لوحات تشكيليّة وفوتوغرافيّة لجداريّة الحرب والأمل

نيرمين فرح

تتماهى تلك الجدارية الضخمة بأبيضها وأسودها مع حائط في مكان يحمل عراقة سورية منذ ألف السنين، لتشكل الامتداد التاريخي لرمزية الحرب والأمل، حاملة تفاصيل اختارتها عيون على سورية لتعبّر عما تعيش الآن من حزن وأمل.

معرض «عين على سورية» بجداريته الضخمة المكوّنة من 104 لوحات متنوعة الاختصاصات الفنية، يقام حالياً في خان أسعد باشا عريق النسب السوري، يجمع إنتاج سنة كاملة لثمانية وعشرين فناناً من سورية والعراق وفلسطين، يضيف كلٌّ منهم صورة سورية من خلال عينه.

يقول أحمد الخطيب، فنان فلسطيني وعضو في تجمع فناني فلسطين «أنّ «عين على سورية تعني العين الساهرة على حماية الوطن، عين سورية بأملها وحزنها، مؤكداً أنّ اختيار الأبيض والأسود كان بدءاً لتسهيل العمل، ثمّ تحوّل إلى رمزية تحمل التناقض الذي يختبره كلّ من يحب سورية»، وعن اختيار خان أسعد باشا للمعرض يوضح الخطيب أنّ زخمه التاريخي ووجوده في عمق العاصمة وأمان مكانه، أمور جعلته الأفضل.

وحول لوحاته الثلاث التي يشارك بها في المعرض يضيف الخطيب أنها تفسّر الواقع الراهن للسوريين، وترصد معاناتهم التي جرّتها عليهم الحرب، عناوين اللوحات: «لما تركت الحصان وحيداً» و»العشاء الأخير» و»منطقة في دمشق».

الفنانة السورية أريج نكد التي تعمل في وكالة الأنباء السورية سانا تشارك بخمس لوحات، ثلاث منها فوتوغرافية واثنتان رسم أكريليك، وفي إحدى لوحاتها رسمت سكة القطار مؤطرة ضمن مثلث، في محاولة إسقاط على الواقع السوري الذي تسبّبت الحرب. وتتمنى نكد مثل كلّ سوري نهاية تحمل الأمل، ويشكل الإطار من وجهة نظر الفنانة «الإعلام الذي يؤطر هذا الواقع، وكيف يمكن أن يتحوّل المواطن السوري إلى خبر في أي لحظة».

الفنان معتز العمري يشارك من ناحيته في الجدارية بسبعة عشر عملاً تتنوّع بين الرسم والغرافيك، بتقنية طباعة شاشة حريرية، موضحاً: «إن الفنان الفلسطيني جزء من الواقع السوري، كون سورية وطنه»، وهذا ما تؤكده أيضاً الفنانة مانويلا صبح المشاركة بثلاثة أعمال تحت عنوان «رفاة الروح»، وترى أنّ أهمية المشاركة في حدث فنّي مماثل تنبع من كونها تعكس إصرار الشباب على حماية الفن، وتقديم رؤيتهم حول ما يحدث في وطنهم، بأسلوب راق.

الفنان محمد الشايب المقيم في السويد يشارك بثلاث لوحات تجسّد كلّ منها تفاصيل من حياته وحياة الملايين في سورية.

الفنانة أسماء الدوس تقول من ناحيتها: «إنّ تجربتي مع التجمّع من أكثر التجارب المثمرة التي مررت بها على صعيد العمل، إذ أتاحت لنا الورش الجماعية تبادل الخبرات لناحية التقنيات الفنية المتعددة والأساليب الفنية»، موضحة أنها تشارك بأربع لوحات فوتوغرافية، في حين شارك الفنان معتز موعد بلوحات ضمن جدارية «عين على سورية» وأعمال فوتوغرافية بينها واحد عنوانه «صمت» حاول من خلاله «نقل الصمت العاجز في داخله حيال ما يحصل حوله من حوادث مروّعة» على حدّ تعبيره.

أمّا مشاركة الفنانة آلاء الكيلاني فهي مختلفة قليلاً بما جسّدته لوحاتها الثلاث من مواضيع أنثوية تحكي عن الحب والهواجس الذاتية فى علاقات متداخلة بين الحلم والواقع، وتقول: «أحببت أن أشارك بلوحاتي في هذا المعرض الذي يقدم مجموعة من الفنانين الموهوبين، على أمل أن يكون تجمّعنا الفني مزدهراً بألوان الفنون المتنوعة كافة، إذ نحاول بذل جهدنا لجمع التنوع الفني والروح الشبابية الواحدة».

سوريون وفلسطينيون وعراقيون تجمعهم فكرة واحدة هي سورية، ولا يجدون أجمل من الفن للبوح بما يجول في نفوسهم حول هذه الفكرة، ليظلّ الفن أرقى لغات العالم وأكثرها جمالاً في التعبير والوصول إلى الآخر أينما كان وأيّاً كان.

يستمرّ المعرض إلى 20 من الجاري بدعم من بعض الهيئات مثل الاتحاد العام للفنانين التشكيلين الفلسطينيين وتجمّع فناني فلسطين، وجمعية «نور للإغاثة والتنمية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى