تصاعد الصراعات داخل إدارة ترامب في ظلّ التحوّلات العالمية المتسارعة…!
محمد صادق الحسيني
التخبّط سيد الموقف في إدارة الرئيس ترامب والتحوّلات العالمية من حول سياستها الخارجية تتسارع باتجاه عقد صفقات أو تسويات لا سيما في ما يتعلق بقضايا وملفات تتعلق بمنطقتنا العربية والإسلامية…!
ثمة مَن يعتقد انّ الرئيس ترامب يميل الى الصفقات أكثر مما يميل للتسويات العادلة بسبب جشعه وميله للمال والمنافع المباشرة وانعدام الأخلاق لديه حتى في التعامل مع فريقه الخاص!
والرواية التي تلوح في الأفق في ما يخص الصفقة المتعلقة بمنطقتنا يُقال إنّ عمودها يفترض ان يكون هذه المرة إعادة تشكيل السلطة في السعودية بعدما تبيّن تعثر بل سقوط حصان الغرب الفاشل محمد بن سلمان على أن تشمل الصفقة كما يتردّد ملفات اليمن والبحرين والكويت وشمال شرق الفرات الكرد والداخل التركي وضمان استمرار المصالح الأميركية الناتوية وفي مقدمها تصفية القضية الفلسطينية…!
المراحل المذكورة أعلاه تتشكل تباعاً، ولكن الردّ عليها في المقابل من قبل محور المقاومة وأصدقائه الدوليين هو الآخر يُعِدّ له على قدم وساق والحرب سجال…!
وفي هذا السياق وفي إطار سياسة الرئيس الأميركي، التي تفتقد الى اي استراتيجية ثابتة وواضحة، قام الرئيس نفسه بتأكيد التناقض الكبير، الذي لا يليق بمقام رئيس إحدى الدول العظمى في العالم، وذلك خلال المقابلة الصحافية التي أجرتها معه محطة «سي بي أس نيوز» الأميركية، والتي نشرت مقتطفات منها على موقعها الالكتروني، كرّر الرئيس الأميركي تناقضات تصريحاته وذلك من خلال:
1 ـ نفيه وجود أية فوضى في إدارته.
2 ـ إيحاؤه باحتمال استقالة أو اقالة وزير الدفاع، جيمس ماتيس، وذلك رداً على السؤال الذي طرحه عليه الصحافي الذي أجرى المقابله، ليسلي شتال في برنامج 60 دقيقة.
حيث اجاب ترامب قائلاً: بعض الأشخاص في الادارة لا يسرّني وجودهم. وعندما سأله المحاور بطريقة اوضح عما إذا كان وزير الدفاع سيستقيل أم لا، أجاب قائلاً: حسناً، أنا لا أعرف وهو لم يبلغني بذلك. ولكن علاقتي معه جيدة جداً، حيث تناولت الغداء معه قبل يومين. إن علاقتي معه جيدة جدا. ولكن يمكن ان يكون كذلك أي بصدد الاستقالة أو الإقالة . اعتقد أنه بشكل ما ديمقراطي نسبة للحزب الديمقراطي اذا ما كنت تريد معرفة الحقيقة. وأضاف ترامب أن الجنرال ماتيس شخص طيب او جيد ونحن متفاهمان. يحتمل أن يترك He may leave . قصدي أن كلّ شخص يحب أن يذهب في وقت ما. كلّ إنسان يذهب. كلّ إنسان. الناس تذهب او تترك. هذه واشنطن.
ولكنه حاول تحوير حقيقة الفوضى التي عمت إدارته منذ توليه الحكم بالقول: إنني أقوم بتغيير الأشياء من حولي وأنا مخوّل بذلك ولدي حالياً أشخاص جاهزون مثيرون للدهشة. إنهم سينضمون للإدارة وسيكونون مدهشين.
ولكن الحقيقة تأبى ليّ عنقها وتبقى عصية على التزوير حتى على مقدم برامج حوارية تلفزيونية مثل دونالد ترامب، الذي يتقن اختيار الكلمات والتلاعب بها لتضليل محاوره وإخفاء الحقائق. والتي أهمّها في هذا السياق ما يلي:
إن مواقف وزير الحرب، الجنرال ماتيس، تتناقض تناقضاً عميقاً مع مواقف مستشار ترامب لشؤون الأمن القومي، الصهيوني جون بولتون، وذلك لاختلاف نظرتهما لأساليب إدارة السياسات والاستراتيجيات الأميركية على صعيد العالم.
إذ يكفي النظر الى مواقف الرجلين من الموضوع الكوري الشمالي في صيف العام 2017، حيث كان بولتون لا ينقطع عن التهديد والوعيد لكوريا الشمالية ورئيسها، بينما واصل وزير الدفاع دعواته لحلّ الأزمة بالطرق الدبلوماسية.
والأهمّ من ذلك أنّ مصادر دبلوماسية غربية عليا، على علاقة وثيقة بالبيت الأبيض وبدوائر صنع القرار الأخرى في واشنطن، أفادت بأنها قد اطلعت على تقارير غاية في الدقة حول احتدام الصراع، بين الجنرال ماتيس وجون بولتون والعديد من الشخصيات اليهودية، في الإدارة الأميركية الحاليّة، مثل جاريد كوشنر وغيره، حول طريقة التعامل مع اختفاء الصحافي السعودي، جمال الخاشقجي.
إذ يرى وزير الحرب أنه قد أصبح من الضرورة بمكان العودة الى السياسة الأميركية المتوازنة في الشرق الأوسط، بما يستدعي كبح جماح بعض القوى التي قد تلحق الأذى بمصالح الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة والعالم.
بينما يواصل التيار الليبرالي/ الصهيوني في البيت الأبيض، أي محور بولتون – كوشنر، الضغط باتجاه مواصلة السياسة التي يمارسونها منذ أن دخلوا البيت الأبيض والتي تنطلق من عقيدة ضرورة تصفية القضية الفلسطينية كطريق وحيد للسيطرة على الشرق الأوسط.
وهذا هو بالضبط العامل الذي دفع الرئيس ترامب الى طرح موضوع إقالة وزير الحرب مرة أخرى. ونعني بالعامل الطريقة التي تتعامل بها إدارة ترامب مع أزمة الخاشقجي.
إذ إن تيار صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية يعمل بكل قوة على مساعدة النظام السعودي، خاصة محمد بن سلمان، في الإفلات من العقاب بسبب جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال الخاشقجي، بينما يعمل التيار الوطني الأميركي والأكثر عقلانية على إعادة الأمور الى نصابها في الشرق الأوسط، خاصة في السعودية، لأنّ الهدف يجب ان يبقى المحافظة على المصالح الأميركية العليا وليس المحافظة على أصدقاء لأشخاص في المراتب الأميركية العليا.
وقد ختم المصدر المطلع بالقول إنّ اقالة وزير الحرب لن تكون سهلة، خاصة أنه سخر من إشاعات كهذه كانت قد أطلقت الشهر الماضي. ويعتقد المصدر أن وزير الحرب لا يقف وحيداً في الميدان وإنما يقف الى جانبه العديد من أركان الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية.
بدأوا ينهشون بعضهم بعضاً!
بعدنا طيبين، قولوا الله…