بتر قدمه في مسيرات العودة لم يُحبطه يوسف الكرنز مثالٌ على قوة إرادة المقاوم
يصف الصحافي الفلسطيني الجريح يوسف الكرنز من سكان مخيم البريج وسط قطاع غزة لحظات إصابته التي أدّت إلى بتر قدمه وإصابة الأخرى بتهتك شديد جراء استهداف قوات الاحتلال له ولعشرات الفلسطينيين المشاركين في المسيرات بالرصاص المتفجر.
يقول الكرنز لمراسل سانا: «في مشفى الشفاء في مدينة غزة أدركت أن حياتي تغيّرت كلياً، بقيت في غرفة العمليات تسع ساعات واحتجت إلى 64 وحدة دم، الرصاص المتفجّر دمر كل الأنسجة ولم يبق في قدميّ فوق الركبة أي أعصاب أو شرايين كلها تمزّقت وتفتّت، وبعد سبعة أيام في العناية المكثفة نقلت إلى قسم الجراحة وحينها كان الخبر المفجع، فقد أخبر الأطباء والدي أنه إما أن يوافق على بتر قدمي أو سيكون مصيري الوفاة. فالغرغرينا بدأت تنتشر في جسدي ولا خيار في ذلك إلا البتر».
يروي تفاصيل الحادث «كنتّ جالساً على مقربة من إحدى مسيرات العودة في بدايات انطلاقتها أراقب حركة الحشود الفلسطينية المشاركة في المسيرات وأتنقل بينهم لالتقاط الصور بحكم عملي كمصور صحافي.. فجأة شعرت بصعقة كهرباء شديدة في كلتا قدميّ بعد أن جلست لأستريح بعض الوقت.. حاولت النهوض فلم أستطع أدركت حينها أنني أصبت برصاص الاحتلال وبعدها فقدت الوعي لثلاثة أيام متتالية».
ويتابع والبسمة لا تفارق شفتيه: الدم يتخثّر وقدمي ازدادت سواداً وكنت لا أشعر بوجودها لأن الأوردة والأعصاب تقطعت بفعل الرصاص المتفجر.
هنا توقف الكرنز عن الحديث وهو يعتصر ألماً.. «لا خيار ثالثاً إما أن تموت أو تبقى مبتور القدم فاخترتُ بترها لأن وطني المحتل فلسطين وأهلي بحاجة إليّ وأبي يذهب يميناً وشمالاً بعد أن وقع عليه خبر بتر قدمي كالصاعقة».
ويؤكد الكرنز الذي بدت عليه رباطة الجأش أنه بعد بتر قدمه اليسرى لم تتوقف المأساة عند ذلك حيث أخبره الأطباء أن قدمه الثانية سيتم بترها فالإصابة فيها لا تقل خطورة عن قدمه اليسرى التي بترت لأن الرصاص هو نفسه الذي أصاب القدمين.
ويوضح أنه بات يشعر بأن الأيام تمرّ سريعاً «أحاول الوصول إلى مشافي الضفة المحتلة بعد أن ازدادت قدمي الثانية سواداً وهي بحاجة إلى علاج مكثّف ومعجزة لإنقاذها وإلا سيكون البتر مصيرها، اسودّت الدنيا في وجهي، وبت أحدث نفسي بترت قدمي اليسرى وستلحقها اليمنى كيف ستكون حياتي، لكن الإيمان بأن الوطن يستحق العطاء والتضحية في مواجهة المحتل المجرم كان يخفّف ما أنا فيه من ألم ومعاناة».
ويشير الكرنز إلى أنه تمكن من الوصول إلى مشافي الضفة بعد طول انتظار ومماطلة ورفض المحتل الإسرائيلي، حيث تمكن الأطباء في اللحظات الأخيرة من إنقاذ قدمه الثانية من البتر وخضع لعلاج مكثف وأجريت له ست عمليات جراحية وتمكن الأطباء من ربط الأوردة والأعصاب والأنسجة التي تقطعت بفعل الرصاص المتفجّر.
وعن أحلامه هل تبخّرت بعد إصابته وبتر قدمه يقول الكرنز بكل عزيمة: «سأكمل دراستي الجامعية في قسم الإعلام في جامعة غزة بعد أن غادرتها بفعل الإصابة طيلة الفترة السابقة وسأواصل حياتي ولن أجزع، فهناك الآلاف من الشهداء والجرحى قدّموا تضحيات من أجل فلسطين والقدس، مؤكداً أن هذا المحتل الغاصب لن يقتل حق الفلسطينيين في الحياة والحرية والكرامة.