أميركا ومعارضتها المعتدلة بين فانتازيا النظرية وفشل البرهان

د. سليم حربا

علّمتنا قواعد الرياضيات وبديهيات الحساب أنّ لكلّ نظرية فرضاً وطلباً وبرهان، فلا يمكن أن تجعل المنحرف وشبه المنحرف والإرهابي مربعاً سياسياً وطنياً وثورياً لو اجتمعت كلّ أدوات التسوية والسواء والسوء الأميركية وكلّ ما ملكت أيمان هندسة فيثاغورث الإرهاب أوغلو وأصفاره وأسفار أجداده، ولا يمكن أن تتحوّل دائرة الإرهاب التي تحيط بأشنيات وسراخس وضباع ودود الربيع العربي ودواعشه التي ولدت وترعرعت ورضعت الدماء والتي ما زالت في أرحام بني سعود ورياضهم ودوحة إخوانهم وترتبط بمشيمتهم في الباب العالي العثماني، إلى مثلث من الحرية والديمقراطية والعلمانية مهما اتسع بيكار الإرهاب وداعميه، ولا يمكن أن يتحوّل داء الاعتلال إلى اعتدال، ومع ذلك يراهن الكاوبوي الأميركي بأحصنته وحباله على ترويض الضباع إلى نعاج وفق خيالات هوليود واستراتيجية افتح يا قمقم وشبيك لبيك الإرهاب طوع يديك، وهو رهن الطلب، ويتحفنا العم سام منذ أربع سنوات وفي كلّ عام بعشرات الافتراضات لنظريات وتنظيرات عما يسمّيه كطلب المعارضة المعتدلة في سورية، وعلى رغم مجاهره الفضائية والجوية والبرية وبيرسكوباته الاستخبارية لم ولن يستطيع تقديم البرهان، فذاكرتنا زاخرة بمصطلحاته الرنانة التي أسبغت صفة الثوار على أكلة لحوم البشر والأكباد من تلامذة الظواهري والقرضاوي والبغدادي والجولاني، وكم حبس العالم أنفاسه بانتظار الخلطة السرية والسحرية لما يُسمّى الائتلاف، ناسياً ومتناسياً أنّ طبع التخلف والتطرف يغلب على تطبّع الحضارة والإنسانية، ولن نحتاج إلى بصائر للتعامل مع براهين أميركا بل ببصرنا فقط عندما نطوف بجولة لنرى محمية مقابر لمعارضتها المعتدلة وعلى كلّ قبر شاهدة وشهود تقول هنا في أطمة وأعزاز يرقد «الجيش الحرّ»، وفي رام حمدان يرقد «أحرار الشام»، وفي البارة ودير سنبل مثوى «جبهة ثوار سورية»، وفي خان السبل ومعر شورين أطلال «حركة حزم» التي انضوت تحت جناح «جبهة النصرة» بكلّ عز، وفي سجن حلب المركزي حُكم على «ألوية التوحيد» بالمؤبد، وعلى مفترق الدروب إشارات تقول في سلقين وحارم ودركوش وحريتان وعندان من هنا الطريق إلى المآل وبئس المصير في مستنقع أردوغان.

أما مستودعات الأسلحة الفتاكة الأميركية لمعارضتها المعتدلة من التاو واللاو وغيرها فتقول لـ«النصرة» خذوني، وبعد الجولة لا بدّ من تكبير لكن ليس بلغة «داعش» الذي قال عنها إنها كفر ومؤامرة لأنها تعني بالإنكليزية Take Beer أي خذ البيرة، فعن أيّة معارضة تتحدث الفانتازيا الأميركية؟ وبأية قواعد رياضيات تجمع وتطرح وهذه المعارضة المزعومة والمهزومة وبعضها ارتعدت فرائصه وهرّ شعر لحيته وتحوّل إلى أجرودي وذهب إلى تركيا ليعتدل، وجلّها ذهب إلى طبعه ولم يعدّل ويعتدل إلا تحت راية «داعش» و«النصرة»، وأميركا تقول هذا اعتزال ولن يؤثر في الاعتدال فـ»جبهة النصرة» بمساعي نظام أردوغان قد تكون «حلاً وسطاً» بين تطلعات بقايا «الإخوان» و«معتدلي داعش» وبضربات استعراضية عدة ستصبح معارضة معتدلة ولها في «جبهة النصرة» في القنيطرة ودرعا التي تغنّى بها ودعمها بلا حدود واطمأن إليها موشي يعالون… خير أسوة، المهمّ أن يبقى الإرهاب وتميم وصديقه الحميم أردوغان كفيلان بالاعتدال، ولم ولن تصدّق أميركا على مبدأ عنزة ولو طارت ، وهو الثابت الوحيد الواضح في قواعد الحساب الأميركية ولكي تتعلم أميركا قواعد الحساب عليها أن تقتفي آثار أقدام الجيش السوري الذي في بديهياته العقائدية وقراره الوطني تعامل ويتعامل مع كلّ الدواعش والفواحش والنواهش، إنها دوكما إرهابية، وإلى أن تنتهي حجج أميركا وفرضياتها وطلباتها وبراهينها يكون الجيش السوري قد قدّم البرهان والبيان من القنيطرة ودرعا إلى جبل الشاعر ومورك وعين العرب وحلب وحريتان وعندان، لأنه الجيش الذي يملك لوغاريتم النصر في كلّ عصر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى