الجيش مصمّم على إنهاءالإرهاب

نور الدين الجمال

الخطوات الحازمة التي اتخذها الجيش اللبناني وفقاً لتوجيهات العماد جان قهوجي وهيئة الأركان في منطقة الشمال تحوّلت إلى عملية متسارعة لملاحقة الجماعات الإرهابية والتكفيرية ومطاردتها. ومنذ المعارك التي خاضها الجيش في طرابلس ضد مجموعات مسؤولة عن إطلاق النار على الضباط والجنود في شوارع المدينة وخارجها كان واضحاً أن قرار العماد قهوجي هو عدم التهاون هذه المرة وعدم السماح لأي تغطية من أي نوع كانت للإرهابيين، وهذه الرسالة أبلغت رسمياً إلى جميع الجهات والمراجع المعنية في طرابلس والشمال وكذلك للقوى والأطراف السياسية الرئيسية في البلاد.

أما عن خلفية القرار وتوقيته وخلافاً للتأويلات التي يطرحها بعض المتورطين بتغطية الإرهاب في التداول صراحة أو مداورة من خلال ربط إجراءات الجيش اللبناني وحملته العسكرية لفرض الاستقرار بالموضوع الرئاسي.

سبق للعماد قهوجي كما ترى مصادر واسعة الإطلاع أن كشف في حديث صحافي عن توافر معلومات خطيرة حول مخطط عصابتي «داعش» و«النصرة» لإنشاء إمارة في الشمال والإمساك بميناء طرابلس، وتلك المعلومات دعمتها مجموعة من المصادر أبرزها اعترافات أحمد جمعة وأحمد ميقاتي وإرهابيين آخرين موقوفين لدى مخابرات الجيش، إضافة إلى تقارير غربية عدة تلقتها مخابرات الجيش والمديرية العامة للأمن العام تحذر من وجود مخطط إرهابي لاستهداف أوروبا انطلاقاً من لبنان. وتلك التقارير ربطت بين التصعيد في جرود السلسلة الشرقية وتحرك الخلايا النائمة في العمق اللبناني بهدف إيجاد منفذ بحري صالح لتصدير الإرهابيين إلى الغرب.

تؤكد المصادر أن تقريراً للأمم المتحدة تم تعميمه على نطاق ضيق داخل المنظمة الدولية وعلى رؤساء مكاتب الأمم المتحدة في بيروت صدر في مطلع الصيف وهو يتضمّن سيناريو عن تحرك للجماعات الإرهابية في الشمال والبقاع لتنفيذ سلسلة من الهجمات ضدّ الجيش اللبناني تسمح لـ«داعش» و«النصرة» بالسيطرة على عدد من المواقع ومخازن السلاح والتحرك لإيجاد ركائز إعلان إمارة في شمال لبنان.

كل هذه المعطيات كان يمتلكها العماد جان قهوجي عندما اتخذ قراراً بإصدار الأوامر إلى الوحدات العسكرية في ظل مناخ تعبوي مؤاتٍ داخل المؤسسة العسكرية بعدما طفح الكيل عند جميع الضباط والجنود من الاعتداءات المتكررة التي سقط فيها زملاؤهم شهداء في شوارع طرابلس وعلى طرقات الشمال، وفي أعقاب الجرائم البشعة التي ارتكبتها العصابات الإرهابية ضد الضباط والجنود في عرسال ومحيطها، فكرامة المؤسسة العسكرية وهيبتها كانت في الميزان وفقاً لما رآه العماد قهوجي في اتخاذ القرار الوطني الصائب، ومع هذا البعد مناخ عابر لجميع الطوائف والمناطق في لبنان ينظر إلى الجيش اللبناني كقوة ضامنة للأمن والاستقرار في وجه التهديد الإرهابي. ولذلك استند قرار قيادة الجيش إلى المشروعية الدستورية وإلى الإرادة الشعبية التي لمستها القيادة العسكرية من خلال مآتم العسكريين الشهداء في جميع المناطق، خصوصاً في الشمال التي أثبتت أنها بيئة حاضنة للجيش وليست مع حاضني الإرهاب.

بناء على هذا التقدير تمت تصفية أوكار الإرهاب داخل طرابلس وحرّرت المدينة من المعاقل التي استنفذتها منذ سنوات.

وتقول مصادر عليمة إن المعركة لا تزال مستمرة وأن الجيش اللبناني يعرف تفاصيل ليست في علم أحد عن شبكات الحماية والدعم وعن المتورطين في الهجوم والتحريض ضد المؤسسة العسكرية، فالمطاردات لن تتوقف حتى اعتقال جميع المطلوبين ولا خيمة فوق رأس أحد منهم. وقيادة الجيش عازمة على كسب المعركة ضد الإرهاب في كل لبنان لأن هذا الإرهاب يمثل خطراً كيانياً ووجودياً على جميع اللبنانيين ولا مجال لمسايرة المتورطين في ألعاب صغيرة في الداخل وحسابات نفعية مع الخارج على حساب السيادة ومفهوم الدولة الحامية للجميع وهذا أمر فهم من تحرك القيادة في جميع الدوائر السياسية وفرض على البعض أن يعيدوا النظر في مواقفهم المعلنة وأن يستلحقوا أنفسهم ببيانات دعم الجيش بدلاً من التحريض عليه.

إنجاز هذه المعركة سوف يستغرق وقتاً ولا يتوقع الحسم بسرعة ضد جميع البؤر المتبقية في لبنان، ولكن لدى المؤسسة العسكرية كامل الغطاء والتفويض السياسي من رئيس الحكومة ومجلس الوزراء مجتمعاً، وفي معركة ضد الإرهاب هناك إنجاز أو لا إنجاز فلا توقف في منتصف الطريق ولا مسايرة تجدي مع أي كان ممن أخطأوا الحساب وتآمروا على وطنهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى