«إعادة الإعمار.. بين تخمة المسؤولية والتورّط في مستنقع اللامسؤولية..

ما بين القائد الإداري «العنتري» والموظف السلبي هناك الكثير من الروابط الهامّة والمشتركة والتي تتجسّد في تخييم طبيعتهما الشخصية على العديد من مساحات الإدارات الحكومية في سورية.

فكيف سنبدأ مسيرة إعادة الإعمار وماتزال مخلفات الأزمة الحجرية وكذلك البشرية كهذه تتربع ساحات كثيرة في الوطن!!

نموذجان يشتركان بالخوف: فالأول يخشى من توزيع المسؤوليات وتفويضها مع الصلاحيات لقناعته ببطولته وضعف البقية، ويتنصل الثاني من أي مسؤولية.

فنشهد الأول يحمل من المسؤولية أكثر مما يتحمّل إلى أن يُصاب منها بالتخمة، مقابل حالات جفاف في المسؤولية لدى بعض العاملين الذين يشعرون بأنها قد نُزعت منهم، فينسحبون من ميدان العمل الفعلي رغم حضورهم الشكلي، ويتنصّلون من التفاعل إلا مع أقل القليل من المسؤولية، خائفين ربما من فشلٍ محتمل، سعيدين ربما بتورطهم في مستنقع اللامسؤولية، الذي ساهمت بصناعته قناعة قائدهم «العنتري» بأنهم لن ينالوا ثقته مهما أتقنوا عملهم الحالي والمستقبلي.

وهكذا تُصاب المؤسسات الإنتاجية والخدمية الكبيرة والصغيرة بفيروس المسؤولية الذي يتفشى في عمق جسدها إلى أن تنهار هي وموظفوها، ابتداءً من سوء الفهم وكبح الحوار، وانعدام الثقة الحالية والمستقبلية وتفاقم الاستياء، إلى الاقتراحات التي تقابل بالارتياب، والإهمال الذي يعلن فناء كل تعاون بنّاء، ونضوب مهارات صياغة البدائل لغياب تقاسم المسؤولية بالنجاح والهزائم، والاغتراب والقوقعة والانفراد باتخاذ القرار، وعدم السماح لأي طاقة بأن تكون طرفاً في عملية صنع الخيار، وبالتالي لا أهداف معقولة ولا قابلة للتطبيق، ولا رؤية جماعية توسّع القدرات وتُبعد عن كل عمل معتاد ورتيب، ولا حتى أي تحديات تكون السبيل الوحيد للحفاظ على مسيرة التنمية والتطوير.

وتراودني أسئلة: تُرى هل تعتبر الانهيارات الحالية في بعض مؤسسات القطاع العام الإنتاجية هي فقط نتيجة الحرب الكونية على سورية؟ ماذا عمّا يعمُّ بعض الإدارات الخدمية؟ أيّهما أشد خطورة دمار الإدارات الحكومية الخدمية أم الإنتاجية؟ العمرانية أم البشرية؟

ماذا لو باتت المخاوف هي القيم السائدة في المؤسسات بل هي الحاكمة، كالخوف من الخسارة، الخوف من عدم التحكم والسيطرة، الخوف من أن تفوت كل فرصة، الخوف من الاستعانة بمهارات وقدرات مساعدة، الخوف من التعاون المُنتج البنّاء.. والخوف من.. والخوف من.. ولا تنتهي المخاوف من القائمة؟

ألا تستحق سورية أن تنمو في النور بعيداً عن المصابين بفرط المسؤولية والمتورطين في مستنقع اللامسؤولية؟؟

أم أن هذا الفيروس لا يُعتبر أحد ألدِّ أعداء إعادة الإعمار والبناء الإنساني والمؤسسي الحقيقي في سورية؟!!

ريم شيخ حمدان

سورية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى