاث»، معرباً عن سعادته لأنه تم التأكيد أن «الهبة للجيش اللبناني سيتم الانتهاء منها».

واعتبر أن «السلاح الفرنسي هو هدية قيمة»، شاكراً الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وأعربت مصادر أمنية عن أملها بتنفيذ موضوع الهبة قريباً. وأوضحت أن ما يحتاجه الجيش من أسلحة بات في حوزة الفرنسيين منذ أسابيع عدة، مشيرة إلى أن نوعية الأسلحة التي طلبها الجيش غير تعجيزية ولم تواجه بأي اعتراضات من الجانب الفرنسي.

وبعد سياسي للزيارة

وفي الموازاة، أشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى «أن زيارة قهوجي إلى السعودية لها بعدان عسكري وسياسي»، لافتة إلى أن الزيارة في البعد العسكري تأتي استكمالاً لزيارة الولايات المتحدة وفرنسا، لتحريك المساعدات العسكرية للجيش، ولا سيما أن اشتباكات طرابلس الأخيرة أثبتت أن الخطر داهم والجيش بحاجة إلى سلاح وذخيرة». ورأت المصادر «أنه في ظل عدم تخصيص الجيش بأموال من الموازنة العامة، والتردد حتى الرفض في قبول المساعدة الإيرانية لم يبق أمام قهوجي إلا تحريك المساعدة السعودية».

وتؤكد المصادر نفسها «أن الزيارة في البعد السياسي، تأتي متابعة لملف رئاسة الجمهورية الذي بدأه العماد قهوجي في الولايات المتحدة التي لا تضع فيتو على ترشيحه، فهو حتى الساعة لم يسمع ما يشجعه من الموقف السعودي حيال ذلك، لا بل على العكس فهناك أصوات خرجت من تيار المستقبل تحرض ضد قهوجي ما أوحى لقائد الجيش «أن الرياض تضع فيتو عليه». وتلفت المصادر إلى «أن الزيارة ربما تكون لمعالجة الملفين العسكري والسياسي معاً».

وفيما يجري الحديث عن تحريك ملف رئاسة الجمهورية عقب جلسة التمديد للمجلس النيابي غداً، توقعت مصادر متابعة لـ«البناء» أن «تحصل الانتخابات الرئاسية بعد 24 تشرين الثاني الجاري». وإذ أشارت المصادر إلى «أن الرياض عممت على فريق 14 آذار أن لا حظوظ للجنرال عون في الانتخابات الرئاسية، وأنه طالما عون بقي مرشحاً لا رئيس جمهورية في لبنان»، أكدت «أن فريق 8 آذار مجتمعاً يعتبر أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح المرشح الكفوء الوحيد لرئاسة الجمهورية».

وفي سياق متصل، أكدت مصادر واسعة الإطلاع لـ«البناء» «أن الإدارة الأميركية لا تضع فيتو على قهوجي، ولا على رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، ولا على الوزير السابق جان عبيد»، شددت في المقابل على «أن الرياض لم تبحث في هذه الأسماء، واكتفت حتى الساعة بوضع فيتو سعودي على الجنرال عون».

التمديد للمجلس بميثاقية

في غضون ذلك، بدا مسار الجلسة النيابية غداً متجهاً نحو التمديد للمجلس النيابي وفق الميثاقية التي يطالب بها الرئيس بري. وفيما يعقد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مؤتمراً صحافياً اليوم لإعلان ما وصف بأنه «مبادرة الساعة الأخيرة لتجنب التمديد لمجلس النواب»، يتوقع أن يتراجع عن رفضه التمديد بإعلانه أن نواب «القوات» سيصوتون لمصلحة التمديد. في المقابل أكد رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل من باريس التصويت ضد التمديد «لأن التصويت إلى جانبه يعطي صك براءة لكل من شاركوا بتعطيل الرئاسة وجرونا إلى هرطقة جديدة هي التمديد لمجلس النواب». واعتبر «أنه في الوقت الحاضر الأولوية والضرورة هي لانتخاب رئيس وكل ما عدا ذلك هو تعطيل للمؤسسات ولمبدأ الشراكة الوطنية».

أما كتلة «المستقبل» فرأت بعد اجتماعها الدوري أن «المشاركة والاقتراع في الجلسة العامة المقبلة للتمديد لمجلس النواب مسألة أساسية وضرورية لقطع الطريق على احتمالات الوقوع في هذا الفراغ في المؤسسات الدستورية وما سيشكله ذلك من أخطار على الدولة وعلى النظام السياسي وتداعيات كل ذلك على الأوضاع العامة والمصالح الوطنية العليا»، معتبرة أن «المهمة الأساسية للنواب في مرحلة ما بعد الجلسة المقبلة هي انتخاب رئيس جديد للجمهورية وفقاً لمبادرة قوى 14 آذار التوافقية».

وتحدثت مصادر نيابية لـ«البناء» عن «اتصالات تجرى بين الرئيس بري وكتلة «المستقبل»، والكتل النيابية المسيحية لاختصار مدة التمديد، وأن طروحات عدة تناقش لهذه الغاية».

خلية الأزمة تبحث غداً اقتراحات «النصرة»

على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء بعد غد الخميس جلسة في السراي الحكومية برئاسة الرئيس تمام سلام لبحث جدول أعمال من 44 بنداً أبرزها بند الهاتف وقضايا أخرى تتعلق بهبات ونقل اعتمادات. وأشارت مصادر وزارية لـ«البناء» إلى أن سلام سيضع الوزراء في أجواء التطورات المتعلقة بقضية العسكريين المخطوفين في ضوء المقترحات التي وضعتها «جبهة النصرة» وسلمتها إلى الموفد القطري الذي سلمها بدوره إلى المدير العام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم. ويسبق جلسة مجلس الوزراء اجتماع لخلية الأزمة برئاسة سلام غداً لاتخاذ موقف من المقترحات.

إلى ذلك، أعلن قيادي في جبهة «النصرة» لـ «الأناضول» أن الجبهة «تنازلت عن شرط انسحاب حزب الله من سورية في مفاوضات الإفراج عن العسكريين اللبنانيين الأسرى كي لا تتهم بوضع شروط تعجيزية ولأنها تريد إخراجه بهزيمة عسكرية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى