تَجَـدُّدُ الـروح
يوسف المسمار
نهــرُ الوجــود ِتطــوّرٌ وتـدفُّــقُ وتـصـاعــدٌ لا يـنـتهـي وتألُّــقُ
منـذُ ابـتدى الإنسانُ كانَ مُـؤهَّـلاً لمسيـرةٍ تســمو ولا تـتـخـنـدقُ
فـقـد استـمـدَّ مـن الإلـهِ وجـودَهُ ومن المحالِ قِـوى التألهِ تُخـفـِقُ
يسعى الى السرِّ العـظـيـم ِبهـمَّـة ٍ لا تــنـثـنـي أبَــداً ولا تـتـشــرنـقُ
مـنـذُ البـدايةِ لا يزالُ مُـحَـلِّـقـاً يعـلو وما بعـدَ النهايـةِ يَـعـشـقُ
في داخـلِ الإنسـانِ ســرُّ ألوهـة إنْ مَسَّت الصخرَ المُجَلمِـدَ ينطـقُ
نهـرُ الوجـود ِتَـموُّجٌ ورحـيـقُـهُ الإنسانُ ينبضُ بالحياةِ ويَخـفـقُ
ينسابُ في الأجيال ِفعـلَ تَـجَـدُّد جـيـلٌ يـغــورُ، وآخـرٌ يـتـدفـقُ
ويفـورُ ما بينَ الثُـريـا والثَـرى شـرراً مصابيحَ الحضارة ِيُطلقُ
هي قـوة ُالخَلْق ِالبديعةُ أشرقتْ في الكونِ فابتدأ الوجودُ المُشْرِقُ
وترسّخت أسسُ التمدُّنِ بالحروف ِ كما الصـواعـقُ بالمعارف تُبرقُ
فمن استعـانَ الى الـرُقيّ بعـقـلهِ بَـلَــغَ العُـلى، وبـهِ العُـلى يتأنقُ
أما الـذين على الخرافـةِ ثـابـروا فـطـريقُهـم نحـو المهالـك ِتَعـمقُ
أبـداً مـنـارُ الناهـضـين مُزوبـعٌ فجــرٌ يُـطـاردُ عــتـمـة ًويُمـزِّقُ
فتكـونُ بالفجـرِ الحـياة ُمُضـيـئةً وجميلة ً تهوى الجمالَ وتَعشقُ
لولا المحـبـة والجـمـال لما عـلا صوتُ المسيحِ ولا تقدَّسَ مَشرِقُ
لولا التراحـم ما أطـلَّ مـُحـَمـَّـدٌ بـرسـالةٍ روحَ المـفـاسـدِ تَخـنقُ
لولا التخبّـط لا لزوم لـنهـضـةٍ تبني الحـياةَ جـديـدةً وتُحَـقِّـقُ
لولا العـداوات التي غَـدَرَتْ بنا ما كـانَ فـيـنـا للفــداءِ تَشَـوُّقُ
لن تستـقيـمَ حياتُـنا إن لم نَكُنْ نـوراً ونـاراً كـلَّ قُـبحٍ تَحرِقُ
قُدسُ القداسةِ قُدسُنا ولنا فـقط ْ في القُدسِ حقٌ لا يزولُ ويزهقُ
ولنا ببيروت الكـرامةِ مـشـعـلٌ سيظلُّ يخفقُ في الوجود ِويُبرقُ
ولنا ببغـداد الحـضارةِ صاعـِـقٌ سيظـلُّ يجتثُ الطُـغـاةَ ويَصْعَـقُ
والشــامُ تبـقى للإبــاءِ مَحَـجَةً بإبائها سُحِـرَ الشموخُ المُطـلَـقُ
وشُموخُ الكويتِ العزيزةِ شاهدٌ إنّ الكرامةَ في الحياةِ الأصدقُ
فاستـنفـري عـمان روحَ إبائنا ليظـلَّ تاريخُ الحضارةِ يَعـبـقُ
لا شأن يبقى للعروبة إن غدت بخنوعها عطفَ العِدى تتملّق
آكادُ تهتفُ: لا خلاص سوى الهُدى يستـنـقـذُ الشـرفَ الأبيَّ ويَعـتـِقُ
وتـصـيـحُ تـدمُرُ والدماءُ غـزيرةٌ: لا شيء يُثمرُ كالجـراح ِويُـورِقُ
صـورُ الكرامـةِ لا تـزالُ كـريـمةً أحـلامَ من فَـقَـدَ الصَـوابَ تُؤرِّقُ
قـرطاجـةٌ ما زالَ روحُ نُبُوغـها في كـلِّ من يَهوى الفـضيلة َيخفقُ
قـد حـاولَ الأشرارُ سِـرْقـة بابـل ٍ هـيهات أنـوارُ الحـضـارة ِتُسْـرَقُ
في أمـة ِالعـقـل ِالمواهِـبُ أبـدعتْ فـكـرا ًعـظـيـما ً كـلَّ عــزٍ يَخـلـقُ
ما كانَ في التأسيس ِإلاَّ ثورة حَرَقتْ طواغيت القرون ِوتَحرقُ
واستأصلتْ أسُسَ الفساد ِبنهضة ٍ عبقتْ بأطـيَب ما يفـوحُ وتعبـقُ
تأسيسُـنا تأسـيسُ عـزّ حـياتـنا بابـاً الى أعـلى الأعـالي يَطـرقُ
معـناهُ أنـَّا لـم نَـعُــد بجهـالـةٍ فبوعـيـنا زمنُ الجهـالةِ نـغـلـقُ
معـناهُ تأهـيـلُ النفـوس ِلترتـقي إنَّ الـنـفـوسَ إذا سَـمَت تـتألَـقُ
تأسيسنا عِـلمُ النفوسِ ونـورُها بالعـلم ِتنتصـرُ النفوسُ وتُطْـلَقُ
تَأسيسُنا فـنُّ المواهـبِ نهضـةٌ بالفـنِّ إبـداعُ المـواهـب ِيُشرِقُ
تأسيسُنا قِـيَـماً نُمارسُ دائـما ً بقداسة ِالخُلُق ِالطهـور ِنُحَلِّـقُ
تأسيسُنا عَـقلٌ يقودُ صـراعَـنا بالعـقل ِأهـدافَ الصـراع ِنُحَقِّقُ
تـأسيسُـنا روحُ التَجَـدُّدِ دائـما ً بتَجَـدُّد ِالـروح ِالإرادةُ تَصـدقُ
تأسيسُنا في الأرض ِفعلُ هداية ٍ للعـالمـيـنَ، فبالهـدايةِ نَسـبـِقُ
تأسيسُنا أن تبلغَ الأرضُ السماءَ وفـوقَ أبـراجِ الســماء ِ تُحَـلِّقُ
إنْ لمْ يَـكُ التأسيسُ خَلْـقاً رائعـا ً لا خيرَ في الخَلق ِالذي يَتَشَرنَقُ
أبـدا ً نُؤسسُ للعُـلى، ونفـوسُنا ببـطـولةٍ لعُـلى العُـلى تتشـوقُ
مهما المَداراتُ استجدّتْ وارتقتْ أبــداً مـدارات ِالعَــلاء ِ نُطَـوِّقُ
وضـياءُ زوبعـة ِالخلود ِفـضائلٌ بلهـيـبها دنـيـا الرذائـل ِتُمْحَـقُ
فلصاحـب ِالتأسيس ِكـلُّ مَحَـبـة ٍ ولكـلِّ مـن يَبني الثـناءُ ألأصدَقُ
ما كان َ في التأسيس ِإلا َّيقـظـة ٌ للغـافـلـين، وبالنهـوضِ تَعَـلُّـقُ
إنَّ الحـياة متى اهتديـنا نهـضة ٌ لا الحَتمُ يُطـفئُ نورَها أو مُطلَق
أسُسُ النُهوض ِهِـداية ٌوبطولة ٌ وعـلى التنافس ِفي الهُدى تَتعمقُ
ويَـظَـلُّ تأسيسُ الحـيـاةِ تَجَـدُّداً يجـتـازُ آفـاقَ المحـالِ ويَخـرقُ
هـذا هـو التأسيسُ شلاّلُ الهُـدى بـرذاذهِ الآتي البـديـعَ نُحَـقِّـقُ
روحُ النهوض ِبأن نكونَ زوابعـاً إلاَّ بما يُـرضي العُـلى لا تَخـفـقُ
هـذا هـو التأسيسُ روحُ تـنوّرٍ من كـلِّ آفـات الخـرافة يَـعـتـقُ
وتجدّدُ التأسيسِ تجديدُ النفوسِ مـدى الحـيــاةِ تألُّـقٌ وتَـفَـوُّقُ
وبغيرِ تنويرِ النفوسِ ودَفعِها نحوَ التسامي بالهُدى لا تنطقُ
هـذا هـو الجـيــلُ الجـديـدُ إرادةٌ بسنا البصيـرةِ والتَـبَـصُّرِ تخفقُ
يمتـازُ بالعـزمِ العـظيمِ طُـموحُهُ لا صعب أبـوابَ العـزائمِ يَغـلقُ
فيطـالُ ما عجـزَ العتيقُ بلوغه ويُؤسّسُ العصرَ السعيدَ ويخلقُ
ويُجَـدّدُ التاريـخَ بالفـكـرِ الـذي يَمتـدٌّ ما امتـدَّ الضيـاءُ ويُطـلـقُ
ويُطَـوِّرُ الإنسانَ حتى تـنحني قِممُ العُـلى وعُـلى العَلاءِ يُعانـقُ
فـتَهِـبّ أجيـالُ الحيـاةِ جميعُـهـا في عـيـدِ تمجيـدِ الحياةِ تُصَفِّـقُ
لا يَـرتـقي الانســانُ إلا عـنـدما بـزوابـعِ الفِـكـرِ البـديـعِ يُحَـلِّـقُ
أبـداً زوابعــنـا تُـزَوبعُ بالهُـدى نـوراً ونـاراً بالفضائـل تُشـرقُ
هـذا هـو التأسيسُ فجـرُ تجـدُّدٍ لـيـلَ التَخَـلُّـفِ بالـرقيِّ يُـفارِقُ
شاعر قومي مقيم في البرازيل كوريتيـبا