ماذا بعد أستانة 11؟
حميدي العبدالله
كما كان متوقعاً لم يسفر اجتماع أستانة في جولته الحادية عشرة عن أيّ نتيجة تذكر سوى التأكيد على المبادئ التي كانت تتردّد دائماً في البيان الختامي للجولات السابقة، ولا سيما التركيز على مكافحة الإرهاب والعمل على إيجاد حلّ سياسي للأزمة القائمة في سورية.
معروفٌ أنّ الجولة الحادية عشرة ناقشت بشكلٍ أساسي مسألتين، الأولى تشكيل اللجنة الدستورية، والثانية تنفيذ اتفاق سوتشي.
وبات واضحاً أنّ تعثر تشكيل اللجنة الدستورية، وتحديداً تسمية الثلث الثالث من أعضائها، مسؤول عنه المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الذي أصرّ على حقه في تسمية أعضاء هذه اللجنة، ورفض سورية وروسيا وإيران لذلك لأنّ هذا اعتداء على الحق الحصري للسوريين في هذه المسألة، وهو حق طالما أكدته جميع البيانات الصادرة عن المحافل الدولية التي صدرت حول الوضع في سورية. ولكن لوحظ عدم الإشارة إلى مصير اتفاق سوتشي الموقع بين روسيا وتركيا وأنّ هذا الاتفاق لم يطبّق، حيث أن جولة أستانة الجديدة لم تتطرّق إليه في بيانها الختامي، ولكن تحدّث عنه بوضوح الرئيس الروسي باعتبار أنّ روسيا هي شريك تركيا في هذا الاتفاق، وقد عبّر الرئيس الروسي عن تقييم روسيا لما آل إليه الاتفاق بعد لقائه الرئيس التركي على هامش قمة مجموعة العشرين.
لقد كان الرئيس الروسي واضحاً وصريحاً ولم يجامل الرئيس التركي، فأعلن: «أننا قلقون تجاه الوضع في إدلب في سورية والشركاء الأتراك لم يحققوا نجاحاً هناك حتى الآن»… واضحٌ من عبارات الرئيس الروسي التي جاءت رداً على اقتراح أردوغان عقد قمة ثانية حول إدلب تجمعه مع الرئيس الروسي، أنّ موسكو تحمّل تركيا مسؤولية تعثر الاتفاق، وأنّ عبارة لم تحقق نجاحاً حتى الآن، يمنح الرئيس التركي مهلةً قصيرة للوفاء بالتزاماته بموجب اتفاق سوتشي، لأنّ عقد قمة ثانية في حين أنّ قرارات القمة الأولى وما تمّ الاتفاق عليه لا تزال حبراً على ورق لا يعني شيئاً، وبالتالي المطلوب أولاً أن تثبت تركيا قدرتها على تطبيق الاتفاق وتظهر عزمها على ذلك، وهذا له الأولوية.
لقد رمى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الكرة في ملعب الرئيس التركي والمهلة محدودة ومحدّدة وليست مفتوحة، والجيش السوري وحلفاؤه والقوة الجوفضائية الروسية جاهزون لفرض تطبيق اتفاق سوتشي إذا كانت تركيا عاجزة أو لا تريد الوفاء بما التزمت به. ويبدو من خلال بعض المؤشرات أنّ عمليةً عسكرية واسعة سيُصار إلى تنفيذها لتفعيل اتفاق سوتشي، ولعلّ أبرز هذه المؤشرات إقدام تنظيم جبهة النصرة على نسف الجسور على جبهة العيس في ريف حلب الجنوبي المتاخم لريف إدلب الشرقي.