روزنبيرغ عن إبن سلمان: علاقات دافئة مع «إسرائيل»… وتهجّم على إيران وروسيا وتركيا اللقاء التشاوري: نريد التمثيل من حصة طائفتنا… والناشف وزاسيبكين لملف النازحين
كتب المحرّر السياسيّ
في مسارات تبدو واضحة لاستجماع عناصر المشهد الإقليمي، أكد الجيش السوري مسار سيطرته المتنامية على الجغرافيا السورية بعملية نوعية نفذها في البادية انتهت بتحريره للسيدات المختطفات من محافظة السويداء على أيدي تنظيم داعش، والتي كانت موضوع متاجرات ومزايدات سياسية متعدّدة من داخل السويداء، خصوصاً من خارجها، بينما تلقي القوات السعودية والإماراتية بكل ثقلها لمحاولة فرض أمر واقع عسكري في مدينة الحديدة ومينائها، مخلفة دماراً شاملاً في أنحاء المدينة، مؤكدة مسار القتل الجماعي الذي رافق الحرب على اليمن، ومقابله إرادة الصمود التي أظهرها اليمنيون، ونجاحهم في إفشال كل محاولة لفرض حل عسكري من التحالف الذي تقوده واشنطن. وقد نشر موقع أنتلجنس أونلاين تقريراً يربط بين مهلة وقف النار التي وضعها وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، وبين تزويد البنتاغون للقوات السعودية والإماراتية بتفاصيل استطلاعية عسكرية وإحداثيات للقصف. وفي إطار تثبيت المسارات في المشهد الإقليمي كان البعد الثالث ما أعلنه الأتراك من إقفال لملف التحقيق في قضية جمال الخاشقجي بعد اكتمال المعطيات حول قيام السلطات السعودية التي أشرفت على قتله في القنصلية السعودية في اسطنبول بإذابة جثته بالكامل في منزل القنصل بواسطة مواد كيميائية شديدة التركيز. وجاء الإعلان التركي عشية توجه الرئيس رجب أردوغان إلى باريس، حيث سيلتقي على هامش مئوية الحرب العالمية الأولى بالعديد من قادة العالم وفي طليعتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي وعد بموقف شديد القوة من قضية قتل الخاشقجي.
في وسط المشهد الإقليمي الذي تبدو فيه سورية تعزّز مكانتها على ضفاف المنتصرين، ويكابد الرئيس التركي طريق السير ويحثّ الخطى لحجز مقعد فاعل في توازنات المنطقة، تعجز السعودية عن الحصول على بوليصة تأمين للخروج من ضفة الخاسرين، ويبدو ولي عهدها محمد بن سلمان في مأزق متصاعد، فيتوسّل المساعدة الإسرائيلية للضغط في واشنطن طلباً للحماية. وقد نشرت القناة الإسرائيلية العاشرة حواراً مع جويل روزنبيرغ الذي رتّب لقاء ولي العهد السعودي بوفد إنجيلي أميركي داعم لـ»إسرائيل» قال فيه، إن ابن سلمان تحدّث لساعة ونصف من أصل ساعتين استغرقهما اللقاء عن العلاقة الدافئة التي تجمع الحكم السعودي بـ»إسرائيل»، وتحدّث في الباقي عن عدائه لشخصيتين تاريخيتين في المنطقة هما جمال عبد الناصر والإمام الخميني، وعن تحميله مسؤولية تدهور أوضاع المنطقة لسياسات إيران وروسيا وتركيا.
لبنانياً، مع استمرار غياب الرئيس سعد الحريري بدأ اللقاء التشاوري النيابي الذي يضمّ النواب السنة المستقلين، زيارته للقيادات الروحية من دار الفتوى، مؤكداً تمسكه بالتمثيل في الحكومة من حصة طائفته بستة وزراء لم يعد مقبولاً احتكارها من تيار المستقبل، الذي لم يفز بغير ثلثي مقاعد الطائفة من النواب، رافضاً منّة أحد بتمثيله من حصته، بينما ناشد نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل بذل مساعيه لحلحلة العقدة السنية، بمطالبة الحريري بتقديم التنازل كما فعل الحريري بمطالبة التيار بالتنازل لتمثيل القوات اللبنانية. بانتظار الملف الحكومي المتعثر، تتواصل عودة النازحين السوريين بقوافل شبه يومية بانتظار تفعيل المبادرة الروسية، التي يتوقع أن تتلقى شحنة دافعة مع زيارة متوقعة لنائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف إلى بيروت، وفي سياق تفعيل المبادرة التي أطلقها الحزب السوري الاجتماعي لعودة النازحين التقى رئيس الحزب حنا الناشف بالسفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسيبكين، مثنياً على الجهود الروسية في محاربة الإرهاب وقضية عودة النازحين.
أعرب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف عن تقدير الحزب «للعلاقة مع روسيا التي تدعم القضايا العادلة والمحقة في المنطقة، لا سيما موقفها الثابت في ما يتعلق بالوضع في سورية»، مؤكداً أننا نلتقي مع روسيا في مشروع محاربة الإرهاب وإفشال مخططاته في المنطقة، انطلاقاً من موقف موسكو الذي يؤكد على ضرورة احترام مبدأ سيادة الدول والحفاظ على وحدة أرضها وحقها المشروع في محاربة الإرهاب».
وخلال استقباله سفير جمهورية روسيا الاتحادية في لبنان ألكسندر زاسيبكين، في مركز الحزب بحضور عميد الخارجية في الحزب قيصر عبيد، أشار الناشف الى أنه تمّ البحث في المبادرة التي أطلقها الحزب من أجل تأمين عودة النازحين السوريين الى بيوتهم وقراهم، وفي السياق أثنى الناشف على المبادرة التي أطلقتها روسيا من أجل عودة النازحين السوريين، والتي تتقاطع مع مبادرة الحزب بهذا الخصوص، منوّهاً بتعاطي روسيا مع «مسألة عودة النازحين السوريين باعتبارها قضية إنسانية بحتة».
وختم الناشف موجهاً الشكر للسفير زاسيبكين والى روسيا على الدعوة التي تمّ توجيهها للحزب لزيارة جمهورية روسيا الاتحادية، مؤكداً عمق العلاقة والرؤية المشتركة التي تجمع بين روسيا والحزب السوري القومي الاجتماعي.
من جهته أكد السفير زاسيبكين أن «روسيا تسعى الى إيجاد الحلول للنزاعات في المنطقة، لا سيما في سورية انطلاقاً من مبدأ حماية سيادة الدولة والحفاظ على وحدة أراضيها، ومواجهة المخططات التخريبية الهادفة الى زعزعة أمن دول المنطقة واستقرارها».
وشدّد زاسيبكين على ضرورة تعزيز العلاقة بين روسيا والأحزاب والقوى التي تناضل من أجل حقوق شعوبها، مشيراً إلى الدعوة التي تمّ توجيهها الى قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي لزيارة روسيا.
حزب الله: الكرة في ملعب الحريري
تترقب الساحة الداخلية عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت خلال أيام وعودة الاتصالات على خط تأليف الحكومة، كما أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق من دار الفتوى التي تحولت أمس الى «محجة سياسية» للمكونات النيابية السنية بعد أن باتت عقدة رفض تيار المستقبل تمثيل اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين الى أُم العقد أمام ولادة الحكومة، بعد أن كانت العقدة مسيحية، وسط انسداد أفق الحلول، بحسب معلومات «البناء». ولا يبدو أن أياً من الأطراف مستعدٌ لتقديم تنازلات لتسهيل التأليف، بينما كان لافتاً النداء الذي أطلقه نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي من عين التينة لرئيس تكتل لبنان القوي الوزير جبران باسيل، بأن يقوم كزعيم كتلة برلمانية بتحرك مباشر ليساهم المساهمة الفعالة في حل إشكال تأليف هذه الحكومة. وإذ فسرت مصادر نيابية دعوة الفرزلي التي جاءت بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأنها حثّ باسيل على إقناع الرئيس المكلف بضرورة تمثيل المكون الآخر في الطائفة السنية، كما فعل التيار الوطني الحر مع شريكه في الساحة المسيحية أي القوات اللبنانية، باعتبار أن التيار ورئيس الجمهورية ميشال عون قدما تنازلات من حصتهما للقوات رغم الخلاف السياسي الحاد بينهما، فلماذا لا يفعل الشيء نفسه الحريري مع شركائه في الطائفة السنية رغم وجودهم في خندق سياسي مختلف عن التموضع السياسي للحريري؟
وكان وفد اللقاء التشاوري التقى مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان، وقال النائب قاسم هاشم باسم الوفد: «اللقاء مع المفتي تشاوري للتأكيد على دور هذه الدار الجامعة في كل المناسبات وفي كل الأزمات، وأياً تكن هذه التحديات والتعددية والتنوّع داخل مكوننا، فإننا دائما متكاملون لما فيه المصلحة الوطنية العليا». وقالت مصادر «البناء» إن «دريان لم يتبن موقفاً معيناً حيال العقدة السنية ولم يعلن تأييده لمطلب الوفد ولم يعلن معارضته، بل أكد لزواره أن العقدة مسألة سياسية، وهو لا يتدخل مع طرف دون آخر وهو أب لكل أبنائه». وأشارت مصادر الوفد لـ»البناء» الى أن «الوفد لم يطلب من المفتي القيام بوساطة لحل العقدة بل أردنا توضيح موقفنا بأننا شريحة وطنية وتمثل فئة من الطائفة السنية». ونفت المصادر أن يكون «طلب المفتي من النواب البقاء في المعارضة»، وإذ مازح المفتي الوفد بقوله «تأخرتم في الزيارة» ردّ الوفد بأنهم «لم يقوموا بأي زيارة لمرجعيات روحية. وهذه الزيارة الاولى التي تأتي في اطار جولة على المرجعيات السياسية والروحية يقوم بها اللقاء لشرح مطلبنا ووجهة نظرنا». ومن المتوقع أن يزور الوفد البطريرك الماروني مار بشارة الراعي بعد عودته الى بيروت. ولفتت المصادر «بأن أي اقتراح لم يبحث معنا ولم نتلقّ أي اتصال من المعنيين بالتأليف للتشاور بشأن تمثيلنا»، مستغربة «تجاهل الرئيس المكلف مطلبنا وحتى رفضه استقبالنا والتحاور معنا»، وأكدت «لن نقبل بأي حل وسط بل نريد أن نتمثل بوزير من اللقاء ومن حصة الطائفة السنية لا من حصة الطوائف الأخرى، وأننا لن نقبل بعد اليوم بحصر التمثيل السني بتيار المستقبل».
ودعا دريان في بيان لمكتبه الإعلامي جميع القوى الى «بذل أقصى ما لديهم لتسهيل ولادة الحكومة لأنهم من نسيج هذا المجتمع اللبناني الذي يريد حكومة وطنية تنهض بالوطن وبالمواطن». وفي هذا الإطار برز الطرح الذي قدمه رئيس حزب «الحوار الوطني» النائب فؤاد مخزومي لحل العقدة السنية بأن «يكون التمثيل من الناجحين من دون تحالفات انتخابية وهم أنا في بيروت ورئيس تيار «العزم» نجيب ميقاتي في طرابلس والنائب أسامة سعد في صيدا».
من جهته، دعا المشنوق من دار الفتوى إلى الحوار الهادئ للوصول الى تشكيل الحكومة التي ستشكل بالمعايير الوطنية التي يراها الحريري. وشدّد المشنوق على أن الحريري لن يعتذر وسيشكل الحكومة، معتبراً أن «النواب السنة المستقلين استخدموا الباب الخطأ ودخلوا من خلال طرف سياسي غير مناسب لتسمية واحد منهم».
وعلى مسافة يوم واحد من إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المرتقبة عصر غدٍ السبت بمناسبة يوم الشهيد، جدد الحزب على لسان قيادييه موقفه الداعم لتمثيل حلفائه في الحكومة، فقد اعتبر نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم في لقاء سياسي «ان الكرة في مرمى رئيس الحكومة وفي استطاعته أن يدوِّر الزوايا وأن يصل إلى حل معقول ومناسب وأن يتمثل اللقاء التشاوري بحسب مطلبه». ولفت الى ان «اللقاء التشاوري يطالب بحقه، وحزب الله يدعمه»، مؤكداً أن «لا تنفع الاتهامات ولا الشتائم، ولا محاولة إثارة النعرات المذهبية والفتنوية، ولا الصراخ المرتفع في تشكيل الحكومة، الحكومة لها طريق، والحل الوحيد لتشكيلها هو اللجوء إلى الحوار مع أصحاب الحق، وتجاوز العقبات المصطنعة».
من جهته قال وزير الشباب والرياضة محمد فنيش «إن المسألة أعمق من مسألة الوفاء فقط، وهي أننا نريد حكومة وحدة وطنية، لكن مع تغييب كتلة نيابية تمثل شريحة على الأقل نسبتها 35 او 40 من ناخبيها، فهذا لا يتفق ولا ينسجم مع هوية الحكومة على أنها حكومة وحدة وطنية». وأكدت كتلة «الوفاء للمقاومة» بعد اجتماعها الدوري ان «التزامنا بحق ومطلب النواب السنة المستقلين المشاركة في الحكومة هو التزام أخلاقي وسياسي ولا نرى أي مبرر يمنع هذا المطلب».
هل يُمدَّد «تصريف الأعمال»؟
وبعد التوافق السياسي على ضرورة التشريع في ظل حكومة تصريف الأعمال، يبدو أن تعويم الحكومة القائمة وتمديد فترة تصريف الأعمال عاد الى الواجهة بعد فرملة ولادة الحكومة ما أعطى انطباعاً بأن أمد التأليف قد يطول كثيراً، ولا بد من تسيير شؤون البلد والمواطنين على صعيدي المجلس النيابي والحكومة القائمة في ظل التهديدات بانفجار الوضع الاقتصادي والاجتماعي والخطر على الوضع النقدي، غير أن الأمر لم يحظ بتوافق سياسي حتى الآن رغم الحلم الذي يراود الحريري بالعودة الى السراي الكبير ولو من باب تصريف الأعمال إن تعذّرت عودته رئيساً أصيلاً، غير أن الممانعة تأتي من التيار الوطني الحر والرئيس عون، فقد أكد عضو تكتل « لبنان القوي » النائب ألان عون أن «المادة 94 من الدستور تقول إن الحكومة لا تمارس صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالاتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال ». وأوضح أن «طرح تفعيل عمل الحكومة رغم تصريفها الأعمال يسقط مفعول الحكومة القائمة ونقوم بضرب المؤسسة القائمة»، مشيراً إلى أن «أي إشارة باتجاه تطبيع واقع تصريف الأعمال هو إشارة سلبية باتجاه تشكيل حكومة جديدة». في المقابل أكد عضو كتلة التنمية والتحرير ميشال موسى ، في حديث تلفزيوني، أن «طرح تفعيل الحكومة الحالية هو للحث على تسريع تشكيل الحكومة الجديدة». ولفت موسى إلى أنه «من الطبيعي أن يكون هناك حكومة فعلية تمثل أمام مجلس النواب لأن الحكومة الحالية مستقيلة والعودة عن الاستقالة غير ملحوظة في الدستور والقوانين».
بري على موقفه من «مافيا المولدات»…
على صعيد أزمة الكهرباء يبدو أن «مافيا مولدات الكهرباء» باتت بلا غطاء سياسي وفي مواجهة صعبة مع الدولة التي حزمت أمرها بإخماد التمرد القائم واللعب بمصلحة المواطنين. وقد حاول أصحاب المولدات التلطي والاحتماء تحت سقف الرئاسة الثانية غير أن الرئيس بري رفض استقبالهم، ونقل وزير الاقتصاد رائد خوري عن بري بعد زيارته في عين التينة أن «الرئيس نبيه بري كان وما زال داعماً للقرارات التي اتخذناها في وزارة الاقتصاد لتنظيم قطاع المولدات، وهو ليس فقط يوافق بل يشدّ على يدنا لكي نستعمل كل الوسائل القانونية المتاحة لكي نفرض هيبة الدولة على كل الأراضي اللبنانية، وهو مسرور للغاية بالنتائج التي تحققت وحاضر لأي مساعدة إذا ما طلبنا منه المساعدة». واضاف أن «الرئيس بري كان واضحاً تماماً أنه لا يرغب في لقائهم ولا يرغب في التفاوض معهم، وهو مع تطبيق القانون للنهاية». وأوضح خوري «أصبح لدى الأجهزة القضائية معلومات عن كل أصحاب المولدات الذين أطفأوا مولداتهم ويتمّ استدعاؤهم على التوالي، وهم يوقعون على التعهد بتركيب عدادات تحت طائلة مصادرة مولداتهم والملاحقة الجزائية».