مخرج أفلام «داعش» أميركي من أصل سوري! واستراتيجيتها الإعلامية صهيونية
بتول عبدالله
يتابع مئات ملايين المشاهدين على محطات التلفزة العربية والعالمية، أفلاماً حقيقية قصيرة عن «منتحلي» صفة مؤمنين، يؤدّون بصدق أدوار آكلي لحوم البشر وذبّاحي وسالخي جلود، ومغتصبين ونخاسين يبيعون النساء في عمليات قذرة يندى لها جبين الإنسانية.
وهذه الأفلام ليست من بنات الخيال، إنها مجازر فعلية ترتكبها «داعش». ويُقدّم الإعلام العربي والأجنبي خدمات ترويجية مجانية لهؤلاء التكفيريين في لعبة مكشوفة غير بريئة، هدفها إثارة الرعب وتضخيم الظاهرة «الداعشية».
وهكذا ينجح هذا الإعلام المشبوه في تحويل «داعش» من مجرّد تنظيم إرهابي صغير من اشتقاقات «القاعدة» يعمل في الغرف، إلى اسم معروف مداه المشرق والمغرب والعالم الإسلامي يثير الذعر والهلع في كل بيت، وحديث المنتديات الذي يشكّل تهديداً للعالم بأسره.
ونقطة قوة «داعش» البراعة في الاستخدام الذكي لوسائل الاتصال الاجتماعي الحديث بعدما ولّى عصر استخدام الإذاعات والتلفزيونات المحلية لإثارة الرعب في نفوس الخصوم.
وأصبحت وسائل الإعلام الحديثة تسهّل عمل «داعش» في الوصول إلى الجمهور المستهدف من دون رقابة. كل شيء بات نشره مسموحاً.
ووضعت وسائل التواصل الاجتماعي فايسبوك، تويتر، واتس آب وسائلها في خدمة الإرهاب وما يصدر عنه من أفلام في عملية ليست بريئة وهدفها الحرب النفسية التي تلعب دورها في «غزوات» «داعش» وانتصاراتها. فهذه الأفلام المركبة تقدمها كحركة قدرية لا تهزم، تسفك الدماء وتلعب كرة قدم بالرؤوس البشرية المقطوعة.
يضاف إلى ذلك استغلال «داعش» لأهمية المرحلة، لأن الناس فقدت ثقتها بالأنظمة السياسية الحالية. وتحتاج إلى بديل. و«داعش» تقدم نفسها بديلاً أرسله الله لإنقاذ الناس من الكافرين.
فتنجذب الناس إليها تحت وطأة يأسها من الأنظمة من جهة وذعرها من سكاكين «داعش» من جهة أخرى.
وهكذا نرى جزار «داعش» يتباهى بسكينه الأسود. ويشعر بالفخر لتحقيق مبتغاه، في إيصال رسالته التكفيرية إلى أكبر عدد ممكن من المشاهدين. فترى الوسيلة الإعلامية تحرك كاميراتها باتجاه رأس يتدحرج أو أجساد ترمى بالرصاص كالحيوانات أونساء يعرضنّ للبيع في سوق السبايا. ما يحرّك الغريزة الجنسية عند المكبوتين، وتظل مواقع التواصل تتداول الصور والمشاهد وتدعمها «الإعادات» في محطات الفضائيات، في لغة إعلامية معناها: إما أن تكون «داعشياً» أو تذبح كنعجة.
ويُعتبر دور وسائل التواصل تغذية للإرهاب بفيتامينات إعلامية ضمن آليات الحرب النفسية ومن تُراه يُسيطر على وسائل التواصل غير القوى السياسية الصهيونية ـ الأميركية.
هذا ما أقرّ به نائب الرئيس الأميركي جو بايدن عندما أشار إلى دور السعودية وتركيا وقطر في دعم «داعش»… هل تستطيع الدول المذكورة دعم الإرهاب من دون إذن مسبق من الأميركيين.
وهنا يسأل المراقبون عن هوية صانع أفلام الذبح والقتل لدى «داعش»؟ من هو هذا المحترف الذي لا يقل إبداعاً عن عظماء هوليوود… خصوصاً أنه يستخدم أحدث التقنيات لعرض أشرطته بشكل محترف.
صحيفة «دايلي ميل» البريطانية كشفت هذا اللغز… المشرف هو أميركي ـ سوري فرنسي المولد يدعى محمد أبو سمرا وعمره 32 سنة.
ظهر أبو سمرا على الساحة الأمنية منذ عام 2009 بعد اتهامه من قبل السلطات الأميركية بالإرهاب وتخصيص مكتب التحقيقات الفدرالي في الولايات المتحدة مكافأة مالية مقدارها 50.000 لمن يعثر عليه ويقدمه للسلطات الأميركية.
ورغم تلقيه تعليمه في مدرسة كاثوليكية وبراعته بعد إتمام دراسته الجامعية في استخدام التكنولوجيات الحديثة وعمله في هذا المجال، إلا أنّ ذلك لم يكن كافياً ليمنع أبو سمرا من اللحاق بـ«داعش» الذي عمل على تجنيده للإفادة من خبرته وحرفيته في مجال الكمبيوتر ووسائل التواصل الاجتماعي، لاستقطاب الشباب العربي والغربي وإقناعهم بالانخراط في هذا التنظيم.
ونظراً للنجاح الذي حققه أبو سمرا في إشرافه بشكل مباشر على إدارة عملية «بروباغندا» إعلامية واسعة للتنظيم الأخطر في العالم، وتوظيف مهاراته خدمة له، وتعزيز انتشار الأفكار الراديكالية المتطرفة، بات أبو سمرا أحد أكثر الإرهابيين المطلوبين خطورة.
تشارلز ليسني يقول لصحيفة «تايمز» البريطانية إنّ «أياً من المجموعات المتطرفة لم تستطع أن تصل إلى التأثير الإلكتروني وتوفير عملية إعلامية متطورة مثل ما فعل تنظيم داعش، الذي يركز كثيراً على تطبيقات العالم الافتراضي من خلال بث رسائله وأشرطته وصور مقاتليه وعملياته».
هذا الكلام ترجمه «داعش» على أرض الواقع، حيث تغرق مواقع التواصل الاجتماعي بأفلام الفيديو والصور والتسجيلات الصوتية وتنتج سلسلة من الأفلام الدعائية التي تحتوي عمليات الذبح وقطع الرؤوس، وقد «أبدع» هذا التنظيم في اختيار «الوسم» أو «الهاشتاغ» المستخدم على موقعي «فايسبوك» و«تويتر» كالوسم الشهير «A message from ISIS to us».
وبطريقة لا تختلف عن الأفلام الهوليوودية في مؤثراتها المرئية والصوتية، وتوجيهها إلى الشباب العربي والغربي وحثهم على الانضمام إليه، بات لـ«داعش» قوة إعلامية موازية للقوة العسكرية. إذ يبث الذعر في نفوس الناس من جهة، ويستميل عقول آخرين لمبايعته وتأييده من جهة أخرى. وللأسف، إن للإعلام العربي ـ الموالي والمعادي لـ«داعش» ـ بصمة كبيرة في نجاح الاستراتيجية الإعلامية لدى هذا التنظيم التكفيري.
خلاصة القول إنّ الإعلامين الغربي والعربي نجحا في ترويع الناس من «داعش»، واستغلا شبكات التواصل لتحطيم الإمكانات الاجتماعية لمكافحة هذا الإرهاب السرطاني لهدفين اثنين: خدمة «إسرائيل»، وإعادة المنطقة إلى القرون الوسطى بأموال البترو ـ دولار العربي.
إعلامية في قناة «الاتجاه» الفضائية