زعيتر: لإحداث نهضة اقتصادية تعيد لبنان إلى مكانته العالمية في الإنماء المستدام
تحت شعاره «أفعالنا هي مستقبلنا: القضاء على الجوع في العالم بحلول عام 2030 أمر ممكن»، وبرعاية وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال غازي زعيتر، أحيت وزارة الزراعة ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو» وبرنامج الأغذية العالمي «يوم الأغذية العالمي»، في فندق «كورال بيتش»، في حضور ممثل منظمة الأغذية والزراعة في لبنان موريس سعادة، وشخصيات سياسية وعسكرية وفاعليات وممثلي النقابات الزراعية والهيئات الزراعية.
سعادة
وتحدث سعادة لافتاً إلى أنّ إحياء «يوم الأغذية العالمي» يهدف إلى «تذكيرالمجتمع الدولي بالتزامه السياسي الأساسي تجاه الإنسانية وهو القضاء على جميع أشكال سوء التغذية».
أضاف: «بعد فترة من انخفاض نسبة الجوع في العالم، نشهد اليوم وللسنة الثالثة على التوالي ارتفاع مؤشر الجوع، فيعاني اليوم 821 مليون إنسان من سوء التغذية المزمن -أي شخص واحد من أصل تسعة- وفقاً لأحدث تقرير للأمم المتحدة عن حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم. فتسبب كل من الصراعات الدولية وتغير المناخ والتباطؤ الاقتصادي تراجعاً كبيراً في التقدم العالمي لمكافحة الجوع وسوء التغذية. ويعيش 70 في المئة من فقراء العالم في المناطق الريفية حيث تعتمد حياة السكان على الزراعة أو مصايد الأسماك أو الغابات. لهذا السبب يستدعي القضاء على الجوع الى تحول الاقتصاد الريفي».
ورأى أنه «حان وقت العودة إلى المسار الصحيح، فبإمكان العالم أن ينجح في القضاء على الجوع من خلال تضافر الجهود عبر الدول والقارات والقطاعات والمهن. يجب على الحكومات خلق الفرص لزيادة الاستثمار في القطاع الخاص في الزراعة، بالإضافة الى تعزيز برامج الحماية الاجتماعية للفئات الضعيفة وربط منتجي الأغذية بالمناطق الحضرية. ويحتاج المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة إلى تبني أساليب زراعية جديدة ومستدامة لزيادة الإنتاجية والدخل. إن ضمان قدرة المجتمعات الريفية على الصمود يتطلب نهجا يراعي البيئة، ويستفيد من أهمية الابتكار التكنولوجي ويخلق فرص عمل مستقرة ومجزية».
وتطرق إلى الوضع في لبنان، لافتاً إلى «أنّ التدفق الهائل للنازحين السوريين ساهم في زيادة نسبة الفقر في الريف، لا سيما في المجتمعات المضيفة التي يقع معظمها في المناطق الزراعية في عكار والبقاع، والتي تعتمد بشكل كبير على الزراعة كمصدر رئيسي للعيش».
وقال: «نظراً إلى أنّ الزراعة والتصنيع الزراعي هما النشاطان الاقتصاديان السائدان في هذه المناطق ومصدران أساسيان لكسب العيش، فإنّ الاستثمار في هذين القطاعين هو بمثابة حجر الأساس لتخفيض نسبة الفقر الريفي في لبنان. ولهذا السبب، ستواصل منظمة الفاو دعوة الجهات المانحة وحثها على زيادة تمويلها الداعم للزراعة وتعزيز قدرة المجتمعات الريفية على الصمود».
وأشار سعادة إلى «أنّ التحديات التي تواجه قطاع الزراعة في لبنان ليست جديدة، وهي تشمل تكاليف التشغيل العالية، وصغر حجم الحيازات، قيود التسويق، وعوائق الوصول إلى اسواق التصدير، بالإضافة إلى التأثير السلبي التدريجي لتغير المناخ. لكني اليوم متفائل بمستقبل الزراعة في لبنان لسببين محددين: الأول وهو إعادة فتح معبر نصيب على الحدود السورية ـ الأردنية، والذي من شأنه أن يرفع من حجم الصادرات اللبنانية، خاصة المنتجات الزراعية والصناعات الغذائية، وأن يعيد مصدر دخل أساسي لعدد كبير من المزارعين اللبنانيين. والثاني هو التغيير الواضح في موقف السياسيين اللبنانيين من قطاع الزراعة، فبعد عقود من الإهمال من قبل الحكومات السابقة، لدينا اليوم مؤشرات قوية إلى أنّ الحكومة المقبلة سوف تعتمد خطة اقتصادية طويلة الأمد لتنويع وتحديث القطاعات الإنتاجية للاقتصاد اللبناني. ورغم أنّ تفاصيل هذه الخطة لم تنشر بعد، فإننا نعلم أنّ قطاع الزراعة والصناعة، بالإضافة إلى السياحة، يشكل الأولوية في هذه الخطة».
أضاف: «إذا نظرنا إلى ما يسمى القطاع الزراعي الاوسع، الذي يشمل الإنتاج الزراعي الأولي وتصنيع الأغذية والتجارة الزراعية وجميع الخدمات المرتبطة بها عبر سلاسل الانتاج المختلفة، فندرك بأننا نتحدث عن حصة اقتصادية أكبر بكثير من الـ 4 في المئة من الناتج المحلي لقطاع الزراعة. إذ من خلال إعطاء الأولوية للقطاع الزراعي، يعول صناع القرار على إمكانياته الكبيرة للنمو والمساهمة في تنوع الاقتصاد، والأهم من ذلك، لخلق فرص عمل جديدة للشباب اللبناني من أجل معالجة ظاهرة ارتفاع البطالة المقلقة عند الشباب».
وأعلن «أنّ منظمة فاو تقوم حالياً بتنفيذ مشروع كبير يدعم وزارة الزراعة لتطوير نظام التعليم الزراعي الفني المهني في لبنان. بفضل تمويل سخي من مملكة هولندا، وبالتعاون الوثيق مع اليونيسيف ومنظمة العمل الدولية ومنظمة AVSI، يهدف هذا المشروع إلى تحديث وتجهيز المدارس الزراعية الفنية المهنية السبعة في لبنان. كما يهدف المشروع إلى مراجعة المناهج الدراسية لبرنامج شهادة البكالوريا الفنية المهنية الزراعية، وذلك لضمان اكتساب الطلاب للمهارات التقنية والعملية التي تعزّز فرصهم في سوق العمل. وتهدف إحدى النشاطات الرئيسية للمشروع إلى خلق صلة مباشرة بين الطلاب وأرباب العمل في القطاع الخاص من خلال برامج التدريب العملي وتنظيم معارض لفرص العمل».
وتابع: «أفعالنا هي مستقبلنا، بموجب هذا الشعار، تضع فاو وشركاؤها إجراءات ملموسة يمكن أن تتخذها الحكومات والمزارعون والقطاع الخاص وعامة الناس -من الدول التي تعزز برامج الحماية الاجتماعية، إلى المزارعين الذين يستخدمون بذورا مقاومة للجفاف والأمراض، إلى الجمهور العام لدعم منتجي الأغذية المحليين وتبني نظام غذائي صحي. نحن ندعو جميع الناس إلى العمل الوثيق معا، عالمياً ومحلياً».
وختم سعادة مؤكداً التزام فاو بدعم «الحكومة اللبنانية وجميع الشركاء لتحقيق أهدافنا المشتركة لتحسين سبل عيش المزارعين اللبنانيين والمجتمعات الريفية والمساهمة في تعزيز الأمن الغذائي».
زعيتر
من جهته، أشار زعيتر إلى «أنّ اختيار المنظمة هذا الشعار «يؤكد المسؤوليات الملقاة على عاتق كل فرد منا في سبيل تعزيز برامج الأمن الغذائي وتطوير قطاعي الزراعة والاغذية والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية في لبنان. وفي إطار هذا الشعار اخترنا أن نلقي الضوء في هذه الاحتفالية على «الفرص أمام الشباب اللبناني للعمل في قطاع الزراعة»، فهم عماد الحاضر ورهان المستقبل للنهوض بالقطاع الزراعي والغذائي».
وأضاف: «يواكب العالم اليوم تسونامي ثورة تكنولوجية، والتغييرات السريعة تطال كل قطاع وتنعكس على سوق العمل لترسم مستقبلاً يصعب استشراف تأثيراته سلبية كانت أم ايجابية. وهذا يتطلب من الحكومات تدابير متلازمة ومتسارعة في مجالات التكنولوجيا والصناعة والبيئة وأيضاً الزراعة. فالنهوض بالقطاع الزراعي أساسي إنما لا يكفي وحده للحدّ من هجرة الشباب، بل المطلوب تنمية شاملة من خلال وضع وتنفيذ خطة متكاملة تشمل مختلف قطاعات الاقتصاد اللبناني والخدمات والبنى التحتية».
وتابع: «لقد عملنا في السنتين المنصرمتين على المساهمة في تطوير القطاع الزراعي من خلال التركيز على ثلاثة محاور: تحسين الإنتاج والإنتاجية نوعاً وكماً، تشجيع الاستثمار الزراعي، وتفعيل وتطوير المؤسسات الزراعية. من هنا لقد أطلقنا وواكبنا عن كثب تنفيذ عدد من المبادرات والبرامج والمشاريع التنموية والزراعية بالتعاون مع المؤسسات الوطنية المعنية والمنظمات الإقليمية والدولية وبدعم من الجهات المانحة».
وقال: «في مجال تطوير الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني والثروة السمكية، تركزت الجهود على تطوير سلاسل الإنتاج من خلال برامج البحث العلمي، وعبر تشجيع اعتماد الممارسات الزراعية الجيدة للحدّ من الاستخدام العشوائي للمبيدات والأسمدة الزراعية، وتحسين نوعية المنتجات والخدمات الزراعية والعمل على خفض كلفة الإنتاج ورصد ومراقبة انتشار الآفات الزراعية، واستكمال برامج مكافحة الأمراض الوبائية، وتحسين نوعية الإنتاج وسلامته من خلال المراقبة الدورية على مراكز الإنتاج والتصنيع الغذائي، وكذلك عبر إنشاء نموذج رصد تلوث الأغذية، وتقييم سلسلة الأغذية البحرية والاستزراع السمكي، هذا بالإضافة إلى تنفيذ حملات ترويج للإنتاج اللبناني في الاسواق الخارجية».
أضاف: «في مجال تشجيع الاستثمار الزراعي، تستكمل الوزارة العمل ببرنامج قرض التنمية الزراعية بالتعاون مع كفالات وتطوير التدابير الآيلة إلى تحفيز تنفيذ مشاريع زراعية، ودعم الاستثمارات في مجال البنى التحتية الزراعية من استصلاح الأراضي وإنشاء برك ترابية وزيادة انتاجية مياه الري، هذا إضافة إلى اتخاذ تدابير تجارية توفر على المنتجين المحليين انعكاسات المنافسة غير المشروعة، واستكمال العمل على تأمين الاعتمادات اللازمة من أجل تفعيل صندوق التأمين ضد المخاطر الطبيعية والكوارث الطبيعية للتخفيف من المخاطر المحيطة بالنشاط الزراعي. وفي مجال الحدّ من تأثير المخاطر والتأقلم على تغير المناخ في القطاع الزراعي، نحن بصدد المراجعة النهائية لدراسة أنجزت بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية والفاو لتسهيل التخطيط للحد من هذه المخاطر على القطاعات الزراعية كافة».
وتابع: «أما في مجال تطوير القدرات المؤسساتية، فقد تم إنجاز المرحلة التجريبية لإنشاء سجل المزارعين بالتعاون مع الفاو وتطويرالإطار القانوني الملائم. ومن شأن إصدار هذا القانون أن يؤسس لإطلاق عملية تسجيل المزارعين على مستوى كل لبنان والتي ستسهم في تنظيم سياسات الدعم والمساندة التي تؤمنها الوزارة للمزارعين ومربي الماشية، الأمر الذي يسهل إمكانية توفير نظام الحماية الاجتماعية للعاملين في القطاع الزراعي في مرحلة لاحقة. واسهاما في تطوير القدرات المهنية الزراعية وإتاحة فرص عمل للشباب، ينفذ برنامج تحديث التعليم الزراعي من خلال تطوير المناهج الزراعية الفنية وتأهيل البنى التحتية لسبع مدارس في المحافظات السبع. كما أولينا اهتماماً خاصاً لزيادة وعي موظفي الوزارة حول أهمية تمكين المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين التعاونيات والجمعيات النسائية في الزراعة والغذاء، ونطلق غدا مشروعين جديدين في هذا الإطار».
وقال زعيتر: «إنّ للبنان ميزات تفاضلية وتنافسية في التكنولوجيا، والسياحة، والصناعة، والحرف، والزراعة لا تقل عن تلك القطاعات أهمية، لا سيما في تأمين الأرضية الصلبة لمواجهة تقهقر الوضع الاقتصادي، وهذا لا يمكن أن يتم إلا من خلال مساهمة الزراعة في تأمين فرص عمل جديدة، وعبر الاستخدام الأمثل للموارد والاستثمار في الطاقات البشرية نساء ورجالاً شباباً وشابات وفي جميع المناطق، من أجل أحداث نهضة تنموية واقتصادية تعيد إلى لبنان رونقه ومكانته على الساحة العالمية في الاقتصاد والإنماء المستدام».
بعد ذلك، بدأت جلسات النقاش. ثم ردّ المتحدثون على أسئلة الحضور من نقابيين ورؤساء جمعيات زراعية وطلاب.