عقب احتجاز خفر السواحل الروسي أول أمس، ثلاث سفن حربية أوكرانية انتهكت الحدود البحرية الروسية قرب مضيق كيرتش الواقع شرق شبه جزيرة القرم والرابط بين البحرين الأسود وآزوف، في سياق توتر جديد جراء الاستفزازات الأوكرانية، ودعم الناتو والغرب لها وسط هدوء أميركي.
عقب احتجاز خفر السواحل الروسي أول أمس، ثلاث سفن حربية أوكرانية انتهكت الحدود البحرية الروسية قرب مضيق كيرتش الواقع شرق شبه جزيرة القرم والرابط بين البحرين الأسود وآزوف، في سياق توتر جديد جراء الاستفزازات الأوكرانية، ودعم الناتو والغرب لها وسط هدوء أميركي.
روسيا
اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين، «أن كييف والغرب قرّرا اللجوء إلى تدبير الاستفزازات في بحر آزوف، بهدف تهيئة الأجواء لتشديد العقوبات ضد روسيا».
وقال كاراسين في تصريحات لوكالة «نوفوستي» أمس: «للأسف تحققت أسوأ مخاوفنا من أن الغرب وكييف اختارا بحر آزوف حلبة لنشاط استفزازي أوكراني يتسبّب بسرعة في فضيحة دولية يريدانها».
وتابع: «أهداف هذا الاستفزاز واضحة، وتتمثل في هزّ أوكرانيا عبر إعلان حالة التأهب، وحشد المشاعر المعادية لروسيا في الغرب، وتشديد العقوبات ضد روسيا».
وأشار كاراسين إلى أن «مثل هذه الأجواء ربما تسهل على الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو خوض حملته الانتخابية استعداداً للانتخابات الرئاسية المقررة في الربيع المقبل».
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس في معرض رده على هذه المطالب، «إن روسيا تنفذ تعهداتها المنبثقة عن مذكرة بودابست بحذافيرها».
وأوضح لافروف خلال مؤتمر صحافي في موسكو أول أمس، «أن المذكرة تتضمن التزامات الدول النووية الموقعة عليها بعدم استخدام الأسلحة النووية ضد أوكرانيا»، إضافة إلى الالتزامات المتعلقة بـ»مراعاة كافة مبادئ منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بلا استثناء».
وأضاف: «نحن نبقى ملتزمين بهذه التعهدات.. لكن تلك الوثيقة لا تتضمن أي التزام للدول الموقعة بأن تتحمل انقلابات عسكرية منافية للدستور، أو أن تقف صامتة ومكتوفة الأيدي إزاءها، ناهيك عن دعمها. فمبادئ منظمة الأمن والتعاون، التي تبنتها أوكرانيا أيضاً عبر التوقيع على مذكرة بودابست، تمنع قطعاً تغيير السلطة بالطريقة التي وقع ذلك بها في كييف في فبراير عام 2014».
ألمانيا
فيما أبدى وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، «استعداد بلاده إلى التوسط بين روسيا وأوكرانيا لتطبيع الوضع حول بحر آزوف».
وعبر ماس، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإسباني، جوزيب بوريل، أمس، عن «قلقه إزار تطور الوضع في بحر آزوف وأضاف أن ألمانيا ستدعو الطرفين، خلال لقاءات رباعية النورماندي الخاصة بالتسوية الأوكرانية، إلى ضبط النفس».
وأضاف: «إذا اقتضت الضرورة، ستقوم ألمانيا بدور وسيط كي لا يتحوّل الحادث أزمة خطيرة»، داعياً روسيا إلى «ضمان حرية الملاحة في بحر آزوف».
وشدد ماس على أن «إغلاق روسيا لمضيق كيرتش أمر غير مقبول»، مشيراً إلى أن «الوضع حول شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا يهدد أمن أوروبا».
إسبانيا
بدوره، عبر وزير الخارجية الإسباني عن «اتفاقه مع الموقف الذي أعلن عنه في وقت سابق السلك الدبلوماسي الأوروبي الداعي إلى الإفراج الفوري عن السفن الأوكرانية المحتجزة لدى روسيا وتقديم المساعدة لأفراد طواقمها».
وكانت مصلحة الأمن الفيدرالية الروسية أعلنت، أمس، «أن 3 سفن تابعة للقوات البحرية الأوكرانية خرقت الحدود الروسية أثناء توجّهها نحو مضيق كيرتش في بحر آزوف، أول أمس».
ولم يستجب قبطان السفن لمطالب قبطان السفن الروسية التي رافقتها، بالتوقف، بل واصلت «مناورتها الخطيرة»، الأمر الذي أدى لاحتجازها.
وأغلقت روسيا عقب الحادث مضيق كيرتش الرابط بين بحر آزوف والبحر الأسود أمام السفن المدنية لدواعٍ أمنية، وفتحته اليوم.
الناتو
من جهته، دعا الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ روسيا إلى «الإفراج عن البحارة والسفن الأوكرانية الذين احتجزتهم البحرية الروسية في بحر آزوف بعدما خرقوا المياه الإقليمية الروسية».
وأضاف ستولتنبرغ، خلال مؤتمر صحافي عقده عقب اجتماع طارئ للحلف بطلب من أوكرانيا أمس، «أن ما حدث أمس من التصعيد في بحر آزوف أمر خطير جداً»، معتبراً أنه «لا يوجد أي مبرر لاستخدام القوة العسكرية ضد السفن الأوكرانية وطواقمها، لذا ندعو روسيا إلى الإفراج فوراً عن البحارة الأوكرانيين والسفن التي احتجزتها أول أمس».
وأكد أن «جميع الدول المتحالفة ضمن الناتو عبرت عن دعمها الكامل لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها».
أوكرانيا
بدورها، اعتبرت رئيسة حزب «باتكيفشينا» الأوكراني المعارض يوليا تيموشينكو، «أن من حق بلادها أن تطلب دعماً، بما في ذلك عسكري من شركائها الدوليين، على خلفية حادث مضيق كيرتش أول أمس».
وكتبت تيموشينكو على الفيسبوك أمس: «في هذه الظروف الاستثنائية لدينا كامل الحق في مطالبة دول العالم والمؤسسات الجماعية العالمية للأمن بأن تقدم لنا دعماً ملموساً وواضحاً وفعالاً، بما في ذلك عسكري».
وأضافت تيموشينكو التي تعتبر من أقوى منافسي الرئيس بيترو بوروشينكو في الانتخابات الرئاسية المقررة في الربيع المقبل، «أنه حان الوقت للدول الضامنة لأمن أوكرانيا وسيادتها أن تفي بالتزاماتها المنصوص عليها في مذكرة بودابست للضمانات الأمنية للعام 1994».
تصريحات تيموشينكو تناغمت مع دعوة بوروشينكو الدول الموقعة لمذكرة بودابست، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا، إضافة إلى روسيا وأوكرانيا، لتوحيد الجهود من أجل حماية السيادة الأوكرانية، على ضوء أزمة مضيق كيرتش.
فيما ذكر الرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، أنه وقع أمس مرسوماً يقضي بفرض الأحكام العرفية في أراضي أوكرانيا، وسيقترح على برلمان البلاد تطبيق هذا النظام خلال مدة 30 يوماً.
وقال بوروشينكو، في كلمة ألقاها أمس: «إنني باعتباري رئيس أوكرانيا والقائد الأعلى للقوات الأوكرانية نفذت واجبي الدستوري وفرضت منذ ساعات عدة بمرسوم خاص الأحكام العرفية على كامل أراضي أوكرانيا لتكون سارية اعتباراً من الساعة 09:00 من يوم 28 تشرين الثاني».
وفي هذا السياق، أفاد بوروشينكو بأنه «سيعرض على البرلمان الأوكراني الرادا تطبيق نظام الأحكام العرفية في البلاد لمدة 30 يوماً».
وشدّد على أنه «اتخذ هذا القرار لضمان ألا يؤثر نظام الأحكام العرفية على الحملة الانتخابية»، موضحاً أن الانتخابات الرئاسية يجب أن تجري يوم 31 آذار 2019 وفق ما خطط له مسبقاً».
وأشار الرئيس الأوكراني مع ذلك إلى أن «فرض الأحكام العرفية لا يعني تخلي كييف عن الطريق السياسي الدبلوماسي للأوضاع شرق البلاد»، لافتاً إلى أنه أبلغ «الزملاء الغربيين» بهذا الأمر.
كما تعهد بأن «فرض هذا النظام في أوكرانيا لن يؤدي إلى اتخاذ إجراءات لتقييد حقوق وحريات المواطنين».
وسبق أن ذكرت الرئاسة الأوكرانية أن بوروشينكو صادق على مرسوم «الإجراءات الطارئة لضمان سيادة الدولة الأوكرانية واستقلالها فرض الأحكام العرفية في أوكرانيا»، الذي أصدره مجلس الأمن القومي والدفاع في البلاد وتنص الوثيقة على أن هذا النظام سيكون سارياً اعتباراً من 26 نوفمبر وحتى 25 يناير 2019، مع بدء إجراءات التعبئة الجزئية للقوات الاحتياطية، وذلك على خلفية احتجاز القوات البحرية الروسية لـ3 سفن حربية أوكرانية خرقت أمس الأحد حدود روسيا خلال عبورها من بحر الأسود إلى بحر آزوف.
لكن البرلمان الأوكراني لا يصادق على هذا القرار، واتهم بعض النواب بوروشينكو بالسعي لإلغاء الانتخابات الرئاسية المقبلة.