إقرار فتح اعتماد لتمويل أدوية السرطان وسلفة لكهرباء لبنان بقيمة 648 مليار ليرة

انتهت الجلسة التشريعية بسلام. الأزمة السياسية لم تلقِ بظلالها على نقاشات أصحاب السعادة داخل القاعة العامة. فكلمات النواب وضعت الخلاف السياسي جانباً ولم تأت على ذكره على غير عادة، علماً أن معالم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الشاحبة خيّمت على الجلسة، فالحريري الذي بدا غير مرتاح وفي حالة توتر سحب الكثير من المشاريع والاقتراحات، وطلب في الوقت عينه تأجيل البحث ببنود أخرى، على عكس الجلسة التشريعية الأولى التي حضرها مبتسماً وناقش بكل رحابة صدر.

اقتصرت الجلسة التشريعية على يوم واحد بدلاً من يومين، فرفعها الرئيس نبيه بري عند العاشرة. فالحريرى سيعقد اليوم مؤتمىا صحافيا عند الواحدة والنصف، وعلى هذا الأساس كان الاتفاق أن تنتهي الجلسة بيوم واحد، باقرار ما يجب إقراره من بنود أساسية تحظى باهتمام جميع المكونات.

وعليه فقد أقر المجتمعون البند المتصل بإعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة طويلة الأجل بقيمة 648 مليار ليرة، و اقتراح قانون يرمي الى تمديد دفع الرسم المقطوع مدة ثلاث سنوات. كما اقر المجلس تمديد سنة للإيجارات غير السكنية القديمة . وإذا لم يتم وضع قانون إيجارات بعد سنة تعود إلى المجلس.

وحول اقتراح قانون يتعلّق بتمديد مدة امتياز شركة كهرباء زحلة سنتين اقترح الوزير أبي خليل تمديد عقد التشغيل وليس مدة الامتياز فيما طالب نواب القوات والكتائب بتمديد الامتياز. وكان الرئيس بري طلب من النواب جورج عدوان وجورج عقيص وسامي الجميل والوزير سيزار أبي خليل وضع صيغة حول موضوع شركة كهرباء زحلة لكنهم لم يتوصلوا الى أي نتيجة. ثم تم توزيع اقتراح للوزير أبي خليل حول إعطاء عقد تشغيل مؤسسة كهرباء لبنان مع كهرباء زحلة لتقديم الخدمات وتسيير المرفق العام وتوزيع الكهرباء 24/24 وصدّق برفع الأيدي.

وأقر المجلس قانون المفقودين قسرًا، بعد التصويت عليه بندًا بندًا وهو مؤلّف من 43 بندًا، بعدما سقط اقتراح إعادته إلى اللجان ولم يتمّ إلغاء المادة 37 المتعلّقة بمحاسبة ومعاقبة كل من تسبّب أو شارك أو حرّض على الإخفاء القسري.

وجرى إقرار كل من مشروع القانون الرامي إلى طلب الموافقة على إبرام اتفاقية بين الحكومة اللبنانية ممثّلة بمجلس الإنماء والإعمار ، و»البنك الإسلامي للتنمية»، لتمويل مشروع تطوير مرفأ طرابلس وتوسعته، اقتراح قانون الإجراءات الضريبية بصفة معجل مكرر والذي كان قد سحب في الجلسة الصباحية، مشروع القانون الرامي إلى الموافقة على التصديق على البروتوكولَين المتعلّقَين باتفاقية الطيران المدني الدولي، ومشروع القانون المتعلق بالإجازة للحكومة الانضمام الى الاتفاق الدولي لزيت الزيتون وزيتون العام 2015.

وتم اقرار فتح اعتماد لأدوية السرطان على أن يتم اقتراض المبلغ. وفي السياق، قال وزير المال علي حسن خليل إنه غير قابل للتطبيق سائلاً «من أين سنأتي بالواردات لتغطية هذا المبلغ وليس هناك في احتياطي الموازنة أي ليرة؟، فردّ بري قائلاً: «قابل ونص والحكومة مجبورة أن تؤمن الأموال».

في المقابل تمّ تأجيل إقرار البند الثاني المتعلق بالمشروع المتعلّق بالموافقة على القرض المقدّم من البنك الإسلامي للتنمية لتطوير وتوسيع مرفأ طرابلس بسبب أوراق ناقصة. كما تم إرجاء اقتراح القانون المتعلّق بالموارد البترولية في الأراضي اللبنانية. كما طلب بري إعادة إحالة قانون إنشاء محمية طبيعية في جبل الريحان على وزارة البيئة. وقد طلب الرئيس الحريري سحب البند 7 بشأن إعفاء السيارات المتضرّرة من حرب تموز، والبند 9 المتعلق بالموارد البترولية لدرسهما في مجلس الوزراء. فاعترض النائبان فضل الله والموسوي وقالا «هناك اشتباه بموضوع سحبه» في حين وافق وزير الخارجية جبران باسيل على طرح الحريري فسُحب البندان من الجدول. وتمّ إرجاء اقتراح قانون متعلّق بمجانية التعليم مقدّم من الحزب التقدمي الاشتراكي وآخر يتعلق بالنفايات الصلبة مقدّم من النائب نعمت افرام ، بالإضافة إلى اقتراح قانون يتعلّق بتخصيص اعتماد عقد إجمالي لتنفيذ مشاريع في مختلف المناطق اللبنانية. وتمّ تأجيل مرسوم تعديل أصول تعيين في وظيفة أستاذ تعليم ثانوي في المدارس الرسمية والمعاد من رئيس الجمهورية مع المرسومين المعادين من رئيس الجمهورية، ويتعلق الأول بتنظيم مزاولة المهن البصرية، والثاني الرامي الى تنظيم مهنة تقويم النطق.

وأُعيد إلى اللجان النيابية اقتراح قانون متعلّق بالمياه، وآخر متعلّق بلوحات الباصات العمومية فضلاً عن الاقتراح المتعلق بالمادتين 569 و570 من قانون العقوبات والمادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. كما أُحيل اقتراح قانون يتعلّق بانضمام لبنان إلى اتفاقية القضاء على كلّ أنواع التمييز ضدّ المرأة، مقدّم من النائب بولا يعقوبيان الى اللجان ايضاً.

وتمّ سحب اقتراح قانون مقدّم من النائب سيزار أبي خليل حول الإجازة للقطاع الخاص بتشييد وبناء معامل لمعالجة النفايات الصلبة وتحويلها طاقة كهربائية وبيعها من مؤسسة كهرباء لبنان، واقتراح قانون معجل مكرر مقدم من النائب بولا يعقوبيان يرمي الى منح النائب في مجلس النواب الصفة والمصلحة لطلب إبطال الأعمال الادارية. وأرجئ اقتراح قانون الى إضافة مدينة زحلة إلى لائحة المدن الأساسية التي يتألف عدد أعضاء مجلسها البلدي من 24 عضواً والمقدم من النائب جورج عقيص، بعد اعتراض عدد من النواب شروع القانون المتعلق

وكانت مداخلات لعدد من النواب، حيث تحدّث النائب علي فياض، عن التلوّث في مياه الليطاني نتيجة تحويل زيبار الزيتون على مجرى النهر. واشار الى الادعاء على 79 مصنعاً من قبل مصلحة الليطاني لتعمدها تلوث النهر، اضافة الى تحويل مجاريها الى الليطاني. ودعا وزارة الداخلية للتعاطي بأعلى جدية في موضوع الليطاني.

ورأى النائب نواف الموسوي انه «آن الاوان لنعرف مسار السياسات الاقتصادية منذ العام 90 وحتى اليوم والتي قامت على سياسة الاقتصاد». وقال: «إن معالجة الانهيار تكون بمعالجة الأسباب، وان القروض والهيئات تذهب الى متعهّدين محدّدين». وأعلن «ان الحكومة ستزيد الانهيار الاقتصادي، والمطلوب ان تمارس الهيئات الرقابية عملها دون اي قيود، ووضع الرقابة على المناقصات العمومية».

وقال النائب سليم عون: «طموحي أصبح متواضعاً جداً، لا أزمة اقتصادية ولا حكومة ولا كهرباء ولا أي شيء من هذا، بل معالجة طريق ضهر البيدر». وسأل: «لمن نشكو هذا الأمر، والناس تطالبنا ونحن لا حيلة لدينا؟». فقال الرئيس بري: «إلى الله».

وقال النائب انور الخليل: نعيش في دولة اللادولة، فلا حكومة، والقضاء مسيّس»، مشيراً الى صرخة المجلس التأديبي. وسأل: «لماذا لا يحترم رأيها وقراراتها، دولة اللادولة لا كهرباء، والدين العام لامس الـ 85 مليار دولار ونبحث عن مزيد من القروض. نفرغ أهلنا، بهجرة الأدمغة بشكل غير مسبوق، واعتبر أن تفعيل الحكومة المستقبلية هو اعتراف بعدم القدرة في تطبيق الدستور.

أما النائب ميشال ضاهر، فتحدّث عن «صرخة المواطن»، واعتبر أن «رفع الفوائد تسبّب في ركود اقتصادي»، محذراً من أن الأزمة الاقتصادية ستسبب ازمة اجتماعية تؤدي الى الانفجار. وتمنى إقرار موضوع كهرباء زحلة.

ولفت النائب حكمت ديب الى ان «مرفأ بيروت يعاني من إدارة سيئة، وأن تاخير معالجة ازمة المرفأ يؤثر سلباً على الاقتصاد».

واعتبر النائب اسامة سعد «ان ما يحصل من معالجة اقتصادية هو أشبه بسياسة «لحس المبرد» بزيادة الديون والتردي الاقتصادي»، وقال: «إن الأزمة السياسية تحتاج الى مناقشة هادئة لأن البلد مفلس سياسياً، وكل ذلك له مخاطره ومحاذيره»، متمنياً أن لا يصاب اللبنانيون، الذين انتخبوا وراهنوا على نهج جديد، بالإحباط».

وقال النائب جهاد الصمد: «بناء على رغبتك دولة الرئيس لن أتحدث في موضوع الحكومة، وأطالب بمعالجة وضع التعليم المهني».

وجدد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل دعوته تشكيل حكومة اختصاصيين فوراً تدير الشؤون الاقتصادية والبيئية والحياتية، داعياً الى البحث بالمشاكل السياسية تحت قبة البرلمان إلى حين تشكيل حكومة سياسية. وأكد أن أرقام وزارة المالية صدرت للأشهر الستة الأولى من العام 2018 وقد بيّنت أن مدخول الدولة انخفض فيما زادت النفقات والعجز، داعياً الى انتفاضة على الذات لأن لبنان على أبواب أزمة اقتصادية تاريخية ولا نستطيع التأخير في تشكيل حكومة.

أما زميله في الكتلة النائب الياس حنكش، فدعا الى «تفعيل الأجهزة الرقابية لكي نبدأ بعملية جديدة لإصلاح الدولة التي تفككت نهائياً والموضوع أساسي لأن الشعب اللبناني يعاني والشباب يهاجر من دون أمل».

وسألت النائبة بولا يعقوبيان «ماذا ننتظر بعد لإعلان حالة طوارئ بيئية ونحن البلد الأول في الامراض السرطانية»؟ داعية الى إقرار قانون الفرز من المصدر.

اما النائب جميل السيد فطالب بتقديم بند التمديد لامتياز شركة كهرباء زحلة في جدول الأعمال، لأن لا ضمانة باستمرارية الجلسة، فرد عليه الرئيس بري «كل واحد بيروح بوقتو».

وقال النائب عدنان طرابلسي: «كنا وما زلنا مع تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة لمعالجة الأزمات الضاغطة»، معتبراً «ان العاصمة بيروت تحتاج الى مزيد من المشاريع الحيوية، اضافة الى معالجة موضوع النفايات». وطالب «بحسم الجدل حول موضوع الإيجارات».

وقال النائب فؤاد مخزومي: «آن الأوان لنتصرّف بمسؤولية لان الملفات كثيرة. إن السياسة العامة للدولة يفترض ان تكون حكيمة». ودعا الى «معالجة وضع الصناعة اللبنانية التي تحتاج الى رؤية واضحة»، مشيراً الى «الحاجة الى وزارة تخطيط»، معتبراً «أن قطاعَي الصحة والتعليم لا يحتملان اي انتظار».

سأل الرئيس ميقاتي خلال الجلسة التشريعية «كيف يمكن التشريع بغياب السلطة التنفيذية؟»، فردّ عليه الرئيس بري قائلاً «اقرأ المادة 69 من الدستور، وما حدا يزايد عليي وعلى الرئيس الحريري»، من ثمّ خرج ميقاتي من القاعة حيث قال «الحكومة مستقيلة ولا يجوز التشريع بهذه الطريقة». وأكد أن تشريع الضرورة يجب أن يعتمد على معايير محددة وواضحة، معتبراً انهم أمام سلطة تشريعية كاملة في ظل حكومة تصريف أعمال ناقصة، وبالتالي فإن عامل التوازن في السلطات مغيّب وناقص، وهذا ما يدفعهم إلى المطالبة بأن يكون تشريع الضرورة خاضعاً لمعايير متوازنة، وهو أمر غير متوافر في ظرفهم الحاضر. وقال ميقاتي «نحن أمام سلطة تنفيذية مستقيلة وغير مؤهلة للبحث في مشاريع واقتراحات القوانين لا تتمتع بصفة الضرورة»، جميعنا يتذكر أن المجلس النيابي كان معطلاً في فترات سابقة بفعل استقالة الحكومات أو تغييب دورها وعدم الاعتراف بها وفي خلال فترة الفراغ الرئاسي ومع احترامي للرئيس نبيه بري فإن مجلس النواب لم يبادر إلى تشريع ما هو ضروري وما هو غير ضروري أيضاً في حينه».

الى ذلك، أكد النائب كنعان على هامش الجلسة التشريعية، ان «اللجنة، وخلال مناقشة فتح اعتماد اضافي بقيمة 75 ملياراً للدواء، طلبت من الوزارة تزويدها بالتفاصيل والايضاحات المناسبة، وقد قامت الوزارة بذلك». ورداً على سؤال وزير المال في حكومة تصريف الأعمال عن «كيفية تأمين التمويل»، اجاب كنعان: «هذه مسؤولية وزارة المال، وهي كانت ممثلة في جلسات لجنة المال التي نوقش فيها الاقتراح». وذكر النائب كنعان بـ»أن أبواب التوفير متوافرة وقد حدّدتها 37 توصية إصلاحية صادرة عن لجنة المال»، وقال: «حبذا لو أن عدداً من الزملاء النواب ترجموا خطاباتهم الإصلاحية بالتصويت على هذه التوصيات لكنا وفرنا الكثير».

اما وزير الصحة غسان حاصباني فقال بعد إقرار بند فتح اعتمادات للأدوية «إقرار القوانين المتعلقة بتمويل من الصندوق الاسلامي للتنمية للمستشفيات الحكومية خطوة مهمة جداً لدعم المستشفيات الحكومية تندرج ضمن الخطة المتكاملة التي وضعناها لتطوير القطاع الصحي اللبناني». ولفت الى «ان الجلسة كانت صحية». وأشار الى «ارتفاع عدد الأشخاص المستفيدين من وزارة الصحة للكشف المبكر عن السرطان، وهذه بشرى سارّة للمواطنين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى