فلحة في المؤتمر العربي الدولي للعلاقات العامة في فيينا: لتعزيز الحوار بين الحضارات وردم الفجوات الموروثة
افتتح في فيينا، المؤتمر العربي الدولي الثاني للعلاقات العامة بعنوان: «التواصل بين القطاعات المتعدّدة ـ إدارة الحوار عبر التنوّع الثقافي في العالم». وشارك لبنان في المؤتمر بوفد ترأسه مدير عام وزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة وعضوية كلود عاد.
وبحث المؤتمر في تقريب وجهات النظر بين المجتمعات من خلال وسائل الإعلام، على رغم أهمية التنوع والاختلاف في العالم، وهو غنى للانسانية والبشرية.
وقدّم الدكتور فلحة، مشروع ورقة عمل استهلها بالقول: «إنّ اختلاف الثقافات وتعدّد أنماطها وتبيان أفكار الناس وتنوّع لغاتهم، يتميّز بأمرين متناقضين متلازمين، إذ أصبح هذا الاختلاف أكثر صعوبة، وأكثر سهولة في آن معاً. والسبب المباشر في تعزيز هذه النتيجة أن وسائل التواصل الاجتماعي، عدا عن كونها حاجة لا يمكن الاستغناء عنها، أو العيش من دونها، أصبحت قوة جوهرية وأساسية في إحداث أنماط التغيير وتبدّل الافكار. ودافعة إلى تغيير العادات والانماط في فترة زمنية وجيزة تكاد لا تقاس على قصرها بعمر البشرية. وقد تركت وتترك آثاراً واضحة وبيّنة في أنماط حياتنا اليومية، عدا عن أن لاستخدام هذا التواصل ميزات خاصة به، قائمة على سهولة التواصل بأقل قدر وجهد ممكنين، وفي وقت محسوب ودقيق وقصير».
وأضاف: «في المقابل، فإنّ الصعوبة تتأتى من خلال هذا الدفق الهائل للمعلومات الذي تتعرض له بشكل مستدام المجتمعات المختلفة بأشكال متعدّدة، ومن ضمنها فئاتها العمرية كافة، ما أتاح ويتيح إزالة عوائق التواصل التقليدية، ويستبدلها بعوائق من نوع آخر ناتجة عن التحير الفكري وتلبكه. وقد جعل هذا الامر التمييز بين المحتوى والمحتوي بسيطاً ومعقداً في الوقت ذاته من حيث المقدرة على سهولة استخدام وسائل التواصل في الوصول إلى المعلومات، ومعقدة من حيث كيفية استخدام هذا التواصل، ما يترك مساحات شاسعة أمام الناس أو المستهدف، وتدفع إلى التردّد في اتخاذ القرارات والمواقف أو تعديلها وتأثيره حكماً على تكوين الرأي العام أو الآراء».
وتابع فلحة: «إن هذا التبدّل الهائل في أنماط المعرفة، وعلى مقياس اختلاف الثقافات وتعدّد أفكار الناس وتباينها يستدعي تعزيز الحوار بينها وبين الحضارات والمدنيات، وإبراز القواسم المشتركة، والسعي قدر المستطاع إلى ردم الفجوات والاختلافات الناتجة في غالبية الأحيان عن الموروثات الثقافية والتقاليد والعادات، وتحديداً المستندة لدى بعض المجتمعات إلى اعتبارات دينية تكاد في معظم الاحيان أن تكون مسلّمات، لا يمكن تجاوزها، لا بل لا يمكن التطرّق إليها».
ولفت إلى انه «إذا كنا نسعى إلى تعديل ما أو تعديلات ما في اساليب التواصل الدولية او الاقليمية، فإن ما يجب أخذه في الاعتبار، مراعاة الثقافات المحلية والوطنية، واستيعاب مفاهيمها، وعدم السعي إلى تدميرها عنوة بشكل كلي، كما يحدث، أو يترافق مع الحروب والمعارك، وهناك فترات تاريخية بارزة متعددة خير شاهد على ذلك».
وشدّد فلحة على أنّ المطلوب ردم الفجوات والهوّات بين الشرق والغرب وبين الجنوب والشمال وبين الشرق والشرق وبين الغرب والغرب والجنوب والجنوب والشمال والشمال، بشكل يستبعد استيلاب الشخصية أو يعتمد الالغاء كلياً في عملية التواصل والحوار. وقال: «هذا المبتغى لا يمكن توسّله من دون إعلاء القيم والمفاهيم الانسانية المتوافق عليها، والتي تنطلق من إنسانية الانسان وسلامه واستقراره وأنسنة أعماله وأفعاله».
وأضاف: «ما يدفع إلى تعزيز رأينا هذا، انه لدى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو شبكات التواصل المعرفي والإعلامي والثقافي وغيرها. فإن هذه الشبكات بنظرة مبسطة، تكاد تكون من حيث الشكل والاطار واحدة تختلف وتتباين عند المقدرة على استخدامها او معرفة اساليب هذا الاستخدام. ما يعني أن الاطار يكون واحداً من حيث الشكل، ولكنه متضمن ثقافات متنوعة ومتناقضة. وقد تكون حادة وغير متجانسة على غالبية الظنّ».
وأشار إلى أنّ طبيعة التواصل الاجتماعي تختلف باختلاف الانواع التي تعني الرأي العام أو التي يتناولها. فقد تكون ذات طبيعة اجتماعية أو ثقافية أو إعلامية أو سياسية أو اقتصادية أو مالية أو تجارية، يجمع بينها قاسم مشترك واحد وأساسي، هو التغلب على عامل المسافات الذي كان على الدوام، وما زال في أحيان كثيرة، عائقاً أساسياً في عملية التواصل. ما يعني بشكل جليّ، أنّ هذه الوسائل تستطيع أن تتغلب على القيود الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية وأن تتجاوزها».
وختم فلحة: «إنّ الدول المصنعة للتكنولوجيا تعمد عن قصد إلى ربط عملية التواصل الاجتماعي بدورتها الاقتصادية لجعل المجتمعات النامية قائمة على نظام التبعية، أي أننا أمام نوعين من المجتمعات: مجتمعات مصدّرة ومتحكمة بعناصر الانتاج ومجتمعات مستهلكة، تقع تحت عبء الدول ذات الصنف الاول وقد يكون منبع ذلك، العامل الاقتصادي أولاً، والعامل السياسي ثانياً، والمستهدف دائماً الثقافات والعادات والتقاليد التي يجب التخلص ممّا هو وبال أو كل ما يعيق عملية التقريب بين الناس وتيسير سبل عيشهم بحرية وكرامة، تعني الانسان وكل الانسان وكل إنسان».
وكان افتتح المؤتمر بكلمة للرئيس التشيكي السابق، وبعد حفل الافتتاح تسلّم الدكتور فلحة من أمين العام المنظمة العربية للتنمية الادارية الدكتور رفعت الفاعوري جائزة تقدير على مشاركته في المؤتمر.