الفنان زياد أبو عبسي يوارى الثرى في قريته راشيا الفخّار
إعداد: رنا صادق
«موتك وصمة عار في قرص الشمس
احتجّ سكان المدينة على موتك
فهل سوف تعود؟
هم لم يعرفوك
لكنهم
أسفوا على فراقك
واحتجّوا على رحيلك.
أضاءوا الأنوار
لكي ترى سبيلك
وأنت في موكب نعشك.
ما عادوا يثقون بالشمس
بعد وفاتها
ولا بأشعتها،
لأنها لم تنتبه لك وأنت تلهو.
موتك حدقة في عين قدر
أعمى».
لم نجد كلمات وداعٍ أشدّ صدقاً من تلك التي استهلّ بها الفنان الراحل زياد أبو عبسي وجدانيات ديوانه «صفحات على جدران الزمن»، منه وله، كالذي يرثي نفسه من السماء وينثر هنا وهناك شظايا الألم.
وسط حشد من الرفاق وأهالي بلدة راشيا الفخّار استُقبل زياد أبو عبسي، وعاد «أبو الزلف» محمولاً ليوارى الثرى في بلدته والذي وافته المنية عن عمر 62 سنة.
زياد الذي عرفه وأحبه الناس في أدواره في مسرحيات زياد الرحباني «شي فاشل»، وهو صاحب القناع في مسرحية «بخصوص الكرامة والشعب العنيد» ولولا فسحة الأمل، وغيرها الكثير من المسرحيات .
وكان قد وصل جثمان الفقيد الى ساحة العين عند مدخل بلدته راشيا الفخار، حيث استقبل النعش بالمفرقعات النارية ونثر الورود، بمشاركة نقيب الممثلين في لبنان نعمة بدوي والفنانين منير كسرواني وطارق تميم وحشد من أهالي البلدة والمنطقة، ومشاركة كاهن رعية كنيسة مار جاورجيوس للروم الأرثوذكس في البلدة الأب فخري مراد والقس فؤاد قسيس والقس مخايل سبت، ثم ووري الثرى في مدافن العائلة.
بعدها انتقل الجميع إلى صالون الكنيسة لتقبّل التعازي، وكانت كلمات رثاء لكل من الأب فخري مراد والنقيب نعمة بدوي ورئيس بلدية راشيا الفخار سليم يوسف استذكروا فيها الفقيد ومزاياه وخصاله الحميدة، وعشقه وطنه والمسرح، وزياد العيش المشترك والإنسان العابر للطوائف. كما ألقى كل من الممثل والشاعر سليم علاء الدين والشاعر عبود فضول قصائد من وحي المناسبة.
كلمات رثاء في الفنان والمسرحي الراحل زياد أبو عبسي:
فياض
رثى عميد الثقافة في الحزب السوري القومي الاجتماعي الدكتور زهير فياض الفنان الراحل قائلاً: «برحيل الفنان زياد أبو عبسي يفقد لبنان والعالم العربي واحداً من روّاد المسرح اللبناني الذي أغنى بتجربته الفنية المسرح اللبناني وأعطاه أبعاداً حياتية وفلسفية، وحوّله مع زياد الرحباني وثلة من الفنانين المبدعين الى قضية شعب بمعاناته وأحلامه وتطلّعاته نحو المستقبل. لقد زرع زياد أبو عبسي في أعماله المسرحية أملاً وحزناً وفرحاً وبسمة وبارقة حب في زمن الحرب والقتل والدمار. برحيل زياد أبو عبسي نفتقد مبدعاً مؤلفاً مسرحياً وممثلاً ومخرجاً أسهم في تطوير الفنّ المسرحي من خلال إعطائه أبعاداً ديناميكية حياتية ملتصقة بحياة الناس ووجعهم وهمومهم وآلامهم وآمالهم، وحكى بلغة الناس اليومية دون ماكياج ولا زخرفة ولا تنميق، كتب بصدق المفكر الملتزم، ومارس التمثيل بروحية المتقمص والعاكس روحية شعبه وناسه وأهله. زياد عبسي فنان ملتزم آمن بلبنان علماني تقدمي حر ومارس تقدميته بالنقد لحالة المجتمع الطائفية والمذهبية، وحالة التفرقة وغياب العدالة الاقتصادية الاجتماعية وهو اليساري الهوى المنحاز الى الفقراء وأبناء الفئات الشعبية والمظلومين والمهمشين في الأرض… لروحه سلام الأوفياء والأنقياء».
صبرا
الفنانة والممثلة عايدة صبرا تأسّفت على خسارة لبنان مسرحي وفلسفي بهذه القيمة، وقالت: «زياد أبو عبسي موسوعة في الفلسفة والمعرفة المسرحية، لم تقدّر قيمته في هذا البلد… خسارة. زياد المعروف بحسن أخلاقه وكرم نفسه، بشهادة طلاّبه في الجامعة، لم يتردد أبداً في المساعدة ولم ينفك يوماً عن العطاء وتقديم المعرفة، فقيمته في ذاكرتنا وقلوبنا كبيرة مهما جرى. أسفي على الذين ذهبوا وقلبي على الذين بقوا. وداعاً زياد».
الكعكاتي
الصحافي والممثل طارق الكعكاتي قال في رثاء صديقه: «زياد أبو عبسي… الفنان المتميز، الذي كأمثاله من فناني لبنان الحقيقيين غير المنتمين إلى لوبيات، لم يعتمد على علاقات مشبوهة ولم يُكرّم عبر فتح المجالات أمامه ليراه الجمهور أكثر، هو من أكثر الفنانين صدقاً، وتكريمه الحقيقي هو إرثه الذي تركه خلفه. كان لي شرف العمل مع هذا الإنسان الرائع وكنت دائماً أتمنى أن نراه في أعمال، ولكن الإنتاج الفني بات أشبه بعروض أزياء أو فيديو كليبات ناطقة.
أيها الوطن رحل فنان إضافي بصمت وهدوء».
عطوي
وأخيراً، الممثل حبيب عطوي أهدى الراحل قصيدة، قال فيها:
«شو خفت لمن سكرو التابوت
ينقطع عنو الهوا
ينقطع عنو الضو
ينقطع عنو الشعر
ينقطع عنو المسرح
ويصدق إنو مات
ويموت ….
وشو خفت لمن سكرو التابوت».