الناشف: لم تتحقق المكاسب الكبرى إلا باعتماد المقاومة كخيار استراتيجي لاستعادة كلّ الأرض
أقامت الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية أمس تجمّعاً بمناسبة «اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني» أمام مقرّ الأسكوا في العاصمة اللبنانية بيروت، وذلك دعماًً للمقاومة واستنكاراً للتطبيع مع العدو.
وألقيت بالمناسبة العديد من الكلمات التي شدّدت على الوقوف إلى جانب الفلسطينيين، وألقى كلمة كتلة التنمية والتحرير عضو الكتلة النائب محمد خواجة، فيما ألقى كلمة منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان أمين سر المنظمة فتحي أو العردات، وكلمة المقاومة الإسلامية ألقاها عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي، كما ألقى ممثل حركة حماس أحمد عبد الهادي كلمة التحالف الفلسطيني.
كلمة رئيس الحزب
وألقى رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف كلمة باسم الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية، واستهلها قائلاً: عجباً لهذه الأنظمة العربية، تلك التي تساوم على فلسطين وتترك الفلسطينيين يتعرّضون لأسوأ أنواع الاضطهاد والتنكيل والفتك على يد آلة القتل الصهيوني كلّ يوم!
عجباً للأنظمة العربية تلك التي رفعت يوماً شعار «لا تفاوض لا صلح لا اعتراف» ونراها اليوم تهرول صاغرة الى الصلح والتطبيع مع العدو الصهيوني؟
سفحت كرامة هذه الأنظمة الفاسدة المتهالكة التي تمرّغ وجهها على أعتاب العدو «الإسرائيلي» لتنال رضاه ولتتآمر علناً على فلسطين، ولتجود بالأموال الطائلة التي «تُبيّض» أميركياً لترسل من ثم إلى «إسرائيل» آلات فتك حربية وقنابل ورصاص لقتل الفلسطينيين!
إنّ هذه الأنظمة، الساقطة أخلاقياً وإنسانياً وقيمياً، وسياسياً لا تمثل بل تخون إرادة الشعوب العربية التي لن تتخلى أبداً عن فلسطين.
إنها لمفارقة حقاً أن تتوسّل بعض هذه الأنظمة العربية صداقة وأخوّة العدو الصهيوني، في حين نراها تخترع عداوات جديدة لدول صديقة تدعم المقاومة في فلسطين، وذلك طبقاً للوصفة السحرية الأميركية «الإسرائيلية»!
ماذا فعلت بعض السياسات العربية بنا، زيّنت لنا بداية شعار إعادة اليهود إلى حيث أتوا، ثم تراجعت انحدارياً إلى شعار القبول بتقسيم فلسطين، ثم إلى قاع الذلّ تحت شعار صفقة القرن التي هي بمثابة إذعان كامل لمخطط تصفية المسألة الفلسطينية. وبهذا تحوّلت عندهم القضية الفلسطينية من قضية شعب وأرض مغتصبة، الى قضية فلسطينيين، ومن قضية حقوقية قومية غير قابلة للتجزئة إلى قضية لاجئين ذوي حقوق ببعض أرض، وببعض دولة، تقع تحت إشراف ورقابة العدو «الإسرائيلي» لتزويدها بالخدمات والمرافق والطاقة والأموال، وليحاصرها بالتقييد والخنق والضغط لغرض تحويلها إلى محمية «إسرائيلية»، ليتكفل قانون الدولة القومية اليهودية لاحقاً بإبادة ما تبقى من الفلسطينيين على أرض فلسطين.
كلّ المفاوضات التي جرت والتي ستجري أدّت وستؤدّي الى إطلاق يد العدو لتثبيت كيانه الاغتصابي على كلّ أرض فلسطين، والى خسارة حق الفلسطينيين في السيادة على أرضهم سيادة كاملة غير مجتزأة، وغير محاصرة وغير منزوعة السلاح. ولا نقول ذلك جزافاً، بل نقوله سنداً لما شهدناه ونشاهده على أرض الواقع وفي الميدان. قلنا ولا نزال نقول بأنّ صراعنا مع العدو الصهيوني هو صراع وجود وليس صراع حدود. انه صراع على كلّ الأرض، التي هي حق لأبناء شعبنا في فلسطين، وهي غير قابلة للتقسيم أو للتجزئة أو للتبديل أو للتنازل. وهي لن تُستردّ بالمفاوضات أو بالتنازلات. فهذا العدو المدجّج بالسلاح وبالتكنولوجيا المتقدّمة، وبعقدة التفوّق المزعومة والمشدود الى خرافة الوعد الالهي لن يخرج من أيّ جزء من أرض فلسطين إلا بالمقاومة. وحدها القوة هي القادرة على إجبار العدو على التسليم بحقنا.. ووحدها البندقية ستبقى المرجعية، وحده خيار المقاومة سيبقى هو الحلّ، وإرادة القوة والعمل لها والحصول على مستلزماتها ستبقى هي الحلّ، هذا ما شهدت به الوقائع على الأرض. لم تتحقق المكاسب الكبرى إلا باعتماد المقاومة كخيار استراتيجي لاستعادة الأرض كلّ الأرض.
انّ العدو «الإسرائيلي» ومن معه يحاولون خلق وقائع جديدة على الأرض، وحرمان الفلسطينيين، بل الشعوب العربية من القدس أيقونة فلسطين وعاصمتها إلى الأبد. وتداعيات هذه المحاولات لا تقتصر على شعبنا الفلسطيني وحده، بل تطال المنطقة العربية برمتها، فالأطماع «الإسرائيلية» والأميركية بالسيطرة على الأرض والمياه والطاقة والثروات، أطماع لا تقف بوجهها اتفاقات ومعاهدات وقرارات دولية. ولذلك لا بدّ من التصدي لهذا العدو، وواجب التصدّي لا يقتصر على عاتق الشعب الفلسطيني وحده، بل يلقي عبء التصدّي أيضاً على عاتق الشعوب العربية وقواها الحية الحزبية والنقابية والاقتصادية. وهذه القوى الحية في العالم العربي، الواعية والمدركة لحقنا القومي في فلسطين، ولخطر معركة الوجود في فلسطين، مطالبة بأن تتصدّى وتواجه بكلّ قواها، وتحشد كلّ طاقاتها في التصدّي لهذه الهجمة غير المسبوقة لالتهام فلسطين، والسيطرة على كلّ أرضنا القومية. وما غزو الإرهاب وقوى الظلام لأرضنا القومية ولدول الممانعة سوى جزء من هذه الهجمة المتوحشة الممتدّة من فلسطين إلى لبنان إلى الشام الى العراق. انّ انتصاراتنا التي نشهدها في هذه الحرب الكونية على أمتنا والتي تحمل دون شك بصمات الولايات المتحدة الاميركية والعدو «الإسرائيلي»، ستمهّد الطريق إلى بداية انتصاراتنا في فلسطين. وهنا نهيب بكلّ قوى أمتنا للتوحد كقبضة واحدة للمشاركة في محاربة التطبيع وفي معارك المصير. ونهيب بشعبنا الفلسطيني ان يتجه بشكل حاسم الى وحدته الوطنية، ليشكل مظلة سياسية موحدة لحماية الانتفاضة الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية. ونهيب بكلّ فصائل المقاومة الفلسطينية لتوحيد صفوفها، وإزالة أسباب الفرقة بينها، والخروج سريعاً من اتفاقية أوسلو والتحلّل من التزاماتها، ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال والانتقال بالمقاومة الفلسطينية الى المربع الأول كحركة تحرّر وطني شاملة لشعب تحت الاحتلال، يناضل لأجل استعادة أرضه ولسيادته الكاملة عليها، واستئناف التحرك السريع على المستوى الدولي لتحصين وحماية الحقوق الوطنية الفلسطينية.
نحن هنا لنرفع الصوت عالياً، أنّ في هذه الأمة، وفي هذا العالم العربي بكلّ ساحاته، أحراراً لا يرتضون الذلّ والهوان، ولا يقبلون التخلي عن ذرة تراب من أرض فلسطين، لذلك، نقول للأنظمة العربية السائرة في ركب التطبيع مع العدو، كفى تآمراً على أبناء شعبنا في فلسطين، وكفى هرولة نحو التطبيع، واعلموا أنّ في هذا العالم العربي، شعوباً حرة تختزن في نفوسها فيض كرامة، ولن تنتظر القدر من أجل الحياة الحرة، بل ستملأ الساحات رفضاً للتطبيع وتمسّكاً بالمقاومة خياراً للتحرير.
أختم لأقول: واهمة الأنظمة العربية في ظنها بأنّ التطبيع مع العدو سيجعل لها سوراً يحميها من غضب شعوبها، انّ كلّ أسوار العالم لا تحمي خائناً من غضب شعبه مهما طال الزمن، فشعبنا وكلّ الشعوب الحرة في عالمنا العربي والعالم لن تقبل بالأمر المفعول وسترفع من وتائر النضال بكلّ الأشكال رفضاً للتطبيع وتصدّياً لصفقة القرن ودعماً لخيار المقاومة سبيلا وحيداً للتحرير.
ومن هنا أحيّي كلّ من حمل السلاح وقاتل الإرهاب وقاوم لأجل فلسطين، ولأجل وحدة البندقية ووحدة القرار ووحدة الاتجاه حتى النصر الكامل.
مذكرة إلى الأمم المتحدة
وقد تشكل وفد باسم المعتصمين، حيث سلّم عضو المكتب السياسي لـ«الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين»» علي فيصل نص مذكرة إلى ممثل الأمم المتحدة في بيروت باسم الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية.
وتحدث فيصل باسم الوفد، آملاً بتسليم نص المذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس والعمل على تحقيق ما جاء فيها من مطالب مشروعة.
نص المذكرة
«تحتفل الجمعية العامة للأمم المتحدة باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 تشرين الثاني من كلّ عام، والذي تمّ الإعلان عنه منذ ما يقارب الأربعين عاماً، تعبيراً عن الوقوف إلى جانب شعب مظلوم، أرضه محتلة، ويتعرض لشتّى أنواع القهر والتنكيل من قبل الإحتلال «الإسرائيلي».
وأضافت «أربعة عقود مرّت منذ ذلك الإعلان، وفلسطين ما زالت محتلة، وشعبها يعاني من التشريد والقتل والحصار والتجويع كلّ ذلك يجري أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، وعلى رأسه منظمة الأمم المتحدة، هذا العالم الذي لم يعد يوجد فيه إلا قلة قليلة من الأصوات الحرّة التي ترتفع بين الحين والآخر بوجه الهمجية «الإسرائيلية» المدعومة أميركياً ودولياً».
وتابعت «في هذه المناسبة نرفع إليكم هذه المذكرة بصفتكم مؤتمنين على السلام والأمن الدوليين، من خلال موقعكم على رأس المنظمة الدولية الأهم، ولكونكم شاهداً مباشراً على الممارسات والجرائم التي ينفذها الإحتلال «الإسرائيلي» بحق الشعب الفلسطيني».
ولفتت الى أنه «بعد مرور أكثر من سبعين عاماً على احتلاله، يستمرّ الكيان «الإسرائيلي» باغتصاب فلسطين وتشريد أهلها وشعبها، مستفيداً من دعم أميركي ودولي غير مسبوق لتكريس احتلاله، إضافة إلى عجز الأمم المتحدة عن إلزامه بتنفيذ القرارات الدولية بسبب الضغوط حيناً، والتدخل الأميركي من خلال حق النقض «الفيتو» حيناً آخر».
وعرضت المذكرة بعضاً من الممارسات «الإسرائيلية» وغيرها بحق الشعب الفلسطيني، وهي كالتالي:
1 ـ استمرار الاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين، ومصادرة الأراضي والممتلكات في العديد من المدن والبلدات، إضافة إلى جرف المنازل وقطع الأشجار، الأمر الذي يمثل انتهاكاً صريحاً لشرعة حقوق الإنسان وحق العيش الكريم والحق في المسكن وحق الحياة وتأمين مصادر العيش.
2 ـ استمرار الاستيطان وبناء المستوطنات على أراضي الفلسطينيين، لإحداث تغيير ديمغرافي وسكاني تمهيداً لطرد السكان الأصليين من أرضهم وممتلكاتهم، وإقرار قانون يهودية الدولة العنصري.
3 ـ قمع التظاهرات المطالبة بحق العودة بالقوة، الأمر الذي يؤدّي إلى سقوط شهداء وجرحى من المدنيين، أمام صمت دولي رهيب ومريب.
4 ـ استمرار اعتقال الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني دون مبرّر شرعي أو قانوني، بسبب رفضهم للإحتلال، ومعاملتهم بأشدّ الأساليب قسوة، في مخالفة واضحة لحقوق الإنسان في الحرية والعدالة.
5 ـ الاستمرار في الاعتداءات اليومية على الشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة، والتي كان آخرها محاولة تنفيذ عملية اغتيال في قطاع غزة سقط خلالها عدد من الشهداء والجرحى.
6 ـ استمرار حصار الشعب الفلسطيني في غزة وخان الأحمر وبقية المناطق، ومنع وصول المساعدات إليه، في واحدة من أطول عمليات الحصار التي تعرّض لها شعب عبر التاريخ.
7 ـ الاستمرار في محاولات تهويد مدينة القدس، عاصمة فلسطين الأبدية، والتضييق على الشعب الفلسطيني في ممارسة شعائره الدينية، في انتهاك واضح لحرية المعتقد.
8 ـ استمرار الدعم الأميركي للكيان الغاصب من خلال العمل على تنفيذ ما يُسمّى بـ «صفقة القرن»، لإنهاء حق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، ومحاولة فرض هذه الصفقة بالقوة والإكراه، والضغط على الدول المؤثرة للسير في هذا الإتجاه.
9 ـ وقف المساعدات الأميركية لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، في محاولة لتوطين اللاجئين في الدول التي يقيمون فيها أو دفعهم للهجرة إلى دول أخرى، لإسقاط حق العودة وإسقاط القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
10 ـ استمرار الدعم الأميركي اللامحدود للكيان المحتلّ عبر مدّه بالأموال والسلاح وحمايته في المحافل الدولية، وخاصة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي من خلال حق النقض «الفيتو»، إضافة إلى القرار الجائر باعتبار القدس عاصمة ما يسمّى بدولة «إسرائيل» ونقل السفارة الأميركية إليها، ودفع الدول الخاضعة للهيمنة الأميركية للقيام بالأمر نفسه.
وأمام كلّ ما تقدّم، أكدت الاحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية على ما يلي:
أولاً: إنّ فلسطين هي وطن الفلسطينيين جميعاً، ولا يحق لأيّ جهة في هذا العالم سلبها أو التنازل عنها أو تشريع احتلالها مهما كانت الظروف، والقدس هي عاصمتها الأبدية وستبقى كذلك.
ثانياً: إنّ المقاومة هي حق مشروع للشعب الفلسطيني لإستعادة أرضه، وقد كفلته كلّ الشرائع السماوية والقوانين الدولية، كما ضمنه ميثاق الأمم المتحدة.
ثالثاً: إنّ الممارسات «الإسرائيلية» الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، من قتل واعتداء، هي جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي، وتقع على عاتقكم مسؤولية وضع حد لهذه الممارسات، بصفتكم مؤتمنين على السلام والأمن الدوليين.
رابعاً: على الأمم المتحدة تنفيذ قراراتها المتعلقة بوقف الإستيطان وإلزام الكيان الصهيوني بذلك.
خامساً: المطالبة بالتدخل الفوري للعمل على الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الإحتلال ووقف الانتهاكات وأعمال التعذيب بحقهم، ليعودوا إلى أهلهم وذويهم.
سادساً: ضرورة العمل على تأمين التمويل اللازم لوكالة الأونروا، لأنّ المسؤولية تقع على عاتقكم، ومصير مئات الآلاف متعلق بالمساعدات التي تقدمها لهم هذه المؤسسة.
سابعاً: نؤكد على حق الشعب الفلسطيني في المطالبة بالعودة إلى أرضه، ونطالبكم بتأمين الحماية لكلّ أشكال التعبير والتظاهر التي يقوم بها، وخاصة مسيرات العودة، من خلال وضع حدّ للإعتداءات الإسرائيلية عليها.
ثامناً: إدانة الجرائم الصهيونية والصمت الدولي عنها، والعمل على رفع الحصار عن غزة وخان الأحمر وكافة البلدات الفلسطينية.
تاسعاً: رفض «صفقة القرن» تحت أيّ اعتبار، وإدانة كلّ ما من شأنه منع الفلسطينيين من تقرير مصيرهم وعودتهم إلى أرضهم التي هُجِّروا منها.
عاشراً: تقديم كلّ أشكال الدعم للشعب الفلسطيني ومؤازرته في نضاله العادل والمحق، والعمل على تأمين ظروف العيش الكريم له.
وختمت المذكرة بالقول «سعادة الأمين العام إنّ تاريخ الأشخاص يُقاس بخدماتهم للبشرية، وأنتم في موقع الشاهد على ما يجري من ظلم بحق الشعب الفلسطيني، لذلك فإننا نتوجه إليكم لتكونوا أيضاً في موقع من ينصر الحق ويسعى للعدالة ويدعم المناضلين من أجل الحرية. اليوم فلسطين هي الشاهد علينا جميعاً، فلنكن شهداء على حريتها».