عطالة مؤسسات الدولة
العلامة الشيخ عفيف النابلسي
1
على رغم كل التبريرات السياسية والظروف الأمنية التي صعدت إلى برج الناقوس لتقرع جرس الخطر على اللبنانيين من مغبة الوقوع في الفراغ، فإن التمديد للمجلس النيابي يشكل كارثة بحد ذاته، فكيف إذا جاء والظلام يشتد حلكة على مستقبل الوطن!.
من الواضح أنّ الدوافع وراء التمديد لم تكن مرتبطة تماماً بالوضع الأمني فقد جرت الانتخابات في سورية والعراق على رغم أنّ الأخطار الأمنية في هذين البلدين كانت كبيرة جداً. ولكن الحقيقة تتجه إلى المشهد الإقليمي الذي ما زالت شمس الكوارث المذهبية والحروب الأهلية الحارقة تضربه، وإلى التوازنات الداخلية غير القابلة للتبديل والتغيير بسبب جمود الصورة الإقليمية التي لا تسمح أن يتفوق فريق على فريق آخر وإلا تعرض الاستقرار الداخلي إلى مخاطر كبرى.
في الواقع، إنّ ما حصل سيمدد أمد الأزمة الداخلية، وسيضاعف من حجم التردي السياسي والاجتماعي، وسيُغرق اللبنانيين بموجات من الإحباط النفسي، خصوصاً أن الطبقة السياسية لم تكن على قدر المسؤولية والأمانة الوطنية، وساهمت في تأجيج النعرات الطائفية بأعمالها الفظة، وشاركت في تردي الوضع الاقتصادي كما في عطالة مؤسسات الدولة.
لقد جاء التمديد والوضع السياسي العام في البلد يثير النفور والاشمئزاز، خصوصاً بعد الذي سمعناه من نائبين ممدد لهما ما يؤكد أنّ ثمة خللاً أخلاقياً وثقافياً يوازي الخلل السياسي ينتصب بصورة قاسية في وجه اللبنانيين. نعم، البلد موحش تتهاوى الحجارة عليه من كل جانب وليس أمام اللبنانيين إلا ممر ضيق يشرف على الأمل. وعلى كل حال نحن ممتنون للجمعيات الأهلية على حركة الاعتراض التي قامت بها أمام المجلس النيابي فمن خلالها أنّ حياة ما زالت تنبض في عروق اللبنانيين التي وإن كانت محاولتها خجولة ولكنها بالغة الدلالة على المستقبل حيث ينبغي على كل مواطن لبناني التنديد بالواقعين السياسي والدستوري بعد ما وصل العبث إلى حد لا يجوز السكوت عليه، ولأن ما نراه جرائم تمزق أركان الوطن فتمنع عنه هواء الحرية والسلام والاستقرار.
2
في فلسطين اليوم أخطار داهمة تلفح وجه الأمة الخائرة الراكدة المشغولة بقتل ذاتها. مجرى الأحداث أكبر من يوصف ومع ذلك لا العرب ولا المسلمين يريدون التحرك وفعل شيء يوقف مسلسل الإرهاب الإسرائيلي. ما يحصل من تهديد للمقدسات في فلسطين يؤكد مخططات الصهاينة في تهويد القدس وطرد أهلها منها. وكلمات التنديد ما عادت تكفي، والمواقف السياسية باتت بلا فاعلية. ولم يعد يبق من الإيمان سوى أن نراهن على حرارة الشعب الفلسطيني وانتفاضته ومقاومته للاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل المتاحة.
إنّ الشعب الفلسطيني وخصوصاً في الضفة الغربية هو الرهان وهو الأمل في تغيير قواعد الصراع ليس في فلسطين فحسب وإنما في المنطقة كلها. مع المقاومين في لبنان وفلسطين سيكون لنا مستقبل رائع وإلا فعلى الأمة السلام.