ميداني: مبادرة دي ميستورا تقوّي الإرهابيين وسورية لن تقع في الفخ
حاورها سعد الله الخليل
لم يعد التورط الغربي في دعم المجموعات الإرهابية في سورية بالخفي على أحد، ويوماً بعد يوم تتوضح صوره، ذلك التورط الذي وإن تغيرت أشكاله وألوانه، إلا أنّ المضمون واحد منذ بدء الأحداث في سورية. وفي المقابل هناك جهود تبذل من قبل سوريين وعرب لكسر جليد الدعم الإعلامي والسياسي الذي سخّره الغرب لدعم تلك المجموعات وإظهار حقيقة ما يجري للرأي العام الغربي، ما مكنهم من كسب تأييد المؤمنين بحق الشعوب والدول في تقرير مصيرها من دون أي تدخل خارجي، وبعيداً من المشاريع الاستعمارية الجديدة، وما الدعاوى القضائية التي رفعها فرنسيون في حقّ كبار ساستهم سوى نتيجة لتعاظم كرة الثلج الداعمة لسورية.
للحديث عن الدور الفرنسي في ما يجري بسورية، كان لـ«البناء» و«توب نيوز» لقاء مع رئيسة مجلس أمناء شبكة علماء سورية في المغترب الدكتورة أيسر ميداني، التي أشارت إلى «أنّ المساعي المبذولة لمحاسبة الدول الداعمة للإرهاب على أعمالها الإجرامية في حق الشعب السوري وفق ما ينص عليه القانون الدولي تحقق هدفين: الهدف الأول جنائي برفع دعاوى ضدّ الرئيس فرانسوا هولاند ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، وذلك بالوكالة عن أشخاص متضررين عدة في شكل مباشر من الأعمال الإرهابية الموثقة، أما الهدف الثاني فهو إعلامي لإثارة الضجة حول ما يحصل في سورية وحول الدعم الفرنسي للإرهاب في سورية، منتهكاً بذلك كافة مواثيق الأمم المتحدة وقرارتها الأخيرة بمحاربة الإرهاب». وأضافت: «قبل أيام نظمت الهيئة الأهلية السورية لضحايا العنف والإرهاب تحت عنوان «الإرهاب في ضوء القانون الدولي» والتي شارك فيها محامون من فرنسا أمثال داميان فيكييه، بهدف إزالة القناع عن تلك الدول الداعمة للإرهاب والتي تقول إنها تدافع عن الديمقراطية في العالم».
وأشارت ميداني إلى «أنّ فرنسا ديغول كانت حقبة صغيرة جداً في التاريخ الفرنسي، وعلينا أن لا ننسى أنّ فرنسا بلد استعماري مجرم رهيب، فهي كمثيلتها إنكلترا تتصيد الدول العربية منذ غزوات نابليون لمصر وما زالت حقبة نابليون مستمرة حتى الآن، ونحن نعلم أنها استعمرت الجزائر الذي دفع ثمن استقلاله ملايين الشهداء والجرحى، كما استعمرت لبنان وسورية وأعطت لواء الإسكندرون وهو جزء منها للأتراك ولا ننسى الفظائع التي ارتكبتها ولا تزال في دول أفريقية مثل ساحل العاج ومالي وبوركينا فاسو وغيرها، وسط تعتيم إعلامي شديد حتى عن الشعب الفرنسي الذي لا يدري ما يحدث في المستعمرات الفرنسية، أضف إلى ذلك أنّ فرنسا كانت ولا تزال حاضنة «لإسرائيل» ويسيطر اليوم عليها الاستعمار الصهيوني من الداخل».
وردّاً على سؤال عن دور المغتربين السوريين وخصوصاً في فرنسا في توضيح حقيقة ما يجري في المنطقة من اعتداءات وانتهاكات، أجابت ميداني: «إنّ الصوت الطاغي في فرنسا هو صوت ما يسمى بالثورة الديمقراطية السورية أي الأشخاص الذين يدعمون ما يسمى المجلس الوطني السوري لأنّ فرنسا هي التي تحتضنهم وتقدم لهم الدعم المادي والإعلامي لهم، وتسخر لهم كل مراكز البحوث والدراسات في الشرق الأوسط لضخّ محاضرات يومية لتجميل شعارات الديمقراطية والحرية التي يروّجون لها».
ولفتت ميداني إلى الندوة التي شهدت حضور متضامنين من تونس مع سورية، مشيرة إلى «أنّ المجتمع التونسي استفاق بسرعة لما لديه من وعي شديد». وقالت: «إنّ الهجمة على تونس أقل من الهجمة الضروس على سورية وعلى رغم حكم الإخوان المسلمين المستغرب والمغاير لطبيعة الشعب التونسي وهو علماني في غالبيته ومنفتح فكرياً، فقد تمكن بسرعة من القيام برد فعل جيد جداً من طريق الديمقراطية والثورة السياسية التي حدثت».
واعتبرت «أنّ صمود سورية ساهم بقوة في تصويب البوصلة وقلب المعادلة في المنطقة، في مصر أولاً حيث كانت الخطوة مهمة للغاية وهي ركن كبير من أركان العالم العربي، وما حصل فيها شيء جيد جداً ارتكز على صلابة الوضع السوري وصمود شعبنا وجيشنا وقيادتنا. أما بالنسبة إلى الشعب التونسي فهو كأغلب الشعوب العربية يتعاطف في شكل كبير مع سورية التي تمثل الأمل القومي الوحيد، وسورية هي الوحيدة التي لم تتعامل مع «إسرائيل»، ولم تطبّع العلاقات معها ولم تبع القضية الفلسطنية، وهي تدعم المقاومة الفلسطينية. سورية هي ركن من أركان منظومة المقاومة في الشرق الأوسط التي تضم المقاومة الفلسطينية واللبنانية وسورية وإيران والمقاومة العراقية خلال الاحتلال الأميركي واليوم مع الدولة العراقية ضدّ الاستعمار والإرهاب».
ورأت ميداني «أنّ ضرب سورية بالنسبة إلى الاستعمار الصهيو ـ أميركي كان ولا يزال هدفاً استراتيجياً، فالشعوب العربية تفهم بحدسها الوطني وقوميتها وحرصها على الأهداف الرئيسية، والشعوب العربية وعلى رغم أنها في البداية أُخذت بالشعارات الرنانة والطنانة التي سوّق لها من طريق الشاشات العربية كـ»الجزيرة» وغيرها، لكنّ هذا التخدير لم يدم ووقفت الشعوب العربية إلى جانب سورية، وهناك وفود كثيرة جاءت من تونس والأردن لتدعم سورية ونضالها وتكرّر مشهد رفع صور الرئيسين بشار الأسد وجمال عبدالناصر في تظاهرات في تونس ومصر». وأضافت: «أنّ تونس تشهد منذ شهر أيار الماضي اعتصامات أمام وزارة الخارجية التونسية تطالب بإعادة العلاقات الطبيعية مع سورية، وهذا المطلب الشعبي ليس لمصلحة سورية فقط، بل هو تأكيد لحرص الشعب التونسي على القضية العربية وعلى تواجده مع سورية في خندق واحد».
تركيا لن تدخل الاتحاد الأوروبي
واستبعدت ميداني ما يشاع عن صراع تركي – فرنسي، بل إنّ ما يجري هو تواطؤ دائم، أما بالنسبة إلى انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي فهناك ميثاق يمنع أي بلد إسلامي من ذلك». وأضافت: «إنّ دول الاتحاد الأوروبي ضدّ الإسلام ولا تقبل بدخول ملايين المسلمين الأتراك إلى أوروبا لأنهم يقلبون المعادلة فيها وتصبح أوروبا غالبيتها مسلمة». وفي هذا السياق، ذكّرت ميداني «بمطالب ساركوزي بالاعتراف بمذابح الأرمن»، لافتة إلى «أنّ هناك وثيقة بين جوبيه وأردوغان تنصّ على أنه إذا ساهمت تركيا في ضرب سورية، فإنّ فرنسا ستدعم تركيا لدخول الاتحاد الأوروبي». وعن دخول ألبانيا في الاتحاد، قالت: «لقد خرجت ألبانيا من حكم شيوعي والقبول بضمّها هدفه احتواء الشيوعية من ناحية، ومن ناحية أخرى حتى يكون لأوروبا تواجد عند الحدود الروسية في منطقة الأردياتيك».
أطماع تركيا في حلب قديمة
وأكدت ميداني «أنّ التركيز التركي على حلب ليس جديداً ومطامع أنقرة ليست غريبة، وقد بدأت بسرقة الشركات والمؤسسات الصناعية في حلب، ويتطلع أردوغان إلى إعادة الاستعمار العثماني والسيطرة على حلب ومن هنا جاء الدخول إلى عين العرب والتي تسعى تركيا من خلال استهدافها إلى اختراق سورية». وأضافت: «رغم وجود قسم من المجموعات السورية الكردية أقرب إلى المعارضة والائتلاف منه إلى الدولة السورية، إلا أنّ التنوّع السياسي في عين العرب يفرض نفسه، وبالتالي فإنّ التركيز على عين العرب هو اختراق الحدود السورية وولوج حلب لضرب الأكراد المتواجدين فيها والذين يشكلون سدّاً أمام الاختراق التركي».
مبادرة دي ميستورا
ورأت ميداني أنّ توقيت مبادرة المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا بحيث يروّج لمبادرة تجميد القتال في حلب للسماح بنقل مساعدات والتمهيد لمفاوضات يعود إلى تقدم الجيش السوري في حلب، كما كان توقيت مبادرة كوفي أنان أثناء تقدم الجيش السوري في حمص لإخراج المسلحين وجلب المعونات الإنسانية، ومبادرة الأخضر الإبراهيمي في ريف دمشق». وقالت: «أعتقد أنهم يريدون أن يقوموا العملية بنفسها اليوم، وهذه الهدنة وتجميد القتال هما لتقوية الإرهابيين ودعمهم بالسلاح والغذاء، والدولة السورية لن تقع في الفخ لأنّ الجيش السوري اليوم يتقدم ويجب أن نجهز على كلّ الإرهابيين في المنطقة».
مؤسسة أحفاد عشتار
وتحدثت ميداني عن مؤسسة أحفاد عشتار التي تهدف إلى المساهمة في إعادة إعمار النفوس في سورية والتركيز على المرأة التي هي أصل التطور في المجتمع. وقالت: «كانت المرأة ولا تزال الضحية الكبرى في هذه الهجمة السلفية على بلادنا وأصبحت تتداول كسلعة جنسية وتباع في سوق النخاسة، ويُجرى استغلالها في ما يسمى جهاد النكاح، وهذا ما لطخ صورة المرأة السورية وهي مرأة مقاتلة ومناضلة، وساهمت في شكل أساسي في انتصار الوطن وصموده تجاه الهجمة الضروس، وهدف المؤسسة إعادة الاعتبار إلى المرأة وبناء شخصيتها الثقافية والدينية والاقتصادية، لأنّ كلّ نساء المجتمع السوري تضرّرن كثيراً، ومن ناحية أخرى نحن في المؤسسة نولي عناية خاصة لأمهات وزوجات وبنات الشهداء، ونحن نسعى إلى تقديم الإمكانات اللازمة لتحقيق العيش الكريم لهن».
يُبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة عصراً ويُعاد بثه الساعة الحادية عشرة مساء على قناة «توب نيوز» على تردد 12036