الجريمة الجديدة في حلب… وضرورة الحسم ضدّ الإرهابيين في إدلب
حسن حردان
طرحت الجريمة الجديدة التي ارتكبتها الجماعات الإرهابية التكفيرية ضدّ أبناء مدينة حلب عبر قصف المدينة بالصواريخ والغازات السامة من مواقعها في إدلب وريف حلب الغربي، طرحت وبإلحاح ضرورة الحسم العسكري ضدّ هذه الجماعات المتحصّنة في المناطق المذكورة والمستمرة في الاعتداء على المدنيين في حلب واتخاذ المدنيين في إدلب رهائن لإدامة بقائها في المنطقة ومواصلة حرب الاستنزاف ضدّ الدولة السورية والشعب السوري…
على أنّ هذه الجريمة الجديدة والموصوفة تؤكد جملة من الأمور التي تصبّ في مصلحة مسارعة الجيش السوري وحلفائه للقيام بعملية عسكرية واسعة تنهي سيطرة الإرهابيين في إدلب وجوارها:
أولاً: أكدت الجريمة سقوط الاتهامات المفبركة التي كانت تطلقها، حتى الأمس القريب، كلّ من الولايات المتحدة والدول الغربية والنظام التركي، وتزعم أنّ الدولة السورية وجيشها السوري هم من يستخدم الأسلحة الكيماوية والغازات السامية ضدّ المدنيين والأبرياء… فهذه الاتهامات سقطت اليوم سقوطاً مدوياً على مرأى من العالم أجمع ولم يعد بالإمكان تضليل الرأي العام، بعدما تبيّن له أنّ الجماعات الإرهابية المتحصّنة في إدلب وبعض مناطق ريف حلب هي من يملك هذه الأسلحة الكيماوية والغازات السامة، وهي التي أقدمت على استخدامها ضدّ المدنيين بدعم وتشجيع من واشنطن وأنقرة والعواصم الغربية التي تعمل على إعاقة حسم المعركة ضدّ هذه الجماعات الإرهابية بذريعة الحرص على المدنيين..
ثانياً: انّ الجماعات الإرهابية ما كانت لتقدم على تنفيذ جريمتها لولا الدعم والتشجيع الذي تلقاه من النظام التركي الذي يناور ويماطل بصورة واضحة وفاضحة في تطبيق الاتفاق الروسي التركي لإخلاء المنطقة المنزوعة السلاح من الإرهابيين، رغم أنّ الرئيس التركي أُعطيَ فرصة أولى وثانية وثالثة للقيام بذلك.. والنتيجة كانت استمرار الإرهابيّين في ارتكاب جرائمهم البشعة على مرأى من القوات التركية التي توفر لهم الدعم والحماية.. وهذا يؤكد بأنه ما لم يتمّ استخدام القوة للقضاء على الإرهابيين في المناطق التي يتحصّنون فيها وتطهيرها منهم فإنهم سيبقون خطراً مستمراً يهدّد حياة السوريين واستقرارهم، وبالتالي استنزاف الدولة السورية ومنعها من استعادة سيطرتها على ما تبقى من مناطق محتلة من الإرهابيين، والبدء بمسيرة إعادة بناء ما أحدثته الحرب الإرهابية في سورية من دمار إنْ كان على صعيد الإنسان أو الاقتصاد أو الحجر.. ولهذا لم يعد بالإمكان إعطاء المزيد من الوقت للنظام التركي المخادع على حساب أرواح الشعب السوري واستقراره وأمنه، والفرص التي أعطيت أكدت إما أنّ الرئيس رجب أردوغان عاجز وغير قادر على تنفيذ الاتفاق، وانّ الإرهابيين خرجوا عن السيطرة، أو أنه يتهرّب عمداً من تنفيذ الاتفاق ويسعى الى الاستفادة من الفرص المعطاة له لإطالة أمد بقاء الإرهابيين لاستخدامهم ورقة ابتزاز للدولة السورية لمقايضتها بتنازلات عجز عن تحقيقها طوال سنوات الحرب.. وهذا بالطبع يستدعي من الدول الضامنة لاتفاق أستانة وسوتشي حسم الأمر واتخاذ القرار الذي يضع حداً لاستمرار هذا الابتزاز والتلكؤ التركي..
ثالثاً: إنّ الجريمة الجديدة تضع دول العالم ومجلس الأمن والأمم المتحدة أمام تحدّي رفع الغطاء عن هؤلاء الإرهابيين الذين تأكد خطرهم الدائم والمستمر على المدنيين، وبالتالي دعم الدولة السورية وحلفائها لتنفيذ عملية جراحية لتطهير إدلب وغيرها من المناطق منهم، وبالتالي تحرير المدنيين الذين تحوّلوا إلى رهائن لدى الإرهابيين…
رابعاً: لقد أثبتت وقائع الحرب أنّ المناطق السورية التي احتلتها الإرهاب لم يتمّ استعادتها إلا بالضغط العسكري المستمرّ الذي أنهى من جهة وجود الإرهاب فيها وساعد على إنتاج التسويات والمصالحات من جهة ثانية، وتحرير واستعادة إدلب لن يكون خارج هذا المسار.. وقد تكون دماء السوريين التي نزفت بالأمس في حلب عاملاً مسرعاً للقيام بهذه العملية..
ولن تستطيع تركيا أو الولايات المتحدة إعاقة قيام الجيش السوري وحلفائه بمثل هذه العملية بعد أن أصبحت موازين القوى مختلة لمصلحتهم، فسورية اليوم باتت أقوى وجيشها أقدر من أيّ مرحلة سابقة على حسم المعركة والتصدي لأيّ عدوان أميركي أو تركي، خصوصاً بعد أن امتلك الجيش السوري الخبرات العسكرية والقدرات الردعية المهمة وأهمّها صواريخ «أس 300» ما يجعل دول العدوان الأميركي والتركي والغربي في حالة تخبّط وعدم القدرة على التورّط في مواجهة واسعة مع سورية وحلفها المقاومة… وهذه الدول ستكون مضطرة إلى التراجع، كما فعلت أميركا لدى بدء الجيش السوري وحلفائه العملية العسكرية لتحرير جنوب سورية، حيث أعلنت واشنطن تخليها عن دعم إرهابيّيها هناك وتركهم يواجهون مصيرهم المحتوم.. أما إذا ما ارتكبت هذه الدول حماقة التورّط المباشر في المواجهة مع سورية وحلفها المقاوم فإنها ستواجه بتصدي قوي من قبل الجيش السوري وحلفه المقاوم من ناحية، كما ستواجه أيضاً، من ناحية ثانية، بمقاومة شعبية مسلحة حاضرة لخوض حرب استنزاف ضدّ القوات الأميركية والتركية المحتلة، بعد أن بدأت هذه المقاومة، منذ فترة، شنّ هجمات ضدّ قوات «قسد» المتعاملة مع قوات الاحتلال الأميركي في شمال وشرق الفرات…